مقالات سياسية

المدنية .. الحرب بين دولتين (4)

مديحة عبدالله

خارج السياق

يعمل أعداء الدولة المدنية على خلق الازمات الاقتصادية والاجتماعية بشكل ممنهج.. والاستثمار في ذلك، وهم في ذلك يعملون عبر شراكات تمثل دولة الكيزان بشكل أو آخر،، بقايا فلول الانقاذ، المتمكنون الجدد من الدعم السرع، والقوى السياسية والاجتماعية التي تضم شتات من الطائفية والطرق الصوفية، وطائفة واسعة من تجار الحروب والتهريب، وبعض المتشدقين بخطاب الهوية، وبعض أصحاب المال الذين نمت أموالهم وتوسعت زمن الانقاذ المظلم.. وكذا من يجنون الثمار يومياً من معاملات السوق الموازي المسيطر بشكل شبه كامل على كافة جوانب الحياة..

إننا في وضع أشبه ببحر مائج، الحوت الكبير يأكل الصغير، والأخير يأكل الأصغر، وينجم عن ذلك وضع مأسوِيّ من الفقر والحرمان من أبسط ضروريات الحياة، وهذا هو الوضع المثالي للمتمكنون الجدد لبسط سيطرتهم بنعومة، حيث باتوا يقدمون أنفسهم كأصحاب مبادرات اجتماعية (خيرة) لصالح الفقراء، ومن يواجهون ظروفاً قاسية بسبب الفيضانات والمرض… الخ، وهم يعلمون أن الوضع الحالي يفتح أمامهم الطريق واسعاً للاستقطاب والاستمالة ببريق المال وشتى أشكال الدعم..
تأسيس الدولة المدنية لا يواجه خطر الانقلاب المعلن، فقد مضى آوان ذلك، بل يواجه خطر انقلاب يحدث الأن وبشكل متسارع، يستند على ركائز المال والسلاح، قوى الثورة لا بد أن تعيد تنظيم نفسها، بخطاب جديد، ومناهج عمل مغايرة، وبعيداً عن لغة الشعارات لا بد من الحديث بلغة المصالح الآنية والمستقبلية، فدولة التمكين الجديد التي يسعى أصحابها لتأسيسها تتعارض ومصالح المنتجين عمال وزراع ورعاة وحرفيين، ومصالح المهنيين الذين يقودون دفة العمل المدني، وهنا لا بد من مواجهة ما يسمى خطاب الهوية المتدثر خلف مصالح اجتماعية تتخفى خلف القبيلة والإثنية والمنطقة.

إن حرية التعبير والتنظيم التي انتزعها الشعب بفضل ثورة ديسمبر لا بد أن يتم توظيفها من أجل إنتاج خطاب يكشف ويؤشر للمصالح الاجتماعية التي توفرها وتضمنها الدولة المدنية، ويستدعي ذلك المحافظة على المكتسبات المحققة الأن، بالنقد الموضوعي، وبذل الجهد في العمل المدني اليومي، فالمجتمع يملك طاقات وموارد رغم كل الظروف القاسية يمكن أن تمثل حلولاً لمشاكل يومية تساعد على تخفيف عبء الحياة على الفقراء وتقلل الضغط على الحكومة المدنية لمواجهة الاعباء الجسيمة المتفاقمة يومياً..

مديحة عبدالله
______
*الميدان 3699،، الأحد 20 سبتمبر 2020م.*

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..