مقالات وآراء سياسية

تدابير لمنع تجنيب الاموال العامة

أسامة ضي النعيم محمد   

 

أخيرا اعترف أحد الولاة بظاهرة الشذوذ في التعاطي مع الاموال العامة ، فالتجنيب سفاح أنجبه نظام الاخوان وتم الدفع به تمكينا ليقضي علي بنود الصرف في الموازنة العامة للدولة ، ببساطة هو سرقة يقوم بها الحامي وينطبق عليه القول ( حاميها حراميها).

في ولاية الخرطوم وأبان تولي عبد الرحمن الخضر كانت قضية الملازم غسان هي رأس الجليد الذي حرك جبال أموال التجنيب من بيع الاراضي وتلك الشركات الاخطبوطية التي مارس فيها ذلك الوالي التجنيب والفساد ثم افساد غيره حتي أنه دفع بعدد من أفراد أسرته للولوغ من أموال التجنيب ، للأسف شهد لصالحه بعض من يدعي أن الوالي يصلي معهم الصبح حاضرا ، رواية يدفعها بعيدا كمعيار للنزاهة حديث شيخهم الترابي حيث صرح بأن (الاخوان) لم يتحصنوا من فتنة المال والشاهد بالتجربة أنهم لم يتحصنوا من كل شهوات الدنيا ، ثم فضحه خلفه عبد الرحيم حسين في تصريحه الشهير (الاراضي كلها باعوها) . فالمال من حرام أو حلال ركضوا بحثا عنه ، الصرافات غير الشرعية بصبيتها الذين جابوا فرندات بنك فيصل الاسلامي في سبعينات القرن الماضي كانوا (جوكية) عند زعماء الاخوان يديرون حركتهم من داخل صرافات .

في ولاية شمال كردفان ، سار فيها الوالي أحمد هارون بذات النهج والمدرسة التي ينقصها التحصين من فتنة المال ، الخزينة كانت في مكتب الوالي وتفتح ببصمة عينه شخصيا ، لم يكن يرحب بفرق المراجعة الداخلية والجفوة بينه والمحاسبين تسير بلا خجل أو حجاب ، أموال نفرة شمال كردفان تحولت عنده الي تجنيب من خاصته يتصرف في مالها بمشيئته .

تجنيب الاموال العامة في عهد الانقاذ طالت حصائل البترول ، رد عوض الجاز الاشهر هي أن أموال البترول تجنب لشراء الذمم أو كما رده علي سؤال مبارك الفاضل. الاصل في أموال البترول هو تجنيبها والهدف المعلن في مجلسهم الاربعيني بغية استعمالها لاستعادة سلطتهم في حال دار الزمان عليهم ، هو ما يبرعون فيه اليوم باستخدام تلك التجنيبات من الاموال ومحاولة خنق اقتصاد البلاد، تمارين سبق أن مارسوها ونجحوا في تدمير حكومة الصادق المهدي.

وفي تصريح الوالي أيضا جاء (معالجة تشوهات سببها النظام البائد بالقوانين المالية والمحاسبية بالولاية)، هي ليست تشوهات فقط بل هي كارثة علي الانظمة المالية والمحاسبية في السودان ، داس نظام الاخوان علي ارث جميل من الانضباط المالي والمحاسبي كما داست سنابك خيل التتار علي كتب بغداد ، منصب السكرتير المالي ومن بعده وزير المالية كانت مقاعد تنطق بالحكمة والتوازن يسمع الجميع لمشورتها . في عهد الانقاذ حل الدمار علي أنظمة وقوانين المالية والمحاسبة ، أفرغت وظيفة المحاسب من المهنية والتخصص وغدت تمارس من حملة علوم اللغة العربية والبيان وغيرها أو بلا مؤهل ، بعضهم بالولاء والتمكين أصبح في أعلي السلم الوظيفي قائدا لفريق المحاسبين يسير بهم كما يوجهه الشيخ ليلا أو انفاذا لما يلقيه عليه من تعليمات التجنيب بعد الصلاة معه في المسجد.

القوانين المالية والمحاسبية في السودان عموما تحتاج الي عقد مؤتمر جامع لإلغاء فكرة التجنيب وتحريمها علي رؤوس الاشهاد ثم التواثق علي حماية الموازنات العامة في مرحلة التنفيذ وإعلاء الصوت اعتراضا عند التجاوز تجنيبا .  التشوهات في ألأنظمة المالية والمحاسبية طالت بنك السودان ووزارة التجارة وسجل عام الشركات ومن بين الثقوب بفعل التشوهات ظلت  حصائل الصادر بعيدا عن بنك السودان والبنوك التجارية ، لا يحرك بنك السودان فقرات العقاب والجزاء في تلك القوانين بل يختار التجنيب حلا يسكن اليه.

خير من يعلو صوته لوقف التجنيب في المال العام هو حادي وراعي مهنة المحاسبة في السودان ، ديوان المحاسبة أو الحسابات وتوأم العمل في الجناح الاخر ديوان المراجع القومي وبينهما تتقاسم مهمة ايقاف التجنيب في المال العام عبر مؤتمرات مهنية توظف لها خبرات محلية وإقليمية ودولية ، نعم دولية أيضا لان المحاسبة صارت اليوم صناعة تحتكر برامجها شركات عالمية تستخدم من هم بخلفيات في علوم المحاسبة والمراجعة ثم تزويدهم بجرعات تدريبية في تقنية المعلومات ، الناتج محاسب يتعامل مع أحدث أنظمة المعلومات المالية تشغيلا وصيانة وابتداع برامج تسوقها تلك الشركات العالمية لتجني منها الارباح بالملايين من الدولارات.

وتقبلوا أطيب تحياتي.

مخلصكم / أسامة ضي النعيم محمد   

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..