
لا شك بأن الازمة الاقتصادية التي تمر بها بالبلاد منذ قدوم الانقاذ هي التي عصفت بنظام الإنقاذ و في عهدها إنهارت كل القطاعات الحيوية التي تدعم الاقتصاد وعاني الشعب السوداني كثيراً جراء السياسات الرعناء والفساد والمحسوبية التي تفشت في دولاب العمل. وتأثرت لذلك قطاع النقل والسكك الحديدية والطيران والخطوط البحرية. بالاضافة الى القطاع الزراعي والتعليم والتدريب.
وللخروج من النفق المظلم والدخول الى مرحلة مابعد الثورة ولتحقيق الرفاهيه للشعب السوداني الذى عانى كثيراً. نرجو أن نضع خارطة طريق فى القطاعات التالية:
• قطاع المصارف:
تعتبر من أكثر القطاعات التى عانت من جراء الحظر على السودان ونتج عنه إيقاف التعامل مع البنوك العالمية وإيقاف التحويلات المصرفية كما ساهم الحظر في زيادة الخسائر نتيجة لإستخدام سلة من العملات الموازية للدولار الأمريكي ، كما أضاف القرار قيوداً إضافية عند تسوية المعاملات التجارية لدى المصدرين من السودان إلى السوق العالمية بحكم أن عملة الدولار الأمريكي كانت تمثل العملة الإحتياطية الرئيسية في العالم والوسيط الأساسي في تسوية كافة المعاملات والتعاقدات التجارية. إن رفع الحظر سوف يعيد الثقة لدى المستثمرين والمتعاملين مع المصارف السودانية ، كما سيعيد الثقة في التعامل مع المؤسسات المالية الدولية والإقليمية ، ما يعني أن المصارف السودانية سوف تستعيد توازنها في مجال توفير موارد مالية كافية لسد احتياجاتها التمويلية وعلى المصارف السودانية الإستعداد الجيد للمرحلة القادمة ، فى هذا الصدد نقترح الاتى:
• تشجيع المصارف الأجنبية بفتح فروع بالسودان.
• الإلتزام بتحويل حقوق وأرباح شركات الطيران وشركات الإستثمار.
• تشجيع المصارف السودانية لرفع رأس المال أو دمج المصارف المتخصصة مع بعضها.
• وضع الترتيبات لإعادة التعاقد مع مراسلي البنوك الأجنبيةوتوسيع شيكة المراسلين.
• توفير النقد الأجنبى للموردين والمسافرين (سياحة/علاج/دراسة).
• إعادة تفعيل نظام الدفع الإلكترونى بين السودان ومصر وإثيوبيا ودول الخليج (بطاقة الصرآف الآلي) وتطيبق نظام السعر الأعلى منعاً لتلاعب تجار العملة كما حدث فى السابق.
• تفعيل نظام (نقاط البيع ) وسن قوانين تجبر إستخدام نظم الدفع الإلكترونى فى سداد الإلتزامات الماليه الخاصة بالدولة مما يشجع المواطنين لفتح الحسابات فى البنوك.
• تبسيط إجراءات فتح الحسابات (محلية /أجنبىة ) دون أى تعقيدات وإعتماد البطاقة القومية لفتح حسابات الأفراد طالما البيانات مكتملة لدى السجل المدنى.
• وضع الترتيبات مع المصارف الأجنبية لإصدار بطاقات الإئتمان لرجال الأعمال السودانيين.
• قطاع الصادر:
الصادر هو أحد الركائز الأساسية لإقتصاد الدولة حيث تعتمد عليه فى توفير موارد النقد الأجنبى لمقابلة الإحتياجات ، وتشكل الصادرات العمود الفقرى للإقتصاد السودانى ، ومن هذا المنطلق يجب أن تولي الدولة الأهمية المطلقة لقطاع الصادر والإهتمام بجودة ومواصفات السلع المنتجة بغرض التصدير حتى تنافس في الأسواق العالمية وبالتالى دعم وتحفيز المنتجين لزيادة الإنتاج والإنتاجية عبر المقترحات التالية:
• إلغاء قيود التصرف فى حصيلة الصادر مع ضمان إنسياب حصائل الصادر.
• إلغاء كافة الرسوم المفروضة على منتجات الصادر وتضحي الدولة بالإستغناء عن تلك الرسوم فى سبيل تشجيع المنتجين والمصدرين لخلق منافسة للمنتجات السودانية فى الأسواق العالمية وسينعكس ذلك فى زيادة موارد النقد الأجنبى ، وفى حالة إنخفاض سعر الصرف على الدولة دفع حافز نقدى للمصدرين.
• توجيه كافة المصارف العاملة بالبلاد بالتركيز على تمويل مدخلات الإنتاج الزراعي والصناعي لمنتجات الصادر فقط (لمدة ثلاث أعوام).
