مقالات سياسية

العلاقات الخارجية يجب أن تُبني وفقاً لمصالح السودان وليس وفقاً للأيدلوجيا السياسية والأهواء الحزبية

نضال عبدالوهاب

بعد الثورة تغيرت كثير من طُرق التفكير لملامح إدارة الدولة السودانية .. وهذا التغير هو تغير موضوعي و منطقي لما ظلت تقوم به الحكومات المتعاقبة والنخب التي حكمت ، وبما أن الثورة جرفت معها الكثير من التقليدية والإحتكارية هذه في إدارة السودان ، في شعاراتها و برامجها و أحلام صانعيها ، ولا زالت تسير نحو تحقيقها علي أرض الواقع ، إذاً فإن من أهمّ ما يمكن أن يُساهم في تحقيق هذه الشعارات والبرامج والأحلام هو الواقعية السياسية في التفكير المرتبط بمصلحة السودان أولاً وأخيراً .. فلا مجال للسير في طريق يؤخر من تحول السودان للنموذج الذي نُريده جميعاً من حيث الوحدة و السلام و الإستقرار والعدالة والحُرية والديمُقراطية و الإنتعاش والنمو الإقتصادي ، وتمزيق فواتير الحرب والديون و الإرتهان للخارج ونحن نمتلك كل هذه الكنوز والثروات والموارد الطبيعية والبشرية و المساحة والموقع وغيرها من المُميزات ..

ومن أولي مظاهر هذه الواقعية السياسية هو تبنّي سياسة خارجية تفتح لنا الطريق لتحقيق كل هذه الأهداف ، فالعالم الحديث اليوم يقوم علي الإنفتاح والشراكات الدولية في كافة المجالات التي ترفع وتُعلي من شأن بلدنا ، بدلاً عن أن تكون تابعاً أو دولة صغيرة .. يمكن لنا أن نتحول في غضون فترة ليست بالطويلة لدولة قائدة ونموذج في إفريقيا والشرق الأوسط بل وكل العالم مستقبلا ً ليس بالبعيد إن نظرنا بذات الرؤية ، وتوحدت أهدافنا ووضعنا مصلحة الوطن عالياً فوق الجميع ! ..

علاقتنا يجب أن تقوي بأمريكا واوربا الغربية تحديداً ، فهم الأقرب للمدنية والديُمقراطية والمفهوم الحديث للدولة .. وقد عزلنا النظام السابق بسياساته العقيمة عنهم وباعد بيننا وبينهم ..

وفي ذات الوقت يجب أن نكون علي علاقات دبلوماسية جيدة مع الجميع بمن فيهم إسرائيل .. هذه مسألة مهمة لعملية الإنفتاح نحو الخارج وصناعة السلام والتعايش وتبادل المصالح والمنافع بعيداً عن الحساسيات والعواطف .. و يجب أن تقوي علاقاتنا الإفريقية خاصة مع دول الجوار كجنوب السودان وإثيوبيا و يوغندا وكينيا وتنزانيا وافريقيا الوسطى وتشاد .. يجب أن يزيد حجم التبادل التجاري مع العديد من الدول الإفريقية غرباً وجنوباً .. علاقتنا مع أمريكا يجب أن تكون إستراتيجية ويجب أن يفهم الأمريكان هذا جيداً ، فنحن لا نسعي فقط لرفع إسم السودان من قائمة الإرهاب ، فهذا أمر بديهي بعد الثورة والإنتقال المدني و الديمقراطي والتخلص من الإسلام السياسي والراديكالي فيه ، فالعلاقة بيننا يجب أن تسير وتُعمق وفق مصالح البلدين ، فالحوجة لها متبادلة وليست فقط لصالحنا ، هكذا يجب ان يكون حوارنا مع الأمريكان وصُناع القرار فيها ، ويجب كذلك أن تكون تلك العلاقة في مأمن من الصراع داخل الحزبين الكبيرين في أمريكا (الديمُقراطين والجمهوريين ) أو بتغير الإدارات فيها ، و يجب أن لا تخضع للحظة الآنية ، لكنها تمتد إلي العُمق ..

العلاقات مع دول الخليج ومصر يجب أن تمر عبر حوار ايضاً وفقاً إلي لغة المصالح وبعيداً عن التدخل في خياراتنا السياسية المتمثلة في المدنية والديمقراطية ، اما لغة الاوامر والتآمر و فرض الأجندة هذه تجعل هنالك حاجزاً ما بيننا كشعب ودولة وبينهم .. هذا مهم جداً لحماية المصالح المشتركة بيننا وبينهم و روابط الجوار والتاريخ المشترك ! ..

نعلم أن رؤيتنا بكاملها هذه قد تجد معارضة كبيرة وتعارُض مصالح من القوي السياسية التي تُسيطر عليها الأيديولوجيا يميناً ويساراً أو التفكير الإسلامي الأصولي الطائفي ..

أخيراً فالسودان يجب أن يُدار بإحترافية وواقعية سياسية في كل شئ و خاصة في مجال العلاقات الخارجية .. فطريقنا للدولة التي نُريد وسودان ما بعد الثورة يمر عبر هذه البوابة فقط ! ..

نضال عبدالوهاب
[email protected]

‫2 تعليقات

  1. أخيراً فالسودان يجب أن يُدار بإحترافية وواقعية سياسية في كل شئ و خاصة في مجال العلاقات الخارجية .. فطريقنا للدولة التي نُريد وسودان ما بعد الثورة يمر عبر هذه البوابة فقط
    على الاقل يبدو هذا ممكنا الآن ابان الفترة الانتقالية والتى لاتدار حتى الآن بالشكل المطلوب مما يلقى ظلالا من الشك فى افطارنا على ديمقراطية تشبه اخواتها وعندها نعود الى سيادة الدينى والايديولوجى ونضرب عرض الحائط بمصالح الوطن كما السيناريو المعتاد…..!!

  2. (وفي ذات الوقت يجب أن نكون علي علاقات دبلوماسية جيدة مع الجميع بمن فيهم إسرائيل !!!!)
    العلاقات الدوليه لا تقوم على الاراء الخاصه ولكنها تقوم على استفتاء من حكومه منتخبه وبرلمان معتبر …وليس حكومه انتقاليه.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..