أهم الأخبار والمقالات

مقارنة ثورة سبتمبر ونموذجي أكتوبر وأبريل

صديق محيسي

سقطت ثورة اكتوبر64  بسبب  تامر احزاب  الأمة الميرغنى والأتحادى الديمقراطى وجبهة الميثاق   الإسلامى فاطاحوا حكومة الثورة والضغط على رئيس وزراءها الضعيف حتي اجبروه علي الإستقاله وكان الأتهام الأول  موجه ضد الشيوعيين  انهم اختطفوا الثورة, غير ان اهداف هذه الأحزاب إجراء انتخابات سريعة لتقودها الى الحكم.
ثم كان السبب الثانى وهو قيادة  اليسار للثورة وعلى راسها الحزب الشيوعى  الذين لم يستفيدوا من حماس الجماهير التى سرعان  ما استسلمت وعادت الى قواعدها دون ان تكون عاملا ضاغطا حتى تتحقق جميع شعارات الثورة  وقد نرجع هذا  المشهد  الى الثقافة السياسية التى وسمت تلك المرحلة.
في ذلك العصر كان الجيش جيشا إحترافيا ورث هذه الثقافة من مدرسة “سان هيرست “البريطانية فسلم السلطة  بهدوء الى المدنيين ولم يطلب ادخاله فى مجلس السيادة كما يفعل  بقايا عسكرى نظام الإنقاذ اليوم   بل لم يكن وارد  اصلا ان يسمح للجيش إدخال انفه فى السياسة فكان الجيش مؤسسة وطنية  تحكمها قوانين صارمة اهمها  وظيفته في حماية حدود البلاد بالرغم من الذين زجوها  فى هذه التجربة. 

من المفارقات المدهشة ان ثورة اكتوبر لم تتفجر بسبب الغلاء ,او ارتفاع الاسعار,اوانعدام السلع ,اوصفوف البنزين والجازولين, فكان كل شىء كان متوفرا ,وإقتصاديا وكان سعر الدولار يساوي 0.29 جنيها سودانيا ,اذن لم يكن سبب انفجارالثورة هو ضيق فى العيش, وانما كان سببها الرئيس انعدام الحريات السياسية وسيادة الراى الواحد مما يدل على ان كل طبقات الشعب السودانى كانت على درجة كبيرة من الوعى السياسى وهو وعى مكتسب من الكتاب والمجلة والجريدة.

فى إنتفاضة ابريل ضد حكم النميرى عام85 ابريل اعيد انتاج ادوات ثورة اكتوبر مرة اخرى فظهرت جبهة هيئات جديدة  تحت اسم ” التجمع النقابى” ضمت الأطباء والمهندسين والمحامين والقضاة وعبرها اعلن الاضراب السياسى ثم العصيان المدنى,وتمت قيادة الشارع ,ومثل ثورة اكتوبر انضم صغار الضباط الوطنيين للجماهير واجبروا وزير الدفاع سوار الذهب على تسلم السلطة ذلك الرجل الاكذوبة الذى مهد الطريق للاسلاميين حتى احرزوا  51  مقعدا فى الإنتخابات فقويت شوكتهم  لينقلبواعلى الوضع الديمقراطى  باكمله.فى عام989        1

اما الحديث عن ثورة سبتمبر التي اطاحت اقوى نظام إستبدادى مر على السودان  فقد كانت بالفعل  حدثا يحتاج الى دراسة عميقة  لماذا؟ لانها اى الثورة قام بها  شباب غاضب غير منظم ,اى انه لاينتمى الى  حزب سياسى  ولايمكن وصفه  بالطبقة الجديدة  لانه  اطار  فضفاض  ولاتنطبق عليه شروط الطبقة .

وحسب الوكيبيديا  إن (مصطلح “طبقة اجتماعية” عادة ما يكون مرادفا ل “طبقة اجتماعية اقتصادية” والذي يمكن تعريفه بانه”اشخاص يملكون نفس الوضع الاجتماعي اوالاقتصادي أو التعليمي. إن المعايير الدقيقة لتحديد مفهوم الطبقة في المجتمع قد تغيرت مع مرور الوقت، ووفقا لكارل ماركس فإن “مفهوم الطبقية” يحدد عن طريق علاقة الفرد مع وسائل الإنتاج (علاقاتهم الإنتاجية) والطبقات في المجتمع  الرأسمالي المعاصر كما اسماها ماركس هي البروليتاريا وهم أولئك الذين “يعملون لكن لا يملكون وسائل الإنتاج”والبرجوازية وهم الرأسماليون الذين يملكون وسائل الإنتاج )

