“جامعة الدول العربية والحلم الضائع”

ياسر عبد الكريم
شهور قليلة وتمر على الجامعة العربية الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لتأسيسها في عام 1945 كنت أتمنى لملايين المواطنيين في العالم العربي ان يكون هذا الاحتفال حدثا كبيرا يليق بمنظمة كبيرة في عمرها وامكانياتها
لكن للاسف الشديد تأتي الذكرى شاحبة حزينة كأحوال العالم العربي الذي يترنح امام الخلافات والصراعات وتختلف المناسبة هذه المرة عن سابقاتها والعرب في حال هرولة للتطبيع مع عدوهم السابق اسرائيل والتي تعبث بمستقبله ومصيره والذي كان واحد من اسباب توحدهم وبسببه انشئت هذه الجامعة لمواجهته.
بالرغم من هذا الضعف والتشظئ انني ارى ان نظل في هذا الصرح العربي وان لا نلتفت الى بعض اصوات بعض الجهلاء النشاز من هنا وهناك الداعية للخروج من جامعة الدول العربية ومع ذلك ان نبحث عن مصالحنا كبقية الشعوب العربية التي اعادة برمجة عقولها ووجدانها طبقا للواقع العربي الجديد منذ ان قبل اصحاب القضية الفلسطينيون المفاوضات مع إسرائيل
فمن حقنا ان ننتقد الجامعة العربية ونتحدث عن ضعفها فمن حقها علينا أيضا الان ان ندافع عن وجودها وان نبذل الجهود لكي تبقى وان نتمنى لها ان تكون رمزا عالميا كما بقى الاتحاد الاوروبي رغم اختلافات الثقافات بين مكوناته
كنت أتمنى ان تجي هذه الذكرى بعد هذه العقود وقد تحققت بعض الاحلام التي دارت في خيال الاخوة العرب يوما وهم يشاهدون جامعة الدول العربية
كنت اتمنى ان تكون هناك سوق عربية مشتركة تجمع هذه الكيانات الاقتصادية المتناثرة لتصنع كتلة اقتصادية تواجه متغيرات العصر وظروفه الصعبة كما الاتحاد الاوروبي الذي وصل مرحلة الدولة الواحدة
كنت اتمنى من ان تكون الدول العربية قد الغت تأشيرة الدخول بين مواطنيها وأصبح من حق العربي ان يتنقل الى اي دولة اخرى بدون تفتيش او خوف او وصاية
كنت اتمنى ان تكون هناك الان مجموعة من الصناعات الكبيرة التي تحقق الاكتفاء للعالم العربي انتاجا وغذاءا وسكنا بحيث نرى المساحات الشاسعة من الاراضي الزراعية في السودان التي تنتج القمح الذي يغطي احتياجاتنا واحتياجاتهم ويوفر علينا سؤال اللئيم وان تكون لدينا مشروعات صناعية ضخمة توفر احياجاتنا من السلع التي نستوردها
كنت اتمنى ان تكون لدى العرب الان مراكز عربية للابحاث العلمية في مجالات الانتاج والصحة والتنمية البشرية وان تكون هذه المراكز قادرة على مواجهة تحديات العصر بالعلم والتكنولوجيا المتطورة
كنت اتمنى ان تكون هناك تنسيق عسكري على اعلى مستوى لمواجهة العدو المشترك بدلا من تناثر قدراتهم في كل مكان لمواجهة بعضهم وتحطيم قدراتهم بأيديهم وان تتحول هذه القدرات الى مواجهة مشاكل الامن الداخلي وليس الصراعات مع الاشقاء الاعداء
كنت اتمنى ان تحتفل جامعة الدول العربية بعيدها الخامس والسبعين والدول العربية تنعم بالامن والاستقرار في ظل تنسيق سياسي متكامل وادوار تخدم بعضها بعضا
ولكن للاسف الشديد سيجئ الاحتفال زي كل مرة وهذه المرة أكثر سوءا وتشرزما سيأتي حزينا كأحوال العالم العربي تماما .
ما أكثر الامنيات التي تساقطت منا في مشوارنا مع الزمن والاحداث والصراعات العربية وللاسف لقد دفعنا نحن ثمن محاورهم غاليا وربما سندفع المزيد ان لم نقتنص الفرصة ونعيد برمجة عواطفنا ووجداننا وفي فترة قليلة للغاية