أخبار السودان

داخل مُخيّمات المتأثرين بالفيضان .. تفاصيل الفاجعة

شكاوى من نقص في الخيام ومعينات مكافحة الأمراض والأوبئة

الخرطوم: شجر ـ معتز- أم بلة ـ عديلة

ظلّت المناطق المتاخمة للنيل تتأثر بارتفاع مناسيب النيل خلال السنوات الأخيرة مثل منطقة الكلاكلة بجنوب الخرطوم ومناطق ود رملي والجيلي واوسي بشمال بحري، إلا أن هذا العام كان ارتفاع مناسيب النيل فاق كافة التوقعات، وتضررت مدن وقرى كبيرة جداً مما اضطر الأهالي للخروج من منازلهم منهم من وجد مخيماً للعيش فيه، ومنهم من يتوسد الأرض ويلتحف السماء في وضع مأساوي رغم الجسور الجوية التي سيّرتها الدول الشقيقة والصديقة للسودان، الآن الوضع ينذر بحدوث كارثه صحية وإنسانية..

“الصيحة” وقفت على تلك المخيمات وخرجت بهذه الحصيلة.

مشاهدات

عند دخولنا إلى مخيم الكلاكلة القبة شمال ورائحة التبول تفوح من كل مكان، ومشاهد الأطفال وهم يقضون حاجاتهم في العراء إلى جانب أكوام النفايات التي أحاطت بالمخيم من جميع جوانبه، كانت هي تلك المشاهدات الأولى التي تصطدم بها عند دخولك ذلك الموقع الذي يكتظ بالمواطنين شيباً وشباباً وأطفالاً ولم تتوفر أي أنواع من أدوات التهوية تحت تلك الخيام ومنهم من يتكئ تحت ثوب مثبت على عصي تقيه من هجير الشمس.

المشهد الثاني كان لأطفال وهم يستقبلون سيارتنا ملوحين بعلامة النصر في انتظار من يغيثهم، وفي اعتقادهم أننا الجهة التي سوف تقوم بتوزيع مواد الجسور الجوية القادمة للسودان من الخارج، كل منا يطلب تسجيل اسمه متسائلين ما إذا كانت هناك بطاقات أم لا مما جعلنا نشعر بالاستحياء لزيارتنا لهم نحن ولا نحمل لهم سوى نشر قضيتهم للمسؤولين.

ازدحام

في الخيمة الأولى وجدنا سيدة مع أطفالها السبعة, إلى جانب شقيقتها الأخرى بأطفالها جميعهم داخل خيمة واحدة لا تحتوي إلا على سريرين فقط مع مرتبتين، وقالت السيدة التي تبدو عليها علامات التعليم رغم الإرهاق الذي كان بادياً على وجهها قالت إنها تعيش تحت هذه الخيمة مع أطفالها وزوجها إلى جانب شقيقتها التي لم تتحصل على إيواء منفصل لها ولأطفالها، وأضافت أنهم يعيشون أوضاعاً مأساوية بعد أن فقدوا المأوى، حيث كانت تسكن مع أسرتها الكبيرة بالكلاكلة القبة مربع (1) شارع (15)، وكشفت للصيحة عن عدم وصول أي نوع من الدعم أو المساعدات من الجهات الحكومية وأنهم بهذا المخيم بفضل إدارة المدرعات بالقوات المسلحة التي قامت بتوزيع الخيام، ويتم توفير الوجبات عبر فاعلي الخير وبرنامج الغذاء العالمي، إلى جانب بعض الخدمات عبر الجمعيات النسائية، وأضافت أن الوضع الصحي ينذر بالخطر نسبة لعدم توفر دورات المياه بالمعسكر، وأنهم يلجأون إلى المنازل القريبة منهم لقضاء حاجتهم، إلا أن ذلك يعد أمراً صعباً لمن لديه أطفال، فضلاً عن تحسسهم من طرق الأبواب طيلة النهار، وقالت إنهم في حاجة إلى دعم مادي لعبور محنتهم، حيث أنهم سوف يبدأون من الصفر بعد انتهاء هذه الأزمة، وأشارت إلى أنهم يحتاجون إلى ناموسيات مشبعة وأسرّة إضافية، وأشارت إلى أن بعضهم يفترشون الأرض ليلاً ووصفت حالهم بالشحاذين، وناشدت كافة منظمات المجتمع المدني بالوقوف إلى جانبهم حتى يتمكنوا من عبور محنتهم.