يسمى الدكتور حيدر ابراهيم  على ما حدث   فى السودان انه “شعبويه “وهو مصطلح  جديد يوصف  نواة الثورة الشبابية التى فاجأت القوى السياسية التى راهنت على سقوط النظام  بأدوات اكتوبر وابريل نفسها ,وبالطبع لم يحدث هذا ,واحسب ان الشعبوية التى  يقصدها  حيدر هو مشاركة  طيف واسع من الشباب   والشابات لاينتمون الى حزب سياسى  وفى مقدمتهم  الفتاة السودانية ,على ان  مشاركة الأخيرة هو اشبه برفع  الغطاء عن القدر ليخرج البخار كله , فالمرأة السودانبة اكثر ماتعرض للتبخيس والأضطهاد فى ظل “الإستيطان المتاسلم “الذى اعتبرها عورة فقط , ناقلا بذلك  النموذج السعودى المتخلف “الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر” فجرى ملاحقة النساء فى الشوارع  وجلدهن  فى ابشع معاملة  تتلقاها انثى وإستنادا على هذا الثراث  الهمجى  كان  الرد بالمشاركة  الواسعة  للمراة  لترتفع من اسفل السلم  الى راس السلم .

هل يمكن القول بأن ماجرى هو شبيه بالثورة الشبابية العالمية التى انتظمت اوربا في ستينات القرن الماضى ضد الرأسمالية كنظام  يسحق الأنسان؟ و هل ارتبطت  تلك  التظاهرات الصاخبة بالمدرسة الفلسفية    الجديدة  التى قادها كل من المفكرين هربرت ماركوس , وريجيس دوبريه والتى لا ترى سبيلا لتحقيق العدالة الإجتماعية الا بموت الراسمالية وإنتصار الإشتراكية ؟,على ان هذه  الإعادة للتجربة الشبابية  فى دول العالم  الثالث بعد اكثر من نصف قرن  تعيد شريط  الظلم الإجتماعى الآكثر شراسة فى العالم الثالث ولكن بشكل مختلف عن الشكل الأوربى ,ففى تونس اقدح شرارة الثورة البوعزيزى شاب خريج جامعى عاطل عن العمل هشمت الشرطة عربة البيع  مصدررزق أسرته  فكان إحتجاجه مأسويا عندما صب الكيروسين على جسمه منتحرا إحتجاجاعلى عنف الدولة تجاه جائع لايجد عملا  فاختار التضحية بنفسه وارسال رسالة للذين هم على شاكلته, و هذه الرسالة نفسها وصلت الى مصرعندما اطاح الشباب بنظام الرئيس حسنى مبارك, اما فى السودان  فلا يستطبع  اى حزب  نسب الثورة له  وان  تفاوتت قدرات المعارضة لدى كل حزب واخر  مثلا هناك حزبان قاوما النظام مباشرة بتنظيم المظاهرات والوقفات الإحتجاجية كالحزب الشيوعى وحزب المؤتمر السودانى ولابد من الأعتراف ان شعار  حرية سلام وعدالة هو شعار  اجترحه الحزب الشيوعى وصار شعار الثورة  المعتمد.

تطرقنا من قبل الى الاختلاف بين الثلاثة ثورات من حيث الأسباب والاستراتيجية ,والتكتيك  وعلى الصعيد الأول فأن مشاركة ملايين الشباب كان نتاجا طبيعيا  لملايين العاطلين  الذين  لفظتهم الجامعات بنينا ,وبنات الى الشوارع  ليجدوا انفسهم  بلا عمل فاختارالبعض ان يكونوا سائقى ركشات ,او سيارات اجرة ,او سماسرة فى السوق , بينما فرص العمل كانت تعطى لأبناء الحاكمين فقط دون غيرهم ,بل ان النظام ابتكراسلوبا تعجيزيا  ليشترط  حفظ القران الكريم لمن يريد التقدم للوظيفة  ويذكرالجميع  “فيديو” المواجهة التى جرت بين خريج  جامعى ومسئول كبير”نافع على نافع” عندما اتهمة الطالب  بتوفير العمل لآبنه الفاشل بل  بتخيص منظمة بأسمه.

من هذا المشهد نشير الى عملية  تراكم غاضبة صامته كانت تنمو غى نفوس الاف الخريحين الذين يشاهدون الفساد الوظيفى يجرى امام اعينهم وهم يعانون من الفاقة بينما  زملاؤهم من ابناء الحاكميين ينعمون فى رغد من العيش ,هذا التضافربين الفساد والسلطة كان التشقق الذى كسر القشرة السياسية الهشة للنظام لتخرج هذه  التنانين  تنفث من خياشيمها  اللهب من عطبرة ومدنى وبورتسودان , والفاشر, والجنينة والأبيض , وكافة المدن السودانية.

