“أرفعوا أيديكم عن رمالنا! (2)”

محمد التجاني عمر قش
أوردت صحيفة الانتباهة في عددها بتاريخ 16/9/2020 ما نصه: “توصلت وزارة الطاقة والتعدين، ممثلة في الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية، وولاية شمال كردفان لاتفاق لاستغلال معدن السيلكون الذي يوجد في الرمال البيضاء بمنطقة بارا. وأذن والي ولاية شمال كردفان خالد مصطفى رسمياً ببدء العمل في مشروع استغلال هذا المعدن بعد توصلهم لاتفاق يسمح بدخول الشركات للاستثمار في المجال لتنمية البلاد”.
نحن من جانبنا نرحب بكل خطوة من شأنها أن تحقق أي مصالح اقتصادية وتنموية لأهلنا ولمنطقتنا وللسودان عموماً. لكن نود لفت الانتباه إلى بعض الجوانب الإجرائية والقانونية فيما يتعلق بالاتفاق المشار إليه! أولاً من البديهيات أن يكون المجتمع المحلي شريكاً أصيلاً في الاستثمار المزمع، مع أخذ نصيبه من الخدمات التي توفرها المسؤولية الاجتماعية من قبل المستثمر وحكومة الولاية تجاه المنطقة وأهلها من حيث التنمية بمعناها الشامل.
وتجدر الإشارة، في هذا المقام، إلى بعض النقاط المهمة: هل هذا النشاط صديق للبيئة، وإن لم يكن كذلك فما هي المخاطر المحتملة، وما هي المسؤوليات الاجتماعية للمستثمر تجاه المجتمع المحلي من جميع النواحي؟ وهل سيؤثر هذا النشاط على الأنشطة الأخرى التي يمارسها سكان المنطقة أو بالأحرى المجتمع المحلي مثل الزراعة بأنواعها والرعي؟ وفي حال تهجير بعض الناس من أماكن سكنهم، ما هي البدائل المتاحة لهم، هل ستبنى لهم قرى نموذجية بكل خدماتها أم سيكون هنالك تعويض مجزي؟ ما هي القيمة الإضافية لاستخراج السليكون التي يمكن أن يستفيد منها المجتمع المحلي، وهل سوف يعاجل المنتج أولياً في المنطقة أو سيأخذ على شكل خام، وفي حال ممارسة تصنيع أو تجهيز المنتج محلياً ما هي الفوائد الجانبية أو الأضرار المتوقعة؟ وهل ستنشأ صناعات مصاحبة لهذا النشاط، وأين ستكون؟ وما هي تلك الصناعات؟ وهل ستكون هنالك مخلفات ضارة وكيف يتم التخلص منها؟ هل سوف يوظف أفراد المجتمع المحلي في هذا النشاط؟ وهل ستكون هنالك فرص تدريب فني للشباب بحيث يكونون قادرين على التعامل مع هذا النشاط مستقبلا كأيادي عاملة وكوادر وطنية مدربة ومؤهلة؟ ما هو نصيب المجتمع المحلي من عائدات الإنتاج؟
ولابد من تحديد نسبة معينة تخصص للأفراد من ملاك الأراضي، التي يمارس فيها النشاط، طوال فترة الاستثمار، على أن تكون هنالك آلية قانونية وإدارية للإشراف على توزيع الحصص. وفي حال مغادرة المستثمر للموقع لمن ستؤول ملكية الأصول الثابتة والمنقولة، هل سيتفيد منها المجتمع المحلي أو الحكومة المحلية أم لا؟ ولابد من مشاركة المجتمع المحلي في مراقبة النشاط بحيث لا يتعدى المساحة المخصصة لذلك، تحت طائلة القانون. كما يجب أن تكون هنالك نصوص قانونية توضح الآثار البيئية والتضاريسية على المنطقة، مع إتاحة الفرصة للمختصين الفنيين لمراقبة هذا النشاط، مثلما هو الحال في كثير من الدول، بحيث يمكن تدارك الأضرار قبل فوات الأوان ووضع التدابير اللازمة للتعامل معها. وفي حال العثور على معادن نفيسة في المنطقة، غير مشمولة بالاتفاق، يجب أن يفصح عنها المستثمر! وفي حال مغادرة المستثمر لابد أن تعود ملكية الأرض لأصحابها الأصليين، ولابد أن يكون الاتفاق لمدة محددة.
ويجب أن تكون هنالك نصوص قانونية توضح حقوق وواجبات كل الأطراف، مع إتاحة الفرصة للمستثمرين المحليين للمشاركة في هذا النشاط، مثلما هو الحال في كثير من الدول. وهذا يستدعي الالتزام بأقصى درجات الشفافية والوضوح في التعامل، وفي هذا الصدد لابد من تحديد القانون المعمول به والجهات القضائية ذات الاختصاص في حال نشؤ نزاع بين المجتمع المحلي والمستثمر أو الجهات الرسمية. ولابد من أخذ الرأي العلمي من ذوي الاختصاص في الجيولوجي والدراسات البيئية وفي هذا الصدد يجب استشارة جامعة كردفان؛ خاصة كلية العلوم التطبيقية والهندسة والموارد الطبيعية والجهات الأخرى ذات الصلة. والإفصاح عن مكونات التربة والمعادن التى تحتويها وكمياتها مع إشراك علماء البلاد والاقتصاديين في تقييم القيمة الفعلية للمادة الخام.
هذه المنطقة بحاجة للاستفادة من مواردها من أجل التنمية وتغيير نمط الحياة بحيث يلحق المجتمع المحلي بغيره في مختلف بقاع السودان عبر تقديم الخدمات وإنشاء البنية التحتية التي تساعد في التنمية والتواصل. فالدول النامية يمكن أن تجني الكثير من المنافع التنموية من المسؤولية الاجتماعية للشركات عندما يكون هناك استراتيجية وطنية للمسئولية الاجتماعية، والتي تحدد بصورة واضحة الإسهامات التي يمكن تقديمها.
يعرف البنك الدولي المسؤولية الاجتماعية على أنها التزام أصحاب النشاطات التجارية بالمساهمة في التنمية المستدامة من خلال التعاون مع المجتمع المحلي لتحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم التجارة ويخدم التنمية في آن واحد. وبالتالي يجب على الشركات أن تكون دليها مسؤولية اجتماعية تمثل مجموع التزاماتها تجاه المجتمع المحلي الذي تمارس فيه نشاطها، ومنشأ هذه الالتزامات العلاقة المتبادلة بينها وبين المجتمع وكيفية تلبية حاجاته وتحقيق أهدافه، ولهذا فإن مفهوم المسؤولية الاجتماعية يشمل كثير من المعاني والمرادفات. نحن نريد الاستفادة من هذا المعدن وفق اتفاق شفاف ورؤية تنموية مدروسة وملزمة.
دا شغل الأكاديميين شغل بسيط وفي كفاات كتيرة تاخد حقها للدراسة وحتعود بفايدة كبيرة للبلد وناسها في مثل عايز اقوله ليكم ما من أخلاقنا لكن في ناس شغالين بيو جلد ما جلدك حكه في الشوك يجب أن نعي ونفهم ذلك وشكرا