
المعني هنا ب (النخاسة) ليس التي برع فيها الزبير باشا رحمة . القصد هو تحول ولاء نواب الشعب يعد الفوز تحت قائمة حزب معين ، لتحويل الولاء ثمنا ، ترتفع قيمته بحسب دائرة العضو واحتياج أهل منطقته ، الوعد بحفر بئرأو توفير(نفاسة) أي قابلة لتوليد الحوامل من النساء ، ربما كان الحافز رخصة استيراد تجارية لاستيراد سلع من الخارج ، كلها كانت من أدوات الوفاء ثمنا لإتمام التحول.
عادة تتم الصفقات بسرية تامة ثم يشهر أو يعلن العضو المنتخب من قبة البرلمان انسلاخه ويسمي حزبه الجديد، تثار زوبعة في الصحف لعدة أيام ثم تتأقلم النفوس والمواقف مع الوضع . تحول العضو البرلماني من حزب الي حزب اخر داخل السودان كانت الصحافة تطلق عليه (النخاسة) تشبيها للعملية بتلك ست الاسم في عهد تجارة الرقيق التي منعها الانجليز.
بيع الولاء بثمن في السودان اقتصر علي نواب البرلمان في حقبة ما بعد الاستقلال ، الخدمة العامة عصمتها قوانين المستعمر، كانت الخدمة المدنية أداة التنفيذ المهنية لإنزال أنظمة وقوانين حكومة صاحب الجلالة ملك بريطانيا . ذلك ما عصمها الي أن جاء عهد التمكين . رأي حكم (الاخوان) في الخدمة المدنية أداة القهر والتسلط علي رقاب الشعب ، الفصل التعسفي وإحلال كوادر الاخوان تمكينا هو من نوع (النخاسة) ، للأسف طالت الجسم الفني والمهني لا وقفا علي البرلمان الذي يستطيع الناخب أن يغير فيه العضو بانقضاء فترة محددة . الموظف في الخدمة المدنية تحت سياسة التمكين يصعب تغييره.
شاءت ارادة المولي فتقا في أرض الاخوان ، القصر والمنشية أرضان توزعت بينهما الولاءات ، مفهوم النخاسة ساد والكل يتوق للطعام الدسم عند عمر البشيرفي القصر، ما بقي في المنشية أيضا كان يطمع في قسمة أكبر بعد أن تدور الدوائر وينجح انقلاب الشيخ الترابي الذي لا محالة ات بحسب الظن ، طال الانتظار في حزب أرض المنشية وتململ وتعجل البعض الثمن واثروا ما حصلوا عليه من وعد عند البشير. التخاسة تحولت بين الحزب الواحد والثمن ارتفع من (نفاسة) ورخصة استيراد الي منصب وزاري أو دبلوماسي.
تمددت عمليات النخاسة الي جسم الخدمة العامة ، شهد السودان لأول مرة في تأريخه جاسوس من أصل سوداني يحمل جواز دولة أخري ويمسك بمفاصل الدولة مساعدا لرئيس الجمهورية ، ينسحب بهدوء تام بعد انكشاف امره ويعود من حيث صدرت جنسيته وجوازه الاجنبي. تعددت عمليات بيع الذمم بين المتنفذين في جهاز الخدمة العامة ، تجنيب الاموال العامة أعطي ذلك النفر القدرة علي تكوين شركات تعمل لحسابهم الخاص في استيراد المواد التموينية لحكومة السودان مقابل عمولات يحصلون عليها . لم تقف النخاسة عند ذلك بل صارت سلوكا يمارسه حتي رئيس الجمهورية ، تصله الاموال في طائرات خاصة مقابلها معلوم ولا يحتاج الي كثير عناء.هو لا يخفي طلباته أيضا في الحماية وعلي الهواء يطلب من الرئيس الروسي حمايته من الامريكان الذين سبق أن فصلوا الجنوب بزعمه في ذلك الطلب المشين أمام العالم.
النخاسة في السياسة السودانية طالت اليوم رؤساء وزعماء بعض الكيانات في الساحة السياسية يتنقلون بين عواصم بعض الدول الخليجية ، يبذلون الوعد بموقف معين لصالح تلك الدولة المعطاء وربما أشركوا الابناء والأهل أيضا في حصة من قسمة العطايا ، حرزت الشرهات ووضعت بعيدا عن أعين المتطفلين في حسابات خارج السودان، لكنها تبين وتظهر في الوجوه والمطايا الحديثة.
هذا تطويف لتحفيز العقل السوداني ليتخيل اتجاه الرسم البياني لسوق النخاسة في السودان ويتدبر النقل الذي تم من معترك السياسة الي أن شمل أيضا الخدمة العامة بعد أن كان محصورا في نواب برلمان يمكن تغييرهم عبر صناديق الاقتراع . ونسأل الله العلي القدير أن يربط علي قلوب المشتغلين في ساحات العمل العام بالسودان ويجنبهم سوق (النخاسة) فهي اليد الدنيا والبيع الخاسر مهما غلا الثمن بسعر الدولار والدينار والدرهم والريال.
تقبلوا أطيب تحياتي.
مخلصكم/ أسامة ضس النعيم محمد