م/ التجاني محمد صالح
أن قرار إلغاء غرب كردفان يقصد به أمر واحد هو إعداد المسرح لما هو آت. الآن يتم إلحاق الجزء الجنوبي من غرب كردفان بولاية جنوب كردفان و إلحاق الجزء الشمالي بولاية شمال كردفان. بهذا يكون قد تم توكيد نظرية (شمال – جنوب) كخطوة تمهيدية ضرورية الهدف منها الإعداد النفسي اللازم في هذه المرحلة لما سيأتي من (البركان العظيم). و البركان هو الإعلان عن الإنفصال التام لجنوب كردفان بعد تطبيق المرحلة الأولى منه و هي الحكم الذاتي. و هذا يجعلنا لا نثق في النوايا المعلنة من قبل الحكومة في إمكانية التوصل لإتفاق مع عبد العزيز الحلو. و بهذا يكون قد أصبح واضحا أنه من غير المتوقع الموافقة على شروط الحركة الشعبية بقيادة الحلو في سودان جديد تكون فيه جنوب كردفان و النيل الأزرق جزء من السودان الفضل في ظل المواطنة المتساوية.
يجري إعداد الأرضية المناسبة منذ الآن بإذابة ولاية غرب كردفان لتكريس مفهوم شمال كردفان و جنوب كردفان حتى يسهل معه فصل جنوب كردفان لاحقا. هذا الأمر ليس غريبا من الجماعة الحاكمة و قد سبق أن أعرب عنه الحاج وراق في تسجيل شهير إذ قال بأنه يمكن لجبال النوبة و النيل الأزرق أن ينفصلا و لا يمانع في ذلك طالما أن المشتركات بينها و بقية السودان لا تسعف الوحدة. في ذلك التسجيل أيضا ذكر وراق أنه يمكن لدارفور أن تنفصل و لكنه يمانع تماما بل و سيقاتل في حال أن أعلن شرق السودان الإنفصال.
على أبناء كردفان خاصة و السودان عامة مقاومة هذه الخطة لتقسيم الإقليم و التأكيد بأن كردفان إقليم واحد فيه من الإنسجام بين المواطنين ما لا يراه دعاة الفرقة طلاب المناصب قصار النظر الذين تتقمصهم روح الهيمنة على الآخرين. فإن كانت فكرة المثلث اللئيم قد صرح بها حمدي نيابة عن جماعة الإخوان المسلمين فرع السودان إلا أنها في حقيقتها نابعة من أصل التفكير العقيم للسودان القديم و قواه شديدة التخلف.
هو المخطط كذلك لمنطقتى النيل الازرق جنوب كردفان ولكن لو رجعنا لشواهد التاريخ والتداخل الاجتماعى والثقافى والإثنى الهائل لكل من المنطقتين فى مواقعهما الجغرافية نجد إنفصالهما صعب ومن يراهن على ذلك خاسر لهذا فإن المخطط مهما طبخ ومهما قدم له من دعم غربى او شرقى او حزبى داخل الدولة السودانية فلن ينجح لان ما يجمع الناس فى منطقة النيل الازرق أكبر بكثير مما يفرق وكذلك فى جنوب كردفان ومن اراد فصلهما مثل الذى يريد ان يعمل من الفسيخ شربات.