• تبسيط إجراءات الصادر وإلغاء كافة أشكال البروقراطية والروتينية .
• إنشاء جهاز مركزى أو هيئة لمتابعة كل إجراءات الصادر فى مكان واحد .
• الحد من التهريب ومكافحته وسن قوانين رادعة.
قطاع الإستثمار :
تعتبر سياسة تحرير وتشجيع الإستثمار وخصوصاً الإستثمار الأجنبي المباشر من أهم السياسات التي تعمل على زيادة الميزة التنافسية للدولة وذلك لما يوفره الإستثمار الأجنبي المباشر من موارد مالية وخبرات إدارية وتسويقية وتكنولوجية للدولة المستضيفة لهذه الإستثمارات والذي يمكنها من تحقيق الأهداف طويلة الأمد . إن إستقطاب وتوطين الإستثمار الأجنبي أو خلق مناخ إستثماري مشجع يتطلب أن تتسم النظرة إليه بالشمولية المتكاملة لكافة القطاعات المتعلقة بالإستثمار وحركة رؤوس الأموال وفق ما يلي:
• إصدار تشريعات وقوانين لحماية المستثمر من تغول الأهالى فى الأراضى الممنوحه بغرض الإستثمار.
• وضع إجراءات قانونية لآليات تحويل أرباح الإستثمارت لأنها تعتبر المحفز الأول لجذب المستثمر الأجنبي، مع ضرورة وضع حوافز من خلال تخفيض الضرائب والجمارك وتسهيل إجراءات الحصول على التراخيص.
• تعديل القوانين الخاصة بفض المنازعات ، فيجب أن يتم الإسراع بوضع بنود وآليات معروفة تتيح الإنتهاء من المنازعات خلال فترة قصيرة.
• تشجيع القطاعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة.
• من المعوقات التي تواجه الإستثمار في السودان ، كثرة الجهات التي يلجأ إليها المستثمر للحصول على الموافقات والتراخيص ، ومن الضرورة تسهيل تلك الإجراءات والعمل بنظام الشباك الواحد ، والذي من شأنه أن يوفر كثيراً من الوقت والمجهود.
• وضع خارطة طريق للمستثمرين للإستثمار فى القطاعات ذات الأولوية (صناعة ، زراعة ، تعدين ، معدات وآليات ثقيلة) وليس المطاعم والكافتيريات والمقاهى وصالات الأفراح.
قطاع الإستيراد:
إن سياسة التحرير وفتح الإستيراد على مصرعيه من الأسباب الرئيسية فى تدهور قيمة الجنيه السودانى أمام العملات الأخرى ولاسيما أن البلاد تمر بوضع إقتصادى صعب ، ومن أهداف سياسة التحرير الإقتصادى هو تحقيق التوازن بين العرض والطلب للسلع والخدمات ولكن الواقع أن العرض أصبح أكبر من الطلب وأن هذه السياسة أدت إلى إغراق السوق بكميات كبيرة من السلع وتحويل المواطنين إلى إستهلاكيين أكثر منهم منتجين ، ولمجابهة ذلك يجب إتباع ما يلي:
• إيقاف إستيراد كافة السلع الكمالية لفترة زمنية محددة لحين إستقرار موقف النقد الأجنبى بالبلاد.
• حماية المنتج المحلى بتطبيق رسوم جمركية عالية على الواردات من السلع الكمالية.
• على البنك المركزى توفير النقد الأجنبى لإستيراد السلع الأساسية ومدخلات الإنتاج الصناعى والزراعى.
• ضرورة إحكام المنافذ الجمركية والموانئ البرية والبحرية والمطارات للحد من تهريب البضائع والنقد.
• التشديد على متطلبات تراخيص السجل التجارى ووضع معايير جودة للبضائع المستوردة وتنفيذ جميع عمليات الإستيراد من خلال البنوك.
قطاع العقارات:
يعتبر النشاط العقاري محرك أساسى و هام للنمو الإقتصادي بشكل مباشر أو غير مباشر و يخلق حركة إقتصادية كبيرة بالبلاد و عالمياً شهد قطاع التمويل العقاري نمواً وانتعاشاً ملحوظاً حيث بلغت نسبة التمويل العقاري 47% من الناتج المحلي الإجمالي في دول الإتحاد الأوربي ونحو 70% في بريطانيا والولايات المتحدة وكذلك 10% في الدول النامية ، ومن أهم مؤشرات الحراك الإقتصادي المتوقعة بعد إعلان رفع الحظر ، إنتعاش سوق مواد البناء و خلق فرص إستثمارية في قطاعات متعددة و تقليل نسبة البطالة وتحقيق التنمية الإقتصادية و تشجيع الطاقات الإنتاجية المعطلة فى قطاع البناء والتشييد وصولاً إلى القضاء علي أزمة السكن بتخفيض إيجارات العقارات ، وإستعداداً للمرحلة القادمة فى هذا المجال نوجز الآتي:
• فك الحظر عن التمويل العقارى.