شحذة على الهواء

وفي الجانب الآخر من المخيم وداخل مدرسة القبة الأساسية، كانت هناك مجموعة كبيرة من النساء يفترشن الأرض، وعلى أكتافهن أطفال صغار يصرخون من الجوع نسبة لتأخر وجبة الإفطار حتى الواحدة ظهراً لعدم توفر الخبز بالمخيم، وقالت إحدى الأمهات أن الأطفال لا يجدون ما يسد رمقهم من الخبز والحليب والذي يحتاج إليه الطفل في حياته اليومية، إلى جانب تعرضهم للإسهالات دون أن يستجيب الطفل للأدوية التي وُصفت له من قبل الطبيب الموجود بالمخيم.

فيما أكد الأفراد المتطوعون بإعداد الوجبات للمخيم لـ (الصيحة) أن الوجبات تكون جاهزة إلا أن انعدام الخبز دائماً ما يقف عائقًا أمام توزيع الأكل في مواقيته.

نقص حاد

وكشف محمد صديق مساعد صيدلي المسئول عن العيادة الصحية بالمخيم، عن انعدام تام لأدوية الطوارئ من أدوية الضغط والسكري وجميع أنواع المسكنات والمحاليل الوريدية وأملاح الإرواء للأطفال إلى جانب أدوية حساسية التنفس، كاشفاً عن انتشار الإسهالات وسط الأطفال مع انعدام علاج “الفلاجيل”، وعدم استجابتهم للعلاجات وتخوّف من انهيار الوضع الصحي لعدم توفر الأدوية ودورات المياه، مشيراً إلى أن وزارة الصحة قامت بتوفير أدوية للحالات الباردة فقط، مطالباً بتوفير معمل إلى جانب توفير كافة الأدوية وعلاجات الطوارئ ومطهرات الجروح، وعزا محمد صديق انتشار الإسهالات إلى أربعة محاور، الأول محور المياه والتي توفرها إدارة الدفاع المدني، وهي تحتوي على بعض الزيوت بعد خمس دقائق من تفريغها، وأن هيئة البيئة قامت بأخذ عينة لفحصها دون أن تمنحهم النتيجة حتى الآن، أما الجانب الآخر وهو المطبخ، والمحور الثالث دورات المياه المعدومة تماماً بعد أن قام فاعل خير بصيانة دورات المياه بالمدرسة، إلا انها لم تكتمل حتى الآن، واعتبر النفايات المتراكمة هي المحور الرابع في انتشار حالات الإسهالات، وطالب الجهات المسئولة بتدارك الموقف قبل الوصول لكارثة صحية في حالة إصابة واحدة بالكوليرا، لأنه سوف يتم إغلاق المنطقة بأكملها ـ على حد قوله.

جولات

قامت “الصيحة” بجولة على مخيمات المأوى التي تم توفيرها للمتضررين من فيضان النيل بأنحاء واسعة من العاصمة الخرطوم، حيث تلمّست الصيحة احتياجاتهم والمعاناة التي يعيشونها في الأكل والشرب وفي قضاء الحاجة، كما رصدت الصيحة قيام عدد كبير من رجال الخير بتقديم سلع غذائية وثياب للقاطنين بالمعسكر.

بمعسكر الكلاكلة غرب تحدث لـ (الصيحة) عدد من المتضررين، حيث قالت فائزة العالٍم إن ما وصلهم من دعم كان كله من فاعلي الخير.

وقالت مزاهر الياس ألوان بمخيم الكلاكلة غرب أنها كانت تسكن بمربع واحد شارع 15 الكلاكلة، وأنها كانت تسكن في راكوبة على البحر وغمرها النيل وطالبت بتوفير أراضٍ سكنية وقالت إن العدالة مفقودة في السودان، وأنها دخلت الخرطوم قادمة من جبال النوبة بسبب الحرب، وفي الخرطوم لم تجد الإنصاف، وقالت إن الدعم الذي وصلهم فقط من الخيرين.

