مقالات وآراء سياسية

لا تلوموا عبدالواحد أو الحلو بل النخب السودانية (5-9)

عبدالله مصطفى آدم

لا تلوموا عبدالواحد أو الحلو بل النخب السودانية لعدم إلتزامها بالقيم الأخلاقية الإنسانية منذ المهدية (5-9)
” الرجل الأسود يكون فى أحسن حالاته إما جندياً أو رقيقاً. ”  مدير مديرية كردفان – الإدارة البريطانية (15)
و قال مارتن لوثر كينج: ” أسوأ مكان فى الجحيم محجوز لهؤلاء الذين يبقون على الحياد فى أوقات المعارك الأخلاقية الكبرى.”
*****
إن تاريخ السودان ممهور بالعنصرية و سفك دماء أبناء و بنات الهامش و إن محاولة النخب التى ورثت حكم السودان من الإستعمار إستغلال و إستعباد كل من صنفوهم بعدم الإنتماء الى العنصر الإسلامو-عروبى هى التى سببت كل المشاكل التى يعانى منها السودانيون اليوم. فالعنصرية المؤسساتية و التنمية غير المتوازية و التهميش الإقبصادى و سياسة فرق تسود, “ضرب العبد بالعبد”,  هى التى أرغمت أبناء و بنات الهامش لرفع السلاح للدفاع عن أنفسهم.

*****
توجد بعض الوثائق التاريخية التى توضح لنا كيف إستغلت النخب السودانية  وحلفائها من الطائفية و كبار التجار نفوذهم لحرمان البعض من أبناء و بنات الهامش الذين تم إسترقاقهم من نيل الحرية و كيف تم إستغلالهم و أيضا إستغلال  الهامش بأجمعه لجمع ثروات هائلة مكنتهم حتى بعد الإستقلال من السيطرة على السلطة ثم إعادة إنتاج نفسها حتى اليوم. و يكفى إستعرض وثيقتين لتوضيح ذلك.

الوثيقة الأولى هى, مذكرة السادة:
عندما كانت أجراس الحرية تدق فى كل أرجاء المعمورة و بالأخص فى القارة السمراء التى سلبها تجار الرقيق أكثر من أربعين مليونا من أبنائها و بناتها  و  منعت الدول الاروبية تجارة الرقيق و أرغمت ملاك الرقيق على تحرير عبيدهم. عندما كان الضمير العالمى فى أوج إنسانيته ضد الرق و لسان حاله أشبه – ب-  “حياة السود مهمة”, الشعار المرفوع الآن. فى تلك اللحظة المشحونة بالإنسانية و التضامن مع الأفارقة إجتمع فى يوم 6 مارس 1925 ثلاثة ممن نعتبرهم من الآباء الروحيين و المؤسسين للسودان الحديث, و هم على المرغنى و حسين الهندى و عبد الرحمن المهدى, وبدون أدنى خجل, و فى غياب كامل لأى رادع أخلاقى أرسلوا رسالة الى مدير المخابرات البريطانية فى الخرطوم قالوا فيها:
” الى مدير المخابرات فى الخرطوم.

نرى من واجبنا أن نشير أليكم برأينا فى موضوع الرق بأمل أن تولية الحكومة عنايتها. ” … كما تعلمون تمام العلم, فإن العمل فى الظرف الراهن هو أهم قضية فى السودان, و يتطلب علاجها الإهتمام الأكبر, فالحكومة و الشركات و الأفراد المهتمون بالزراعة يحتاجون لكل يد عاملة يمكن الحصول عليها لتسهم فى نجاح المشاريع …. إن  أغلبية الأرقاء الذين إعتقوا أصبحوا لا يصلحون لأى عمل, إذ جنح النساء منهم نحو الدعارة, و أدمن الرجال الخمر و الكسل … و إنه لمصلحة كل الأطراف المعنية, الحكومة و ملاك الأراضى و الأرقاء, أن يتبقى الأرقاء للعمل فى الزراعة. ” (16)

