مقالات وآراء سياسية

إتفاقيات جوبا و شجونها

التجاني محمد صالح

إتفاقيات جوبا الموقعة بين الحكومة الإنتقالية و بعض الحركات المسلحة المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية قد رسخت عبر نصوصها للمحاصصة. فقد جرى تقسيم المناصب و الموارد بين المجتمعين مما يعطي الحق للمجموعات غير الموقعة من أي إقليم أو جهة أن تطالب بنصيبها من الثروة و السلطة.
لقد نصت جوبا أيضا على الحكم الذاتي لبعض الأقاليم و بهذا فقد فتحت الباب واسعا أمام إمكانية تكوين دويلات من خلال مطالبة البعض بحق تقرير المصير في حال الفشل في تنفيذ الإتفاقيات أو في حال بعض من لم يشملهم الإتفاف كما جاء في إعلان بعض مكونات الإقليم الشرقي.

إن المحاصصة التي تمت في جوبا ستسهم في عدم الإستقرار الذي ربما سيفضي إلى عدم إستمرار وجود “السودان الفضل” موحدا و هذه ستكون جريمة تاريخية ترتكب في حق الشعب السوداني الفضل الغائب الأوحد في تلك الإتفاقات.

إتفاقيات جوبا يلفها الكثير من الغموض فيما يخص تمويل تنفيذ بنودها و آليات المعالجة في حال نكوص أحد الأطراف عن تنفيذ كل أو بعض بنودها. و هنا يأتي السؤال ماذا سيحدث في حال عدم تنفيذ إتفاقيات جوبا وفقا للمصفوفة التي صيغت بطريقة و كأنما قصد منها ألا تنفذ أو إن نفذت أن تفضي لأوضاع ليس منها ما يساعد على الإبقاء على وحدة السودان؟ و في تلك الحالة هل ستعود الأطراف للحرب مجددا كما حدث ذلك من قبل في إتفاقيات أبوجا و الدوحة؟

قد أطاحت إتفاقيات جوبا بالعديد من البنود الأساسية للوثيقة الدستورية. فقد تم إلغاء كامل المدة التي أنقضت حتى الآن من الفترة الإنتقالية بتصفير العداد ليبدأ من تاريخ التوقيع النهائي على تلك الإتفاقيات. كما تم توسيع مجلسي السيادة و الوزراء الإنتقاليين و تم تعديل نسب المشاركة في المجلس التشريعي. كل ذلك قد تم في غيبة شبه تامة للثوار الذين هم من أشعل الثورة و كانوا وقودها. و السؤال الأكثر تحديا الآن هو ما مصير ما تبقى من الوثيقة الدستورية التي هي وثيقة الثورة و المعبر عنها مع ما فيها من إختلال يعلمه الجميع؟ و هل سيتعين على الثوار أن يهبوا مجددا لإنقاذ ثورتهم التي تتداعى أم ستترك لتلاقي مصيرها من النسيان في دفاتر التاريخ؟

التجاني محمد صالح <[email protected]>
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..