مقالات سياسية

شعار ابتسم ان في القيادة …كيف يسترد

اسماء محمد جمعة

لا أعتقد أن هناك أحداً لم يتمنى في طفولته أن يدخل كلية الشرطة أو الكلية الحربية ، ولكن النظام المخلوع قضى على تلك الأحلام وأصبح من المستحيل أن يدخل الكليتين مواطن ما لم ينتمِ إلى الحركة الإسلاموية أو له علاقة بها بشكل ما، مهما توفرت فيه الشروط المؤهلة لدخولهما، وأعرف كثيرين بنوا أحلامهم على دخول إحدى الكليتين ولكن سرقت منهم و منحت لآخرين لم يفكروا فيها أصلا، وهذا ترك جرحا في نفوسهم ما زال يتاورهم حتى الآن ويشعرون بالحزن حين يجدون أنفسهم في مقر القوات المسلحة.
ذلك حدث في عهد الإنقاذ الذي رميناه خلف ظهورنا ونبتعد عنه الآن، ولكن ما دعاني لإعادة ذكره هو ما جاء في حديث القائد الأعلى لقوات الشعب المسلحة الفريق عبد الفتاح البرهان، حين قال خارج نص خطابه في المؤتمر الاقتصادي: نُريد استعادة وتطبيق شعار “ابتسم أنت في القيادة العامة”، ورغم أن المكان ليس لهذا الطرح ولكن (الفي قلبك بقلبك). والسيد البرهان لم يقل هذا الكلام من فراغ طبعا بل لأن الأمر يشغله، فهو يعلم كم الأسى والجراح والأحزان التي تراكمت على نفوس الشعب خلال عقود النظام المخلوع بسبب سياسته تجاه مؤسساتنا العسكرية عموما والتي صبر عليها الشعب إلى أن جاءت قاصمة الظهر فض الاعتصام .
وهنا لست بمجال التحدث عن تلك الفاجعة، ولكنها جعلت الناس غير قادرين على أن يبتسموا في حياتهم الطبيعية ناهيك من أن يفعلوا ذلك وهم في القيادة مكان الحدث، تلك الفاجعة خلفت كثيراً من المواطنين مصابين بمشاكل نفسية نتيجة رؤيتهم ما حدث، منهم من لا يستطيع المرور بشارع القيادة حتى الآن، ومنهم من لم يغادر داره أو لازال يعاني من الهلاوس أو لا يستطيع النوم أو لم تجف دمعته حتى الآن أيضا، هذا غير ما يتحمله الشعب من هذا الوضع و الحزن على الشهداء الذي شمل كل بيوت السودان، لذلك لابد من إزالة هذه التراكمات أولا، ولابد للسيد برهان أن يتخذ قرارات لمداواة هذه الجراح من خلال العدالة وطي هذه الصفحات بمعالجات مقنعة .
وفي الحقيقة مهما حدث يظل الشعب حريصاً على قواته المسلحة لأنه يعرف أن ما حدث كان بسبب أخطاء النظام المخلوع وهي شدة وتزول، ولكن أعتقد أنه قد آن الأوان أن تبادر القوات المسلحة بفتح صفحة جديدة تماما مع الشعب تلتزم فيها بالابتعاد عن كل ما يمكن أن يضعها في مواجهة معه، وأن تتخلص من كل الأعباء التي تراكمت على أكتافها دون وجه حق، وتترك السياسة التي جعلتها تتورط في مشاكل هي في غنى عنها، وتعود إلى ثكناتها، بعدما يكتمل هذا ويتأكد الشعب من الأمر يمكنه أن يبتسم وهو في القيادة بل ويضحك ملء شدقيه.
اسماء محمد جمعة <[email protected]>
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..