*****
بعدما إستلم مدير المخابرات مذكرة السادة, أرسلها الى السكرتير القضائى و السكرتير الإدارى للمشورة, و كان تعليقه إليهما كالآتى:
” ومما يستلف النظر حقا, أن يكون هناك أى موضوع يتفق حوله الأعيان الثلاثة. و هذا فى حد ذاته يدفعنى للإعتقاد أن المذكرة تستحق عناية فائقة”.
أرسل قاضى قضاة السودان الشيخ محمد أمين براعة رسالة إلى السكرتير القضائى مؤيدا ضمنيا طلب السادة بعدم تحرير الرقيق فورا,  و لكن لم يتفق السكرتير القضائى معه فى الرأى و كان من ضمن تعليقه على رد قاضى القضاة كالآتى:
” لو أن عرب السودان إتبعوا الموجهات الأخلاقية و الشرعية التى أتى بها رسولهم, لأمكن أن يقال الكثير فى دعم وجهة نظر قاضى القضاة, لكنهم, و بكل الأسى, لا يفعلون.” (16)

*****
مما تجدر الاشارة إليه أن كل الأرقاء السودانيين كانوا من أبناء و بنات الهامش و منطق هؤلاء السادة أن هؤلاء المهمشون لا تجدى معهم الحرية, فهم لا يعملون ألا أذا أستعبدوا .. عملا بالمثل العربى ” العبد يقرع بالعصى … .” و أيضا تبنيا لوجهة نظر مدير كردفان أن, ” الرجل الأسود يكون فى أحسن حالاته إما جنديا أو رقيقا.” تلك هى الأخلاق التى تحلى بها السادة فى عهد الإستعمار وورثوها الى أبنائهم. وقد تنبه مدير المخابرات فى عام 1925 إلى الحقيقة التى تؤكد إن زعماء الطائفية قد يختلفوا فى كل شيئ ما عدا إضطهاد و إستعباد إبناء و بنات الهامش لمنفعتهم الإقتصادية. و عليه فرضوا على الهامش التخلف لتسهيل إستغلال سكانه كأيادى عاملة غير مهمره و بأبخس الأجور فى المنشآت الإقتصادية المملوكة للرأسمالية الطفيلية فى الوسط.

*****
و لهذا فإن إلغاء الرق رسميا فى السودان بواسطة الإدارة البريطانية لم يزيل الوصمة من المحررين لأن النخب السودانية وسعت تعريفها للعبد لتشمل كل شخص لونه مشابه للون الأرقاء و كل من مارس مهنة كان يمارسها الارقاء قبل تحريرهم. وقد ذكر الأستاذ محمد أبراهيم نقد فى كتابه علاقات الرق فى السودان وضع الرقيق بعد ألغاء الرق فى السودان بقوله: .. ” أصبح وضع الارقاء أقرب إلى كونه مسألة اللون و المركز الإجتماعى, منه إلى إدعاء أو دعوى يستطيع المالك أن يرفعها.”
و السبب فى إنتشار ذلك المفهوم هو نسبة لوجود نوعين من الأرقاء فى السودان بإستثناء الجوارى, رقيق البيوت و هم الخدم و رقيق المزارع و هم عمال الزراعة. و علية إرتبط عمل الرقيق بمهنتى خدم البيوت و عمال المزارع. و لكن بعد إلغاء الرق واصل معظم الخدم “المحررين” و عمال الزراعة  “المحررين” فى خدمة سادتهم السابقين نسبة لعدم تأمين السلطات أى دخل يُمكن المحررين من الإنفصال عن سادتهم. و عليه أصبح الفرق الوحيد بين الرق قبل و بعد إلغاءه, أنه بعد الإلغاء أجبرت السلطات السادة على دفع اجور لعمال مزارعهم و خدم بيوتهم, و لكن نظرة المجتمع إليهم كرقيق لم تتغير. (17)

*****
و أنه من المؤسف أن يظل الرق يمارس سرا رغم إلغاءه فى السودان طوال الوقت حتى بعد الإستقلال فبعض ضباط الجيش و التجار عادوا من حرب الجنوب برفقة أطفال يستغلونهم فى الخدمة فى منازلهم بلا أجر و إدعوا بأنهم أيتام. بالإضافة إلى ذلك قرأ النائب بارود صندل  فى يونيو 2018 على البرلمان السودانى مقتطف تقرير من وزارة التنمية الإجتماعية ذكر فيه أن ديوان الزكاة صرف مبلغا كبيرا فى تحرير 32,420 من المسترقين. بالإضافة الى ذلك ذكرت منظمات حقوق الإنسان فى تقاريرها أن حكومة الكيزان السودانية متورطة فى تجارة الرقيق, تارة بغض النظر عن الممارسة و تارة أخرى بتسليح بعض القبائل و المليشيات التى تختطف الأطفال و تبيعم كرقيق. و ذكرت مؤسسات كنسية أيضا أنها إشترت حرية عددا مقدرا من العبيد من سادتهم وقد أنفقت مبالغ طائلة لتحريرهم. و ذكرت مندى نازر فى كتابها الذى نشرته فى عام 2004 و عنوانه, “عبده” قصة إختطافها و بعض الفتيات من قريتها فى جبال النوبة بواسطة المجاهدين الكيزان و بيعهن للإسرة الغنية فى الخرطوم لإستغلالهن كخادمات فى البيوت. و قصة مندى  مؤلمة جدا و تثبت بوضوح تام إنعدام أى خلق نبيل و إنعدام الرحمة فى قلوب الكيزان, و تعود قصتها بذاكرتنا إلى عصر الزبير باشا و إختطاف الأبرياء و بيعهم فى أسواق النخاسة.  وقد تحدثت أنا شخصيا مع مندى عبر الهاتف بعد أن نالت حريتها و أكدت لى أن ما ذكرته فى كتابها هو عين الحقيقة. (18)