فيما قال عبد الله آدم إن الحكومة بعيدة عن المخيم ولم يصلهم أي دعم خارجي، وأوضحت عشة محمد أنهم يحتاجون إلى أموال وإلى خيم وناموسيات وما تم توزيعه فقط ناموسيات للأطفال، وأوضحت أن بيتها تهدم بسبب

الفيضان..

لا وجود لمشاكل بالمخيم

من جهته قال أباذر ناصر إنه يتبع لقوات المدرعاتن وقال إن القوات المسلحة أول من تصدى لدرء آثار الفيضان، وقامت بتوفير الخيام للأسر المتضررة بمخيم الكلاكلة، وذكر أن بعض الناس حينما علموا بتقسيم الطعام في المخيم قدموا من مايو مبيناً أنهم رصدوا كل المتأثرين بالفيضان، مشيراً إلى أن المخيم تتوفر فيه كل المعينات ويقدم الطعام لكل المقيمين به.

فزع الكلاكلة

قام شباب الكلاكلة بمحلية جبل أولياء بمبادرة سموها فزع الكلاكلة، تم من خلالها ترتيب الأوضاع للمتضررين بالفيضان، وقال رئيس المبادرة نادر الطيب في حديثه للصيحة إنهم كشباب يعملون بشكل دؤوب لتوفير كل احتياجات الموجودين داخل المخيم، وذكر أن الجهات التي تدعم المخيم هي الدفاع المدني الذي يقوم يتوفير المياه بالإضافة لتوفير الخيم، وقال إن المدرعات توفر الأمن والحماية للمخيم، مضيفاً أن الدعم حتى الآن من فاعلي الخير وبعض منظمات المجتمع المدني فقط، وذكر أن الدعم في البداية كان دعماً ذاتياً من شباب الحي وشباب الكلاكلة عموماً.

أزمة الخبز

وأضاف أنه يحتاج يوميًا 1500 قطعة خبز للمخيم، مشيراً إلى أن الخبز يعتبر أكبر مشكلة تواجههم وأن العديد من الأطفال لا يحتملون الجوع لفترات طويلة، وناشد الجهات المسؤولة بحل هذه الأزمة، وقال إن الشخص الذي يوفر الخبز يومياً هو فاعل خير يقوم بتجميع الخبز من عدد من المخابز ويواجه صعوبة في تجميع الخبز لأن الأزمة في الخبز ما زالت مستمرة، وناشد أهل الخير للوقوف معهم للخروج إلى بر الأمان من هذه النكبة. وقال: يمكن توفير مخبز متحرك بالاستفادة من الكهرباء المتوفرة بالمدرسة التي أصبحت تستخدم كمخزن للمساعدات التي تصل للمتضررين.

تلوث ييئي

وكشفت جولة الصيحة بالمخيم (الكلاكلة غرب) عن وجود كميات هائلة من الأوساخ بجوار المخيم ــ كما هو موضح في الصورة ــ وكشف نادر أنهم قاموا برفع عشرة بلاغات بخصوص الأوساخ المحيطة بالمخيم، إلا أنهم لم يجدوا استجابة، مشيرًا إلى أنها قد تتسبب في إصابة المواطنين بالأمراض، وناشد الجهات المختصة بضرورة العمل على تحسين بيئة المخيم.

إيد أبو زيد تستغيث

ناشدت المواطنة أم عيد محمد بقرية إيد أبو زيد، الجهات المسؤولة بتوفير خيم ونواميس للأسر المتضررة بفعل الفيضان وتعالت أصوات الاستغاثة والمناشدات من قبل أهل القرية لأجل التدخل العاجل لدرء المخاطر في المناطق المحازية للنيل.

