أخبار السودان

بين رفعه والإبقاء عليه ..(تحرير الوقود) جدل معقد ومعاناة مستمرة..!!

تقرير: أمين محمد الأمين

اشتعل الشارع السوداني بجدلات كثيفة بعض عن نقلت مصادر صحافية تأكيد وزير الطاقة والتعدين المكلف المهندس خيري عبدالرحمن عن ترتيبات تجريها الحكومة لتنفيذ سياسة تحرير أسعار الغاز والبنزين، في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعيشها البلاد، وأكتظت محطات الوقود أمس وأول من أمس بمركبات من مختلف الأنواع لتزود بالوقود هلعا وخوفا من تحرير أسعار الوقود.

مواطنون وخبراء

وتباينت آراء المستهلكين بشأن تحرير أسعار الوقود بين رافض مؤيد، وطالبوا المويدون بتنفيذ القرار لوضع حدا لمعاناتهم في التزود بالوقود، مؤكدين على رغبتهم الشديدة لتحريره شرطا توفره، فيما قال رافضين أن الحكومة تتلاعب بهم ولم تنتهى أزمة الوقود بتحرير سعره، قاطعين أن أزمة الوقود كما أزمة الدقيق التي لن تنتهى حتى الآن، وقطع خبراء وباحثيين في الاقتصاد بأن قرار رفع الدعم سيؤثر على طبقة محدودية الدخل، قالوا إن له ايجابيات تتمثل في زيادة الايرادات الحكومية الحقيقية التي تسهم في دعم الجنيه السوداني مقابل العملات الاجنبية، مؤكدين أنه سينعكس على الانتاج ومدخلاته.

حديث الوزير

ونقلت مصادر صحافية أن وزير الطاقة والتعدين المكلف خيري عبدالرحمن، أعلن عن الترتيبات الجارية لتنفيذ سياسة تحرير أسعار منتجي الجازاويل والبنزين اللتان صدر قرار تحريرهم منذ فترة طويلة وأعلنه رئيس الوزراء رسمياً في اللقاءات العامة وفي مقابلته التلفزيونية.

واشار الى ان الأمر لم يعد موضع تسريبات وإنما كان ينتظر الترتيبات التي قامت بها وزارة الطاقة والتعدين ابتداءً من حصر وتأهيل الشركات التي ستدخل في عملية الاستيراد والبيع، وكذلك إعداد وفتح العطاءات العالمية للمنافسة الحرة والشفافة.

وكشف خيري عن اكتمال عملية التقديم والفرز بكل شفافية مثلما تم اصدار الطلبيات للشركات الفائزة، مشيداً بنتيجة العطاءات التي كانت مشرفة جدا لكل المهتمين داخل وخارج السودان من حيث المهنية والحرفية العالية التي اتبعتها الوزارة والتي وفرت قيمتها التجارية حوالي (٣٥) مليون دولار من مجمل قيمة المشتقات البترولية التي يتم شراؤها مقارنة بما كان يتم في السابق بدون عطاء.

معاناة مواطن

وعبر المواطن إبراهيم محمد عن خيبة أمله في الحكومة الانتقالية، وقال في افادته لـ(المواكب) إنها زادت من أزمات البلاد، مضيفا أنها حتى الان لم تستطيع اخراج البلاد من أزمة واحدة وظل المواطن يعاني في كل معاشه، وأعترض على قرار تحرير سعر المحروقات، وأبدي أسفه قائلا أن أصحاب المركبات من ذوي القلوب الضعيفة رفعوا سعر تعرفة المواصلات قبل انزل قرار تحرير الوقود على أرض الواقع، وأكد أن الحكومة لم تستطيع توقيره حتى إذا حررت سعره، مشيرا إلى انها في السابق حررت جزئيا ووعدت بتوفيره ولم تفي بوعدها، وأكد أن أزمة الوقود مثلها مثل أزمة الدقيق، مبينا أنها لم تستطيع حتى الآن وضع حلول لها.

وأيد المواطن عبد الباسط يوسف قرار تحرير سعر الوقود وقال في حديثه لـ (المواكب) إذا كانت الحكومة تستطيع توفير الوقود بتحريره فالتفعل، وزاد: لا نستطيع التحمل بعد ذلك فنحن نقف في محطات الوقود لساعات طويلة لتزود بالوقود وأحيانا نقف يوما كاملا، وذكر أن البعض من الشعب السوداني يستغل الأزمة الحالية في الوقد للمتاجرة في السوق الأسود، وطالب الحكومة ممثلة في رئيس اللجنة الاقتصادية بضرورة تشديد الرقابة وفرض عقوبات صارمة لكل من يتم القبض عليه يتعامل بالوقود في السوق الأسود.