*****
و حتى اليوم نشاهد الإستغلال البشع و النظرة الدونية و الإحتقار الذى يتعرض له خدم البيوت و العمال الزراعيين و بالأخص من سكان الكنابى.  وقد ورثت النخب هذين المفهومين و أعادت إنتاجهما لخدمة مصالحها الإقتصادية بغض النظر عن الآثار السيكولوجية المدمرة التى ترتبت و تترتب عليه اليوم.

*****
أما الوثيقة التاريخية الثانية التى تؤكد إنعدام الرادع الأخلاقى لدى الآباء المؤسسين و الذين بدورهم ورثوها الى أحفادهم و الذين بدورهم طبقوها بحذافيرها على إبناء الهامش فتتعلق بثورة اللواء الأبيض عام 1924 – وثيقة الكبار.
ذكر المؤرخ السودانى محمد أبو القاسم حاج حمد فى كتابه السودان, المأزق التاريخى و آفاق المستقبل:
” عندما أنهت بريطانيا إنتدابها على مصر و بدأت التفاوض مع حكومة الوفد المصرية على مصيرالسودان لم تقدم الإدارة البريطانية أو حكومة الوفد دعوة للسودانيين للتشاور فى مصيرهم. و قد أغضب ذلك التجاهل جمعية اللواء الأبيض التى كانت تؤمن بالوحدة الحقيقية مع مصر و كان يترأسها على عبد اللطيف المنحدر من قبيلة الدنيكا. و عليه قدمت جمعية اللواء الأبيض مذكرة الى الإدارة البريطانية تحتج فيها على عدم دعوة السودانيين رسميا الى المفاوضات و إعتبرت جمعية اللواء الأبيض نفسها ممثلة للشعب السودانى و طالبت بالمشاركة فى المفاوضات.  أما الزعماء الدينيون السودانيون و كبار الموظفين و التجار و أصحاب الأعمال الذين كانوا يمثلون المصالح المتعاونة مع الإدارة البريطانية فقد إجتمع 40 منهم فى يوم 10.6.1924 فى منزل زعيم طائفة الأنصار السيد عبدالرحمن المهدى و أرسلوا رسالة الى الحاكم العام عبروا فيها عن و لائهم لبريطانيا و طلبوا من الإدارة البريطانية أن تمثل السودان فى مفاوضاتها مع حكومة الوفد المصرية”. ”  و عليه رفض الزعماء ان تمثلهم جمعية اللواء الأبيض التى ترأسها دنيكاوى من جنوب السودان.

*****
بعدها كتب حسن شريف مقالة فى صحيفة الحضارة السودانية التى كانت تمثل الطوائف الدينية و رأس المال قال فيها:
” إن البلاد قد اهينت لما تظاهر أصغر و أوضع رجالها …  دون أن يكون لهم مركز فى المجتمع و أن الزوبعة التى أثارها الدهماء قد أزعجت طبقة التجار و رجال المال”. بعدها دعا حسن شريف الى إستئصال شأفة أولاد “الشوارع” و ذكر أنها لأمة وضيعة التى يقودها أمثال على عبداللطيف”. ” وذلك أن الشعب ينقسم  إلى قبائل و بطون و عشائر و لكل منهم رئيس أو زعيم أو شيخ, و هؤلاء هم أصحاب الحق فى الحديث عن البلاد. …  ” و يعمد كاتب الحضارة للإساءة العنصرية لعلى عبد اللطيف الدينكاوى الزنجى الأصل (من هو على عبد اللطيف الذى أصبح مشهورا حديثا, و إلى أية قبيلة ينسب.” (19)

