مقالات سياسية

حتى لا تتحول افراح السلام إلى أتراح!

أحمد محمود كانِم

لا يخلو المقال من كونه محض خواطر راودت الكاتب حينما تذكر حجم الخبائث التي ما فتئت تطل برؤوسها مكشرة أنيابها بغية الانقضاض علي كل ما من شأنه المساهمة في بناء سودان يسع الجميع بلا من ولا أذى.

فقد جاء التوصل النهائي إلى اتفاقية السلام في جوبا  والسودان قد بلغ مرحلة غير مسبوقة من شظف العيش وضيق الحال وهشاشة الوضع الأمني كنتيجة حتمية لتراكمات أخطاء وفساد نظام حكومة الجبهة الاسلاموية  المنهارة.

* وما يغذي عوامل الخطورة هنا هو أن الفترة السابقة التي أعقبت سقوط الطاغية البشير وتنفس الشعب السوداني علي إثره الصعداء ، قد شهدت عشرات من المجازر التي ارتكبتها وحاكت خيوطها جهات معلومة ، رغم محاولة الجميع التعامي عنها، وأبرز تلك المجازر حادثة صبيحة الثالث من يونيو/ حزيران 2019 أمام القيادة العامة ، علي أيدي قوات سميت متفلتة ومندسة وكتائب ظل وامن شعبي وجنجويد… لكن لم يجرؤ أحد علي توجيه أصابع الاتهام لقائد بعينه أو كتيبة بعينها.. كما أن لجان التحقيق لم توفق في التوصل  إلي الفاعل أو آمر الفاعل رغم وضوحه  بشهادة المئات من الناجين حتى لحظة كتابة هذه السطور.

والمحزن حقا أن ثمة ما يربو عن ال800 جثة مجهولة الهوية في المشرحة منذ يوم فض الاعتصام   لا تزال تنتظر قدوم ذويها لنقلها إلي مثاويهم الأخيرة ، حسبما أوردته صحيفة المواكب الاسبوع الفائت.

هذا بجانب عدد غير معلوم من المفقودين وفاقدي العقول ، وما برح الجاني حراً يأكل الطعام ويمشي في الأسواق .
* فإذا كان ذلك كذلك  ؛ فما المانع إذن من أن تدبر ذات الجهات مسرحية انقلاب عسكري يتم من خلاله تصفية قادة الكفاح الأخشن  وكل المغضوب عليهم من مخلصي ثورة ديسمبر  بعد جرهم إلي الداخل ، ومن ثم يتم عزو الفعل إلي ذات الفاعل المجهول ،في  ظل سيلان لعاب العسكر لإقتناص أي سانحة تعيدهم إلي الوضع السابق ، وبروز أصوات حزبية أبدت انزعاجها بوضوح من نجاح هذه الاتفاقية.. و قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أبشع وأخبث.

* قد يحمل التفاؤل البعض إلي حد تسفيه هذا التنبؤ الخطير ، إلا أن تأمل الواقع والاستقراء والقراءة الصحيحة لتأريخ معظم الشخصيات المشاركة في الحكومة الحالية ترجح كفة هذه الافتراضية ، كحلم استراتيجي ظل يراود النظام المحلول وأنصار مشروعه.

لذلك، لن يهدأ لأعداء السلام بال حتى ينسف ما تم الاتفاق عليه حرفاً حرفاً.
وحتى لا تتحول افراحنا بالسلام_علي علاته_  إلي أتراح وأحزان؛ علي الوفود المتقاطرة إلي العاصمة الخرطوم أخذ الحيطة والحذر  من تلك الجهات(المندسة) ،لأن أي تفريط سيعقبه دفع ثمن غالي.

وحتى لا تتحول افراحنا بالسلام إلي نواح ودماء ؛ علي الثوار القادمين إلي عاصمتهم القومية الخرطوم تولي تأمين قادتهم وممثليهم بصورة تضمن سلامتهم ريثما تتهيكل القوات النظامية لتقوم بدورها المنوط بها في حماية الوطن والاتفاقية ..
وما عملية اغتيال شعلتي ثورة التغيير السودانية الدكتور جون قرنق زعيم وعقل الحركة الشعبية لتحرير السودان  والدكتور خليل ابراهيم زعيم وعقل حركة العدل والمساواة وما خلفاه من فراغ  منا ببعيد.
وغداً ستكشف الأيام ما صمتت عنه الألسن والأقلام .

أحمد محمود كانِم / بولتون_انجلترا
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..