بهدلة الثورة

اصبحت الصدف فى السودان قانونا يقاس عليه ويعرف  قاموس المعانى الصدفة بقوله “صادف الشَّخصَ :لاقاه ووجده من غير موعد ولا قصد”.

وهذا بالضبط ماحدث فى إختيار العديد من المسئوليين  ليقودوا  الثورة العظيمة بدءا  برئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذى لم يكشف لنا  حتى الان تفاصيل كيف تم إختياره  ومن هم  الذين رشحوه؟ وصلا بالجانب الغائب فى الترشيح  الاول الى خاطبه فيه محمد طاهر ايلا رئيس وزراء الحيرة الذى اختاره البشير وكان مركب النظام يبدأ فى الغرق , على  ذلك  النحو  الصدفى”  كان حضور العديد من المعارضين للنظام من الخارج ليشغلوا وظائف الوزير والوكيل والمستشار والمدير, ولسنا هنا فى سبيل التشكيك فى وطنيتهم ومواقفهم من النظام  ولكن فى غمرة فوضى المعلومات وجهل القنوات الفضائية بالكثير من المتحدثين فى الداخل لجأت هذه القنوات اليهم بوصفهم متحدثين رسميين باسم الثورة فسلطت الضواء عليهم وترسخت اسمائهم لى الذهن العام , ثم بعد سقوط النظام جاء هؤلاء الى السودان مشاركين فى مرحلة  مابعد الثورة عبر ترشيحات اصدقاء واقارب من داخل تنظيم الحرية والتغيير وليس عبر لجنة فنية مستقلة تدرس قدراتهم وخبراتهم حتى يكونوا  مؤهلون للمناصب التى احتلوها وهكذا انكشف ضعف ادائهم بل وانعدامه اساسا فأستبدلت نظرية التمكين الكيزانى “بتمكين ثورى” جديد على ان الأكثر غرابة ودهشة هو ان هؤلاء يظهرون فجأة وبلا مقدمات ودون قرارات تعين تصدرمن رئيس الوزراء ,ورئس الوزراء نفسه وعبر نظرية الصدفة يقبل  هؤلاء عبر وسطاء غامضون دون ان يمحص ملفاتهم والسؤال عنهم من اكثر من مصدر, وهنا نعيد السؤال مرة اخرى كيف تم تعين حمدوك نفسه اليس نظرية الصدفة كانت مدخدلا للرجل  ولغيره ليتبوأهذا المنصب  ؟

[email protected]

‫4 تعليقات

  1. الحزب الاتحادي الديمقراطي بعد ثورة اكتوبر بسنوات ، وحتى حزب الشعب الديمقراطي الذي كان تحت رعاية السيد علي كان مع جبهة الهيئات وكان ضد طرد النواب الشيوعيين ، ماسبب اقحام الميرغني
    هنا ؟
    ،

    1. الذين تآمروا علي ثورة اكتوبر هما الحزبين الكبيرين وجبهة الميثاق الاسملامي يا قاضي فهم الذين اجهضوا ثورة اكتوبر، واما حزب الشعي الديمقراطي بقيادة شيخ علي بعد انفصاله من الحزب الاتحادي الديمقراطي وقف ضد حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من الجمعية التأسيسية، وطبعا “ابودومة” اسماعيل الازهري كان له القدح المعلي في حل الحزب الشيوعي بالاضافة الي الي الصادق الصديق الفحل وحسن الترابي. وهذا تاريخ يا قاضي. وكلام الاستاذ محيسي صحيح مائة في المائة.

  2. وماذا عن اختيار فيصل محمد صالح. كلنا يعلم ولائه للكيزان والانقاذ َمهما ادعي غير ذلك.
    وماذا عن اختيار تاج السر الحبر ونعمان عبدالله وعدم سعبهم لتفكيك سيطرة الكيزان على القضاء..
    للأسف الشديد تسلقت َمجَموعة المساومه التاريخيه بقيادة الشفيع خضر وكمال الجزولي سلم الثوره وتولوا امرنا دون وجه حق وتم اختيار حمدوك نسبة لضعف شخصيته وتردده في اتخاذ اي قرار مما جعله مطية سهل قياده بواسطة مستشاريه المساومين التاريخيين..
    مجموعة المساومه التاريخيه تحالفت مع مجموعة الهبوط الناعم والكيزان للسيطره على مقاليد السلطه ووأد ثورة ديسمبر المجيدة..
    وردنا لهؤلاء الخونه هو خسئتم سيتصدي لكم الثوار وسيتم قبركم في مزبلة التاريخ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..