مقالات وآراء سياسية

من مفكِّرة “زعيم معارضة”

علي يس

•       كل الناس في جمهورية “إفلاطونيا العظمى” يعلمون أن قاعدتي الجماهيرية تساوي نصف السكان ، و يعلمون أيضاً أن النظام الحاكم انتزع الحكم مني – بعد أن استحققته عبر صناديق الاقتراع – بقوة السلاح .. و الناس أيضاً يعلمون أنني سعيت طويلاً لاسترداد الديمقراطية ، فما وفرت لذلك جهداً و لا مالاً .. أما الذي لا يعلمه الناس ، فهو ما أريد أن أكشفه في هذا الحديث الخاص جداً .. و أريد أن أكشف هذه الأسرار حتى يتوقف الهمس حولي ، من بعض الناس ، مشككين في إخلاصي لقضيتي و قضية قاعدتي الحزبية ، أو ساعين بالنميمة حول طهارة يدي أو شجاعتي ، أو أخلاقي ..
•       أنا رجل موضوعي ، لستُ حالماً و لا واهماً ، و قد علمتُ أخيراً أن هذا النظام لن يتخلى عن الحكم لي أو لغيري ، إلا مُكرهاً ، و أنا – كما ترى أعينكم – لا أملك أدوات “الإكراه” ، فأنا لستُ دموياً ، و يزعجني منظر الدم ولو نتج عن شكة دبوس ، و لهذا فقد اخترت ، منذ زمان بعيد ، نهج (الجهاد المدني).. أرجو ألا يفوت على حصافتكم معنى “الجهاد المدني” ، الذي لم تعد المسيرات و المظاهرات جزءاً منه ، فالمظاهرات فيها “موت”.. و أهم خصائص الجهاد المدني أنه ليس فيه موت و لا جراح و لا ضربة سيف أو طعنة رمح أو حتى لسعة سوط .. هل عرفتم ما أعنيه بالجهاد المدني ؟؟..
•       و بما أنني أرى السخرية في أعينكم من جهادي المدني ، فلا بد لي من تنويركم بما أوصلني إليه هذا الجهاد المدني ، و هو أمرٌ جد عظيم ، لو صبرتم عليَّ.. لقد واجهتُ هذا النظام الهائج ، مدنياً ، فتنازل لي عن الكثير مما يفرحكم أن تسمعوه .. واجهتهم و في يدي من الوثائق ما يثبت أنهم نهبوا حقوقكم و ثرواتكم ، أعني حقوق الشعب كله ، و من بينه بالطبع حقوق قاعدتي الجماهيرية البالغة نصف الشعب .. و طالبتهم ، ببالغ الذوق و الأدب ، أن يعيدوا ما نهبوه للشعب الجائع ، حتى يأكل ، و إلا .. سوف أفضحهم في العالمين .. رأيت الخوف ، لأول مرة ، يملأ أعينهم ، و طلبوا مني التفاوض معهم ، فلم أمانع ما داموا قد انصاعوا أخيراً صاغرين و طلبوا أن أفاوضهم على حقوقكم ، و كما قال أجدادكم قديماً : (المال تلتو و لا كتلتو) ، و قد عاهدت نفسي و عاهدت الله على أن أستخرج منهم  هذا الثلث من مالكم المنهوب ..
•       لا أطيل عليكم ، جلستُ إليهم في مفاوضات مرهقة ، على حساب صحتي و راحتي ، استمرت المفاوضات لعشرة أعوام ، بين شد و جذب ، و تهديد و وعيد ، و أخيراً جداً ، بحمد الله ، بعثوا إليّ بـ”المحاسب” ، حاملاً سجلاً كاملاً بالمال المنهوب منكم ، و هو مبلغ مهول .. مئات المليارات .. لو تم تقسيمه بينكم كلكم لنال كل منكم عدة آلاف من دنانير الذهب  ، ولكن .. ماذا يمكن أن تفعل بضعة آلاف من الدنانير مع هذا الغلاء الفاحش ؟؟.. سوف تقومون بإنفاقها في بعض الأمور الفارغة و ترجعوا مفلسين كما كنتم .. لا .. لا بد من التفكير نيابة عنكم ، في الحقيقة إن خطة التفكير نيابة عن الشعب ليست فقط من بنات أفكاري ، و لكن هم أيضاً ، جلاوزة النظام الدكتاتوري الفاسد ، وافقوني عليها و  التزموا هم أيضاً بالتفكير نيابة عن الشعب .. و اتفقنا نحن الاثنين على الآتي :
1-   أن أترك حقوقكم لديهم وديعةً لصالح أحفاد أحفاد أحفادكم إن شاء الله ، و بأرباح سنوية مجزية ، و اشترطتُ عليهم – إذا خانوا العهد و لم يسلموا الأمانة إلى أحفاد أحفاد أحفادكم – أن يتم تسليمها إليكم يوم القيامة كاملة ، فتدخلون الجنة إن شاء الله ، و يدخلون هم النار و بئس المصير ..
2-   اتفقت معهم أيضاً ، على أن يسلموني الجزء الذي يخصني و يخص عائلتي الممتدة ، مضاعفاً عشرة آلاف مرة فقط ، و بدون أي أرباح ، فوراً ، و قد قام محاسبهم  بتضريبه ، فلم يتجاوز بضعة مليارات من دنانير الذهب ، على ألا يطالبهم أحفاد أحفاد أحفادي بأي شيء ، و لا أطالبهم يوم القيامة بأية حقوق ..
3-   و اتفقت معهم ، أخيراً ، على أن يظل حق الجهاد المدني مكفولاً لكل أفراد الأمة ، فإذا كان أي واحد منكم غير مقتنع بما توصلنا إليه من تأجيل حقوقكم ، يستطيع أن يجلس معهم و يفاوضهم على حقوقه و حقوق من يوكله من أفراد العائلة ، و إن كنت لا أضمن لأي منكم الخروج بالنتيجة التي خرجتُ بها ..
علي يس
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..