نشاط اقتصادي

يرى الباحث الاقتصادي د.هيثم محمد فتحي أن هيكلة دعم الطاقة أحد أهم خطوات الإصلاح الاقتصادي، وقال في حديثه لـ(الموكب) لولا تلك الإجراءات ستكون الأوضاع الاقتصادية أكثر صعوبة، وبرر ذلك لأن المحروقات من أهم عناصر النشاط الاقتصادي، موضحا أن التغير في أسعارها يترتب عليه تغيرات كبيرة في هيكل النشاط الاقتصادي ونسبة نموءه، وتمنى أن يكون هناك عمل مبرمج قبل رفع الدعم عن الطاقة لتحفيز العمل في مجال استخدامات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الحديثة ذات الكلفة الأقل، وطالب الحكومة بضرورة أن تعمل على تقديم إعفاءات جمركية وضريبية على الأدوات التي تؤثر على ترشيد استهلاك الطاقة، مع إمكانية منح حوافز ضريبية للمنشآت الصناعية التي تقوم بخفض كلف الطاقة فيها.

أفضلية عطاءات

وقال إن الحكومة يجب أن تسعى بذلك القرار في إطار تخفيف الأعباء عن الموازنة العامة والبحث عن بدائل أخرى لتقليل الكلفة على القطاع الصناعي، إلى جانب تعزيز تنافسيته مثل حماية الإنتاج الوطني ومنحه أفضلية في العطاءات المحلية، وإصدار قائمة من الإعفاءات للمواد ذات الاستخدام الأمثل للطاقة، ويشير هيثم إلى أن قرار رفع الدعم سيؤثر على طبقة محدودية الدخل، قائلا إن له ايجابيات متمثلة في زيادة الايرادات الحكومية الحقيقية التي تسهم في دعم الجنيه السوداني مقابل العملات الاجنبية، مؤكدا بأنه سينعكس بدوره على الانتاج ومدخلات، ويضيف يمكن التدرج في رفع الدعم علي دفعتين أو ثلاثة لامتصاص الصدمة لتكون خفيفة خاصة أن اسلوب التدرج اتبعته دول عديدة.

تشوهات قائمة

ويوضح د. هيثم أن المواطن لم يعد يثق في القرارات الاقتصادية نتيجة التجارب غير الناجحة خاصة في مجال المعالجات الاجتماعية، مبينا أنهم يتذكرين التجارب الحكومية السابقة في رفع الدعم الجزئي عن المحروقات ونتائجها السلبية على المواطنين واستبداله بدعم نقدي يدفع من خلال وسائل الدعم الاجتماعي للمواطنين، وقال: ذلك رغبة منها لمعالجة التشوهات القائمة في آلية الدعم الحالية و تخفيض فاتورة الدعم خاصة أن القرار سيرتب الكثير من السلبيات على المجتمع.

مُعدلات تضخم

ويبين أن احتساب الفروقات بعد رفع الدعم غير دقيق ومن طرف واحد المتمثل في الجانب الحكومي، ولم يتم اتخاذ التغيرات والاثار الناتجة عن عملية رفع الدعم عن المحروقات، لافتا إلى أن رفع الدعم سيُساهم بصورة محدودة في سد عجز الميزانيَّة، إلا أنه عاد وقال لكنهُ سيؤدي لإرتفاع مُعدلات التضخم بصورة كبيرة، نافيا في الوقت ذاته أن تكون له أية مساهمة حقيقية في علاج أكبر أزمتين تواجهان الإقتصاد السوداني “ازمة الموارد المالية وأزمة تراجع نمو القطاعات الإنتاجية” (الزراعة والصناعة).

حل سياسي

وقطع أن علاج الأزمتين الرئيسيتين اللتين يواجههما الإقتصاد السوداني ( الموارد المالية والإنتاج) لن يتمَّ إلا بعد وقوع حل سياسي وسلام وتوافق وطني شامل، كما قطع بالقول: لن تجد نصيحة صندوق النقد طريقها للتنفيذ في ظل وجود اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب الذي صنع حصار خانق للاقتصاد السوداني، إلى جانب بيئة إستثمارية طاردة ورسوم باهظة ومتعددة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..