بالنسبة للنيل الازرق فإن عقار يطمع فى سنار الولاية بمدنها وقراها وبواديها وباراضيها ومشاريعها الزراعية ومصانعها وجروفها وبساتينها لتكون دولة واحدة لهذا جاء نظام الاقاليم حتى يمرر عبره ما يريد وخاصة انها ستكون تحت الحكم الذاتى وسرعان ما يطالب بالانفصال ليس للمنطقة التى تدور فيها الحرب بل تعداها فالمنطقة التى عرفت بالنزاع والتمرد على المركز هى منطقة جنوب النيل الازرق الكرمك وقيسان ويابوس ما تعرف بجبال الانقسنا وما تبقى من النيل الازرق ظل وسيظل بدون حرب او نزاع ولا يمت بصلة له من قريب او بعيد والحقوق محفوظ ومعروفة والارض ملاكها معروفين من قبائل الفونج ، قبائل رفاعة ، والعنج من قبل حتى قيام دولة الفونج عام 1505 ميلادية والتى حكمت حتى 1821 اى اكثر من ثلاثمائة عام ولم تحدث اى مشاكل او تحدث اى اختلاف ولا تمرد طيلة هذه الفترة فالسلطنة الزرقاء تمتد من حدود جنوب النيل الازرق وحتى منطقة الشايقية شمالا وهى كانت نواة دولة السودان الحالية وحكمته لقرون دون ائ شئ يذكر وبعدها إستلم الاتراك الحكم وضمت له بقية اقاليم السودان المختلفة بدء من عهدهم ثم عهد الانجليز حتى خرج السودان الحالى قبل انفصال الجنوب من الاستعمار ونال الاستقلال بالحدود التى تركها لنا المستعمر ، فعليه عقار لن يستطيع باى حال من الاحوال تغيير الواقع على الارض وتكوين دولة له ولو اجتمعت كل قوى الارض ولكن يمكن ان تكون دولة تمتد من الدمازين جنوبا وحتى مروى وكورتى شمالا فهى دولة اصلا مؤسسة قبل ما يزيد عن خمسمائة عام ولم تشهد اى مشاكل او توترات او انشقاقات لهذا فإن السودان حتى لو تم تقسيمه بايدى خبيثة وعملاء لهم فسيكون النيل الازرق والجزيرة والنيل الابيض والخرطوم ونهر النيل والشمالية دولة واحدة ويمكن ان يضاف لها الشرق باكمله للتقارب الاثنى والثقافى وقلة التباين الاجتماعى والقبول الاثنى وتشابه التراث والموروثات الشعبية وحتى فى المهن الممتهنة فاغلبهم رعاة ومزارعين كما انهم يمتازون بالسلم الاجتماعى العالى وتوفر الامان و عدم الميل للعنف فى نزاعاتهم ولم تتمرد المناطق المذكورة على امتداد التاريخ السودانى إلأا قليلا فى الشرق ولهذا عقار لو اراد الانفصال فلن يستطيع ذلك ألا بفصل جنوب النيل الازرق وهى منطقة لا تستطيع ان تقوم دولة فيها وإن قامت فسوف تبتلعها اثيوبيا او جنوب السودان وبالتالى هو يريد سنار حتى ود الحداد شمالا ولكن هل يقوى على ذلك لا اظن
لو قسمت السودان ستكون الخرطوم عاصمة للنينلين الازرق والابيض والجزيرة ونهر النيل والشمالية وربما الشرق كله وكما ان كرفان ماعدا جنوبها ستكون جزء منها على اغلب الظن للتقارب الاثنى والثقافى والتداخل والتمازج الاجتماعى . ولا ننسى ان قيام دولة الفونج لم يتم إلا بعد ضم الخرطوم لدولة الفونج ممثلة فى سوبا وجاءت المقولة الشهيرة سوبا الخرب عجوبة ، طبعا سوبا المقصودة هى ( سوبا شرق ) لان دولة الفونج كانت تحالف احد فروع قبيلة رفاعة الكبرى ( القواسمة) مع الفونج ومعروف ان قبائل رفاعة كانت على امتداد شاطى النيل الازرق بالشرق وحتى ان النيل الازرق قبل الاتراك وفى عهد دولة الفونج وقبلها يسمى ( بحر رفاعة ).
اما دارفور فهى ضمت للسودان قبل مائة عام ونيف فى عام 1916م اى تعتبر احدث اقليم يضم للسودان الحالى والجنوب اقدم منها إنضماما للسودان بعدة سنوات لهذا سهولة انفصال دارفور سهل جدا ولكن من الخاسر السودان ام دارفور ، طبعا الخاسر دارفور فى كل الاحوال لان دارفور لو قامت فيها دولة ستكون دولة مغلقة بعيدة عن التأثير العربى ومنطقة القرن الافريقى وبعيدة الاهمية الجغرافية وكما انها تحتاج لبعض الموارد الطبيعية غير المتوفر فيها وستكلفها الكثير للحصول عليها وهى تحصل عليها الان مجانا وكما انها ستشوه ثقافتها العربية والاسلامية ففى دارفور اثنيات عربية أكثر عروبة من كردفان ووسط وشمال السودان ولا زالت تحتفظ بإرثها العربى الاصيل ومنهم الأبالة والبقارة.