• سن قوانين وتشريعات لتنظيم عمليات البيع والشراء فى العقارت (معظم دول العالم تنظم عمليات الشراء والبيع فى المجال العقارى منعاً لتلاعب السماسرة مثل تحديد فترة زمنية للبيع)
• منع ممارسة تجارة العقارات إلا عبر شركات التطوير العقارى والشركات العقارية (دافعي الضرائب)
• على الدولة أن تدرس بشكل جدي وواقعي حاجة السكان المتطورة إلى المساكن التي تتلاءم مع حاجاتهم ورغباتهم ، والأعراف والتقاليد التي يؤمنون بها ، والبيئة التي يعيشون فيها ، وكذلك حاجتهم الى مجمعات وأسواق تجارية وصناعية ، والعمل على تلبيتها في الأوقات وبالأسعار المناسبة .
• إستحداث شركات لتمويل عمليات شراء العقارات السكنية والمحلات التجارية والصناعية بشروط ميسرة ، وفوائد بسيطة يسددها المستفيدون بأقساط مناسبة تتماشى مع مستوياتهم المعاشية وتبسيط إجراءات الحصول على هذه القروض.
• تبسيط إجراءات التمويل من خلال المصارف والتركيز على محدودي الدخل.
قطاع العاملين بالخارج:
• يجب على الدوله الاهتمام بالمغترب وإعطائه وضعا خاصا في سياساتها ، والتعامل معه على أنه مصدر مهم لتحسين الوضع الاقتصادي وتحقيق التنمية ا، وتكمن أهميته في أن يكون مورداً للعملة الصعبة ومصدرا للاستثمار ونقترح الاتى:-
• تقديم حوافز تشجيعية للمغتربين كالاعفاء من الرسوم الجمركية والسماح لابناءهم بدفع الرسوم الجامعية بالعملة المحلية ومعاملتهم كمعاملة المقييمن وليس أبناء مهاجرين.
• منح أراضى سكنية عند التحويل عبر القنوات الرسمية فى حدود ربط مبلغ معين خلال العام حسب فئات السكن.
• ربط شرط إدخال السيارة بتحويل مبلغ محدد خلال العام وعلى أن لاتكون عند العودة النهائية (كل ثلاث سنوات مثلاً)
العنصر البشري:
أبرز ما أحدثته المتغيرات و التوجهات العالمية و روافدها الإقليمية و المحلية من تأثيرات جذرية في مفاهيم الإدارة الحديثة ، هو ذلك الإنشغال التام و العناية الفائقة بالموارد البشرية بإعتبارها حجر الأساس و المورد الأهم الذي تعتمد عليه الدولة في تحقيق أهدافها ، و يعتبر الإستثمار في العنصر البشري في مختلف دول العالم غاية لتحقيق التنمية الإقتصادية ، ولذلك تنفق الدول المتقدمة نسبة مقدرة من إجمالي موازنتها العامة فى تنمية وتدريب العنصر البشرى.
ولتحقيق أهداف تنمية الموارد البشرية ينبغي عمل الآتي:
• الإهتمام بالتدريب وتكافؤ الفرص فى التدريب.
• إعادة برامج البعثات التدريبيةوالدراسات العليا بالخارج.
• الإهتمام بمدارس التعليم الفنى لخلق الكوادر الفنية الوسيطه.
• إنشاء معاهد ومراكز التدريب المهني بالمركز والولايات.
• إدخال مقررات الحاسوب فى المهنج التعليمى لمرحلة الأساس.
• إعادة مادة التربية الوطنية فى المنهج الدراسى.
• إدخال مادة اللغة الإنجليزية فى المنهج التعليمى من مرحلة الأساس (سنة أولى).
• تنشيط عمل الملحقيات الثقافية بالخارج لمتابعة المنح الدراسية.
• وضع الرجل المناسب فى المكان المناسب .
وختاماً نؤكد بأن المرحلة القادمة تتطلب من الحكومة الانتقاليه السعى إلى رفع السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب وبناء علاقات طبيعية مع الولايات المتحدة الإمريكية و دول الغرب للاستفادة من الزخم السياسى والاقتصادى الإستراتيجى لمصلحة الوطن. ونتمى من الدولة السعى لرفع المعاناة عن كاهل الشعب وترشيد الصرف والانفاق الحكومى وإتباع سساسة تقشيفية فى المرحلة القادمة ومحاربة الفساد والبروقراطية فى دواوين الحكومة و إعلان مبدأ الشفافية.
مجدي قرناص