*****
و مما تجدر الإشارة إلية أن عضوية اللواء الأبيض كانت تضم شبابا من معظم أنحاء السودان و بلأخص الوسط النيلى و منهم عبيد حاج الامين وهو من مؤسسى اللواء الابيض و على أحمد صالح وهو أول منظم نقابىى سودانى و لكن عنصرية الطائفية و ممثلها حسن شريف و طبقة التجار ورأس المال إعتبرتهم جميعا “أولاد شوارع” و ليس لهم الحق فى الحديث عن البلاد.
و للأسف لا يوجد فرق كبير يذكر بين تلك النظرة العنصرية و الدونية لنخب الأمس لعلى عبداللطيف و رفاقه و بين نظرة بعض نخب اليوم التى ترى أن الحلو و عبد الواحد و بقية قادة ثوار الهامش و من تضامن معهم من الوسط تنقصهم الكفاءة لقيادة الشعب السودانى أو إبداء رأيهم فى كيفيه حمكه أو فى من يحكمه.

*****
ومما تجدر الإشارة إليه أيضا, فى كل الثورات التى فجرها الشعب السودانى فى عام 1964 و 1985 و 2018 كان الهدف الأسمى الذى ناضل الشعب من أجله هو إسقاط تلك الدكتاتوريات و إعادة الديمقراطية, أما بالنسبة لأبناء و بنات الهامش فبالإضافة الى تحقيق ذلك الهدف الأسمى, ناضلوا أيضا من أجل الإعتراف بهم كبشر و كمواطنين لهم نفس الحقوق التى يتمتع بها سكان الوسط النيلى, ناضلوا من أجل إنهاء العنصرية و بالأخص المؤسساتية الموجهة ضدهم. أما بالنسبة الى المرأة, مسيحية كانت أو مسلمة فهناك بُعد أخر, إذ أن إزالة الدكتاتوريات الثيوقراطية لا تعنى سوى إزالة صفحة واحدة فقط من كتاب الإضطهاد الجاثم فوق صدرها, إذ يتوجب عليها مواصلة النضال ضد العقلية الباتريارخية التى تسيطر على عقول معظم الرجال.

*****
و قد أثبتت ثورة ديسمبر هذه الحقيقة, فبعد سقوط الدكتاتور البشير, بينما تمكنت الحكومة الإنتقالية بكل سهولة من التجاوب مع مطالب سكان الوسط النيلى ما تزال أهم و أكبر حركتين ثوريتين بعد سنة من إندلاع الثورة فى إنتظار الإتفاق على شروط بدء التفاوض. بالإضافة إلى ذلك همشت الحكومة الإنتقالية لجان المقاومة, و الشباب و اللآجئين و الكندكات و المسيحيين, و بينما يتمتع الوسط النيلى بسلام ما تزال جحافل الجنجويد و الدعم السريع و مليشيات الكيزان تقتل السكان فى دارفور و جبال النوبة و النيل الأزرق, ويوجد أيضا أنفلات أمنى فى أقصى شمال و شرق السودان. أما الحكومة الإنتقالية فهى أما عاجزة أو غير راغبة فى حماية المواطنين.
*****
أن تشبع الآباء الروحيين و المؤسسين و النخب الحاكمة بالأخلاق الوضيعة التى تفتقر الى النبل و التى ورثوها الى أبنائهم, هى التى مكنتهم من الهيمنة و أعادة إنتاج أنفسهم, وهى التى مكنتهم من إعادة إنتاج الثقافة التى طبعت العنصرية و الجشع و الكذب و النفاق و عدم إحترام الديمقراطية. و هى نفس الأخلاق الوضيعة التى مكنت السيد عبد الله خليل عندما أصبح رئيسا للوزراء أن يستهل عهده بقوله كما ذكر المؤرخ محمد أبو القاسم حاج حمد:
” إنه لن يسلم السلطة بعد ذلك إلا إلى نبى الله عيسى شخصيا, و بالفعل أخلد فى الكرسى فحتى إذا ما تأرجح من تحته و لم يجد نبى الله عيسى حاضرا سلمها إلى عبود.” (19)

و كان تسليم عبدالله خليل حكومتة الديمقراطية للجنرال إبراهم عبود تصرفا لا أخلاقيا و يُعتبر أول حنث بالقسم من رئيس وزراء سودانى و بذلك مهد الطريق لقيام سلسلة من الإنقلابات العسكرية و أيضا لتآمر النخب المثقفة التى تلته مع العسكر و مع الطائفية و هكذا وصلوا السودان الى ما هو عليه الإن.