ما جنوب كردفان فهو رغم التباين الإثنى إلا أنه من الدولة التركية لم ينعزل عن بقية السودان وان المهدى اول ما لجأ لجأ إلى ادم ام دبالو فى جبال غدير جبال النوبة الحالية فى وادى يسمى بطن امك على ما أظن والنوبة لهم تأثير فى كل السودان وهم فى تداخل اجتماعى وثقافى واثنى بل ومصاهرة مع بقية الشمال وخاصة وسط وشمال السودان.
ما قاله الحاج وراق حقيقة تاريخية غيبها الفتح التركي لمملكة سنار او ان شئت قل السلطنة الزرقاء بواسطة محمد علي باشا من اجل الذهب و العبيد… غير الترك اسم مملكة سنار للسودان عام 1822م , وسع الترك سودانهم فضموا اليه جنوب كردفات و النيل الازرق ودارفور وكلها كانت مستغلة لحالها لها سلطناتها وحكوماتها وتحكم نفسها بنفسها…سقطت حكومة سودان محمد علي باشا على يد المهدية عام 1885م ولكن لم تتغير خريطته …جاء الانجليز بقيادة كتشنر واعادوا سودان محمد علي باشا عام 1898م و سموه السودان الانجليزي المصري و لكن دارفور لم تكن جزء منه حتى تم الحقها عام 1912م. عاد سودان محمد علي باشا عام 1912م باسم السودان الانجليزي المصري و استمر حتى استغلاله من الانجليز عام 1956م..هل كان للسودانيين ارادة في تكوين هذا السودان ام كونه المستعمر حسي مصالحه؟ نعم رسم المستعمر سودانه حسب مصالحه ولم يراعي لمصلحة الشعوب التي تعيش في هذه الرقعة من الارض. بعبارة اخرى لم نكون متوحديين قبل المستعمر وهذا اختيارنا كما راى اجدادنا , عاشوا كيانات مستغلة عن بعضها بسلام وحسن للجوار…سودان محمد علي باشا هو سبب عذابنا و شقانا ولم نذوق طعم للحياة ما لم نتخلص من هذا السودان الذي اصلا قام على قاعدة غزو بلادنا من اجل ( المال و العبيد)…استطاع الاخوان في جنوب السودان الخروج من هذا السودان البائس التعيس و رجعوا لاصلهم فاستراحوا و لكن ارجوا منهم تغيير كلمة السودان في اسم دولتهم حتى يكون الخروج كاملا اسما و معنا…الدعوة لبقية السودانيين ان يهدموا سودان محمد علي باشا و الرجوع لما قبل مجئه عام 1821م اسواة باخوانهم الجنوبيين والتخلص نهائيا من هذا السودان .. تقسيم السودان لما كان عليه هو الحل الناجع بالتجربة لقد وقفت الحرب بين الشمال والجنوب ولم ترق قطرة دم منذ ان انفصل الجنوب. و سوف يحصل نفس الشئ اذا رجعنا لاصلنا. ليس لحمدي مثلث ولا مربع ولا مستطيل نحن اهل السودان نعرف اشكاله الهندسية اكثر من حمدي وجده الباشا .
# تحليل فطير لا يستند علي الحقائق والوقائع علي الأرض…اذ انه يخلط بين مثلث حمدي …ودعوة الحلو للانفصال..فمثلث حمدي يعبر عن وجهو جهة سياسية بائدة.. وأما دعوة الحلو فتعبر عن فصيل مسلح يدعي أنه يمثل كل مواطني جنوب كردفان…فالطرحان يمثلا جهتين متطرفتين لا تؤمنان بالشوري والحوار والديمقراطية!!!
# فقضايا السودان المصيرية يتم بحثها في مؤتمر دستوري جامع لكل فاعليات المجتمع السوداني..يتم خلالها مناقشة كيف يحكم السودان.
# لذا علي الكاتب توخي الموضوعية في طرح القضايا المصيرية…لان الحصة وطن ..والوطن يسع الجميع.
مواطنوا النيل الأزرق و جبال النوبة يمثلوا السكان الأصليين للدولة السودانية، و يجب ان نضيف مواطني جنوب السودان. كل العادات السودانية و الارث الثقافي و الاجتماعي و الإيقاع الموسيقي نبعت من تلك الجماعات. انهم الأصل و الأصل لا ينفصل ، إنما ينفصل الفرع مثل سواكن ، الخرطوم او دارفور .