مقالات وآراء سياسية

ليلى .. و التطبيع

علي يس

•       قالوا ، في شأن تكاثُر الباكين على وصلِ ليلى واحدة :
و كُلٌّ يدّعي وصلاً  بليـــلى         و ليلى لا تُقِرُّ لهـــم بذاكا
إذا اشتبكت دُموعٌ في خدودٍ         تبيَّن من بَكى مِمّن تباكى
•       ثُمّ قالوا في شأنٍ تكاثُر الـ(ليلاوات) على الباكين :
كُلٌ يبكي على ليلاه ..
•       و في شأنِ التطبيع مع دولة إسرائيل ، نرى الأمرين معاً .. هنالك من يدّعي وصلاً  بليلى (إسرائيل).. و هنالك (مُغَنُّون) كُثرٌ ، كُلٌّ ينشُدُ ليلاه في شأن التطبيع ..
•       ترى البُرهان و من ورائه عسكرُ اللجنة الأمنية للبشير “سابقاً” ، مجلس السيادة حالياً ، يلتمسُون ليلاهُم في التطبيع ، و ليلى هي رضاءُ أمريكا ، التي تملك أوراقاً عصيّة ، أهمُّها  على الإطلاق غضُّ الطرف عن استئثارهم بالحُكم بالانقلاب على المكوِّن المدني ، مع بعض الإجراءات الشكليّة ، مثل خلع البزّة العسكريّة و إجراء انتخابات صوريّة (نموذج السيسي في مصر) “و هذا هو النموذج الأفضل بالنسبة للبرهان، الذي لم يقو على كتمان إعجابه  بالسيسي و العضِّ على سُنّتِه بالنواجذ” .
•       و من أوراق أمريكا العزيزة أيضاً ، سيطرتها – من وراء حجاب – على المحكمة الجنائية الدوليّة ، التي و إن صدق قُضاتُها إلاّ إنّهم لا يملكون شيئاً تجاه أمريكا التي حطّمت كل الأرقام القياسية في جرائم الحرب ، فلم يجرؤ محقِّقو الجنائيّة الدوليّة على رفع إصبع في وجهها ، و الأمر نفسه ماثِلٌ بشأن ربيبتها إسرائيل، و ليس وارداً على الإطلاق أن تتمكّن محكمة الجنايات الدوليّة من محاكمة أو إدانة أحد دون ضوء أخضر من أمريكا (ربّما سمحت أمريكا للمحكمة ، توفيراً لماء وجهها ، أن تحاكم بعض ربائبها و لكن بشرط  تبرئتهم من الجرائم المنسوبة إليهم) .. و لهذا ، أرى أنّ البشير و شركاءه من داخل السجن سيكونون أسعد الناس بتوقيع اتفاق مع إسرائيل بشأن التطبيع ، و لن يتردد البشير في الرقص و إطلاق زغرودة من داخل سجنه لو تم التطبيع ، فالبرهان الذي وعد بالحيلولة دون مثول البشير أمام المحكمة الدوليّة ، سيجد دعم أمريكا الكامل لتعهُّداته بعد التطبيع ..
•        ولكنّ “ليلى التطبيع” في غناء مبارك الفاضل هي ليلى أُخرى ، غير ليلى البُرهان ، فمبارك الفاضل ، الذي يبدو أنّه تعرّض ذات يوم لبعض الاستفزاز من بعض الفلسطينيين ، و ربّما التجريح ، يرى أنّه :
لا يسلمُ الشرف الرفيع من الأذى ..
حتّى يتم التطبيع مع إسرائيل
نكاية في بعض الفلسطينيين الذين أساءوا الأدب مع حفيد المهدي.
•       أمّا ليلى الثالثة ، التي تخُصُّ بعض منسوبي الحرية و التغيير ، الذين ينتظرون أن تكون ثمرة التطبيع هي رفع اسم السودان من القائمة السوداء الأمريكية ، و ربما إلغاء الديون و الدعم الاقتصادي ، فهي “ليلى” أكثرُ حشمةً ، و ربّما أكثر جمالاً .. و لكنها ، من بين جميع الليلاوات ، هي الأكثر دلالاً و مراوغة ، و هي تشبه في دلالها هنداً ، صاحبة ابن أبي ربيعة ، و رُبّما تمثّل بعض الطامحين إلى رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، قولة  عمر ابن أبي  ربيعة ، مخاطبين أمريكا :
ليت هنداً أنجزتنا ما تعد       و شفت أنفسنا مما تجد
•        و لكنّ للإمام الصادق المهدي ليلاهُ أيضاً في شأن التطبيع مع إسرائيل ، و هي (ليلى النافية)
•       الصادق المهدي أكثرُ اهتماماً  بصناديق الاقتراع ، خصوصاً و إنه لا يكف عن دعوته اللزجة إلى “انتخابات مبكرة” ، فالرجُل الذي ظلّ رهانه قائماً على القوى الطائفية التقليدية ، بما فيهم طائفة “الكيزان” من أصهاره ، يرى أنّ فُرصته المُثلى تتمثل في “الهبوط الناعم” ، الذي لا يزعج حلفاءه من بقايا حكومة الانقاذ ، أمثال المؤتمر الشعبي و جماعة غازي صلاح الدين و الطيب مصطفى و من تسمّوا بـ(أهل القبلة) ، و هؤلاء جميعاً يرضيهم و يوافق غيرتهم المدّعاة على الإسلام ، إعلان الصادق المهدي رفضه القاطع للتطبيع .. و لكن الصادق يمكن أن يعيد النظر في الأمور (بتوضيحاتها)  إذا تبيّن لهُ ، ذات يوم ، أنّ مسألة التطبيع يمكن أن يناله منها منفعة ما .. فالرجُل يعرف كيف يحتاط لأسوأ السيناريوهات.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..