منازل منهارة

اجتاحت السيول منطقة التريعة بمحلية جبل أولياء، وأصبحت منازلهم منهارة، وتحدث المواطن أحمد إبراهيم إنهم يحمدون الله على سلامة أرواحهم وأنهم أصبحوا في العراء بسبب الفيضان، وأن منازلهم انهارت لقربها من النيل، مشيرًا إلى عدم وضع الترتيبات من ردميات وترس من قبل الحكومة لوقف انجراف مياه النيل، وناشد الجهات المسؤلة بمزيد من الاهتمام شاكرين زيارة الصحيفة لهم للوقوف على أوضاعهم.

تراخي المحلية

أوضح المواطن بمنطقة إيد أبو زيد، الخليفة علي، عن تراخٍ واضح من قبل الجهات المسؤولة (المحلية) وحمّلها السبب الرئيسي للأضرار، معضداً قوله بأن الردميات التي تم جلبها لم تكن في كل المنطقة كانت في الجزء الجنوبي فقط، وقال: بعد ارتفاع مياه النيل قامت جمعية الهلال الأحمر بجلب 3 قلابات لردم الجهة الشمالية لدرء الخطر الدي يهدد منازلنا وقام شباب الحي بوضع جوالات التراب ورغم ذلك تضررت العديد من المنازل، وحتى الآن ما زال الخطر مستمراً، مناشداً الجهات المسؤولة بتوفير المعينات المطلوبة للحد من مخاطر الآثار البيئية.

مناشدة بسيطة

وذكر عضو لجان المقاومة بالحي عبد الدافع أحمد أن عدد الأسر المضررة بإيد أبو زيد 107 أسرة وأنهم الآن يقطنون في رواكيب بسبب الفيضان لأنهم أصبحوا في العراء.

من جانبها ناشدت المواطنة أم فوت محمد الجهات المسؤولة بتوفير المعينات اللازمة من نواميس وخيام خاصة وأنها تقطن في منزل من قش “راكوبة” وقالت إن مياه المطر من فوقها والنيل غمر منزلها تماماً متمنية الاستجابة لطلبها الذي وصفته بالبسيط، وأضافت أنها أصبحت لا تنام بسبب خوفها من غضب النيل خاصة وأن منازلهم مطلة عليه.

تهتك مقابر

أثناء تجوالنا بإيد أبو زيد لاحظت كاميراً الصحيفة تهتكاً لمقابر الحي التي لا تبعد عن النيل بشيء، وذلك بسبب الفيضان الذي أدى إلى خروج العديد من الجثث بحالة يرثى لها، وأكد المواطن محمد يوسف أن النيل لم تسلم حتى المقابر من خطره هذا العام، مشيراً إلى ضرورة الاهتمام بإيد أبوزيد، وأضاف أن أبوزيد شمال معزولة عن الخدمات بأنواعها ليس بها ماء صالح للشرب ولا كهرباء، مشيراً إلى التردي البيئي الشنيع من بداية مدخل الحي.

مخيم التمنيات: سمعنا به في الإعلام

كشفت إدارة مخيم التمنيات بالسقاي لـ (الصيحة) عن بعض المشاكل التي تحتاج إلى حل عاجل من بينها عملية إسكان المواطنين الذين هجّرهم الفيضان الأخير، ورفعت اللجنة في مطلبها رسالة للدولة للإسراع في عملية إسكان المواطنين.

هذا وتحدث عن اللجنة عصام عثمان ومنصور الباقر متمنين أن تجد كلماتهم طريقاً للحل فيما يخص توزيع الأراضي لأن المخيم ليس بحل، لأنه عرضة لكثير من المشاكل خاصة المجتمعية، وأن الخريف لم ينته بعد، وأن المنطقه تقع في مصب لمياه السيل القادم من الشرق، ونخشى أن يحدث ما لا يحمد عقباه، وطالب بتوفير وحدة أمنية لحفظ الأمن، وعن المساعدات أكد أن أبناء المنطقه وكل أهل الريف بالداخل والخارج لم يقصروا، مطالباً بزيادة حجم العيادة الطبية التي تنشط فيها الوحدة المصرية الطبية ووزارة الصحة والوحدة الصحية بمحلية الجيلي، وعن الدعم الخارجي الكبير من دول العالم قال نسمع عنه في الإعلام فقط.

الصيحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..