مقالات سياسية

وهل حقا السودانيون يكذبون

محمد حسن شوربجي

وهكذا وصفنا المبعوث الأمريكي الخاص لدى السودان مستر سكوت غرايشن بأننا نكذب.
وان كنت اري في وصفه الكثير من الصدق وقد انتشرت هذه الآفة في مجتمعنا انتشار النار في الهشيم.
واتخذها البعض اسلوب حياة وما اغبضه من أسلوب قميء .
وكأن الناس يرون في أكاذيبهم القبيحة انتصارا لدعم الحكومة أو المعارضة.
رغم أن شعبنا لم يكن كذلك قبل الانقاذ التي امتهنت الكذب كثيرا بمن فيهم  رئيسها ( الرقاص) الذي ظل يكذب ويتسأءل بغباء شديد  ( هل حصل انا كضبت عليكم) وقد استمرؤا الكذب  منذ بدايات عهدهم الاسود و مقولة عرابهم الشهيرة التي  خدعوا بها  العالم ( انا سأذهب إلى السجن سجينا وانت اذهب الى القصر رئيسا).
وقد كنت في السودان وقد وجدت الكذب عادة قد تعودها البعض.
وجدت حالات الكذب كثيرا في تعاملات الناس وفي اجتماعياتهم  وقد ملأت الآفاق مقرونة بحليفة طلاق مدنكلة.
وان كان لا يجوز التعميم . فكل شعب السودان الذي نراه فيه الخير الكثير  ولكن ما هو مطلوب  أن نحارب  هذه الآفة اللعينة التي انتشرت في مجتمعنا انتشار عظيما.
وان كنت أعجب لفشل  الانقاذ في تربية جيل وقد كانوا يدعون التزاما وفضيلة  رفعوها شعارا فضفاضا غلفوه بجماليات الإسلام زيفا فأين هي بالله عليكم تربيتكم الاسلامية للنشء.
وأين هو مشروعكم الحضاري المزعوم الذي روجتم له طويلا.
وحقا فاتهام هذا الأمريكي غرايشن يصيبنا بالحزن.
وقد وصفنا غرايشن: بأننا بارعون في الكذب.
حيث قال :
أنتم جميعكم تعيشون في الماضي السحيق وتعتنقون السحر.
بنيات مجتمعكم الأساسية تقوم على القبيلة والعشيرة والطائفة الدينية أو الصوفية بل حتى ما يتراءى للعيان من بنيات مجتمعية حديثة في المدن لا تعدو أن تكون إلا زيفآ في جوهرها.
يكاد أن يكون كل شئ عندكم إما بالي أو مغشوش!. وكلما زاد متعلموكم كمآ كلما إرتفع مستوى الجهل عندكم. كون مهمة المتعلم الأساسية عندكم هو العمل على إضفاء مزيدآ من الزيف على الواقع بما يخدم سلطة التخلف والقهر القائمة في بلدانكم. نحن أيضآ نكذب ونزيف مثلنا والبشر. بل بارعون جدآ في الكذب. غير أن الفرق الأساسي بيننا وبينكم أنكم تكذبون على بعضكم البعض “الإبن يكذب على أبيه والزوج على زوجته والأخ على أخته” والمتعلم منكم يكذب على شعبه. نحن عندما نكذب وكثيرآ ما نفعل نكذب على الآخرين لا على بعضنا البعض. لا، لا نفعل، لا نكذب على بعضنا البعض “لا على أنفسنا”، هذا في عداد المحرمات، إنها جريمة يعاقب عليها القانون.
إن أكثر ما أدهشني في بلادكم هو مقدرتكم الفائقة على الكذب.
أنتم لا تستطيعون العيش بلا كذب.
بالكذب تحققون أحلامكم. بالكذب تفعلون كل شيء!. لدرجة يكون عندها الصدق مذمومآ.
الصادقون منكم يموتون على قارعة الطريق من جراء الإهمال والإفقار والنفي والعذاب. الصدق جريمة!. كلما كنت كاذب أشر تستطيع أن تكون تاجرآ ثريآ أو نجارآ بارعآ أو مزارعآ ماهرآ أو مدير جامعة أو إمام مسجد أو قس كنيسة أو خطيبآ مفوهأ ومحبوبآ. الكذب، الكذب والكذب. فعليك بالكذب!.
الدولة عندكم لا تستخدم الكذب فقط في تزييف وعي مواطنيها بل اكثر من ذلك تطالبهم بالكذب عليها وعلى بعضهم البعض.
إنه لأمر مدهش. يكاد أن يقول المرء بإطمئنان أن الحقيقة الوحيدة الثابتة في سودان اليوم هي “النيل” لدرجة تشعرني بالرأفة على حاله وأخشى أن يغير مجراه!.
انتهى حديث غرايشن المحزن والمخجل…
فوآسفاه عليك ايها الوطن  وقد اصبحنا شعبا كذابا.
ووآسفاه عليك ايها الوطن وقد كان انسانك ذهبا لا يصدأ.
ووآسفاه عليك ايها الوطن وقد شهد كل العالم و الخليج لانسانك  بحسن الخلق والأمانة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“ويلٌ للذي يحدِّثُ بالحديثِ ليضحكَ بهِ القومَ فيكذِبُ.. ويلٌ لهُ ويلٌ لهُ ”
[رواه الترمذي وأبو داود]

تعليق واحد

  1. غرايشن تعامل مع من تسمونهم بالنخبة والسياسين، ونحن نسميهم بالكيزان والبيتين، ولم يتعامل مع المواطن البسيط، لقد صدق غرايشن

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..