*****
و تلك الأخلاق الوضيعة هى نفسها التى مكنت حكومة عبود من أن تغرق وادى حلفا و تشرد أهاليها و تدمر حضارتها القديمة من أجل حفنة من الدولارات و بلا أى وخز للضمير. و هى التى مكنت كل الحكومات التى تلتها و بالأخص حكومة الكيزان تحت قيادة المحتال حسن الترابى و تلميذه البشير أن تستمر فى إستعمار جنوب السودان و أن تبيد أكثر من مليوني جنوب سودانى, و مليون من جبال النوبة و 300 ألف من دارفور …. بلا أية شفقة أو رحمة. وهى نفس الأخلاق الوضيعة التى مكنت معظم مثقفى و كتاب السودان أن يتجاهلوا معاناة أخوتهم فى الوطن فى الجنوب و الغرب و الشرق ولم يكتبوا سطرا واحدا أو يتظاهروا ضد الإضطهاد و الإبادة. و هى نفس الأخلاق الوضيعة التى مكنت الجنرال البشير أن يقول بكل فخر و إعتزاز ” إذا الغربوباوية لقت ليها … إغتصبها …. “. و هى نفسها التى مكنت الصادق المهدى بعدما صدر طلب بتسليم البشير الى محكمة الجنايات الدولية أن يقول بكل برود,” البشير جلدنا … و ما بنجر فيه الشوك”. و هى نفس الأخلاق الوضيعة التى مكنت الجنرال البشير و زبانيته… أن ينهبوا البلايين من الدولارات من الشعب السودانى فى خلال ثلاثين سنة تاركين الشعت يموت جوعا وعطشا و تفتك به جيوش من الامراض بالإضافة إلى جيشه المغوار. وهى نفس الأخلاق الوضيعة التى مكنت كل الحكومات السودانية عدم تطبيق الإتفاقيات التى أبرمتها مع ثوار الهامش. وهى نفس الأخلاق الوضيعة التى مكنت المخابرات السودانية و الجيش و جحافل الجنجويد و المجاهدين أن يعذبوا آلآف السودانين الأبرياء فى بيوت الأشباح و جبال النوبة و دارفور و الجنوب و النيل الأزرق و يغتصبوا النساء و الرجال و الأطفال و كأن لسان حالهم يردد فرحا  قصيدة نزار قبانى و هم فى طريقهم لإشباع نزواتهم:

*****
” صداع الجنس مفترس جماجمنا
صداع مزمن أشر من الصحراء رافقنا
فأنسانا بصيرتنا و انسانا ضمائرنا
فأطلقنا قطيعا من كلاب الصيد … نستوحى غرائزنا”
*****

و هى نقس الأخلاق الوضيعة التى مكنت بعض المثقفين السودانيين الذين كانوا ينادون بالعلمانية خلال الثلاثين سنة الماضية و عندما سقطت حكومة الكيزان و إختطف بعضهم الثورة و السلطة تنكروا للعلمانية عندما تنادى بها عبد الواحد و الحلو. و هى نفس الأخلاق الوضيعة التى زعزعت ثقة إبناء الهامش فى مصداقية الوسط و أقنعتهم أن يطالبوا بضامانات العلمانية و المبادئ فوق الدستورية حتى لا يلدغ الهامش بعد اليوم من نفس النخب إلى الأبد. وصدق أمير الشعراء أحمد شوقى حين قال:
و إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هُمُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا   –  (يتبع)

*****
[email protected]
مراجع:
15: محمد أبراهيم نقد,علاقات الرق فى المجتمع السودانى, دار الثقافة الجديدة القاهرة 1995
16: محمد أبراهيم نقد, علاقات الرق فى المجتمع السودانى, , دار الثقافة الجديدة القاهرة 1995
17: محمد أبراهيم نقد,علاقات الرق فى المجتمع السودانى, دار الثقافة الجديدة القاهرة 1995
18tps://www.alhurra.com/different-
18: Mende Nazer, Slave Virago Press, London 2004
19: محمد أبو القاسم حاج حمد, السودان, المأزق التاريخى و آفاق المتقبل, المجلد الأول, دار إبن حزم للطباعة, بيروت, لبنان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..