
إنتهت الحلقة الثالثة من مسلسل فضائح سفارات الإنقاذ بعودة والد الطفل السوداني العالق في مدينة بومبي من سفارة الكيزان في نيودلهي بخفي حنين بعد أن تأكد بما لا يدع مجالاً للشك أن سفارة الزواحف في نيودلهي مجرد وكر للأفاعي السامة والسفير مجرد تمثال لا يضر ولا ينفع على الرغم من إنه كان يحمل خطاب توصية من “كبير الديوك” في سفارة الرياض إلى “كبير الديوك” في سفارة الزواحف في نيودلهي. وكلما استطاع إنجازه في سفارة الديوك بعد تلك الرحلة الشاقة تعبئة بيانات الاستمارة وتسديد رسوم الجواز..يعني باختصار شديد أستطيع أن أقول لجماهير الشعب السوداني بكل صراحة أن أي كاتب عرض حال جالس أمام المحاكم أو أمام إدارة الجوازات يستطيع القيام بمهمة سفارة الزواحف في نيودلهي في العهد المأسوني البائد..
تصور يا سيادة وزير خارجية الثورة سفارة في دولة بحجم قارة لا تستطيع حل مشكلة طفل رضيع والده مواطن سوداني المولد والنشأة، قطع آلاف الكيلومترات براً وبحراً وجواً حتى وصل إلى سفارة بلاده في نيودلهي ليفاجئ بأن السفارة لا تملك صلاحية لاستخراج جوازات أو وثيقة سفر لابنه حتى يتمكن من مرافقته. لقد إقترح والد الطفل كل الحلول الممكنه وقدم كل الوثائق المطلوبة لكن مع الأسف الشديد لم يوافق أي أحد من الديوك على أي حل من الحلول المقترحة. وبعد أن وصلت القضية إلى طريق مسدود نتيجة لتخلف القائمين على أمر السفارات في العهد الدموي الارهابي اضطر والد الطفل إلى ترك ابنه مع والدته في بومبي حتى يتم استخراج جوازه في وزارة الداخلية بالعاصمة السودانية الخرطوم ثم إرساله إلى وزارة الخارجية لكي يرسل بالحقيبة الدبلماسية إلى سفارة الزواحف في نيودلهي.. متى تُرسل الحقيبة؟ لست أدرى!.. متى تصل؟ لست أدري! حتى كبير ديوك السفارة لا يدري متى ترسل الحقيبة ومتى تصل!..ربما بعد شهر أو شهرين أو عام أو عامين!.. الله أعلم. هل عرفتم أيها المواطنون لماذا لم نستطع حتى الآن أن نأكل مما نزرع وأطول نهر في العالم يجري في أراضينا؟..هل علمتم يا سادتي لماذ نستورد القمح ونحن نمتلك ملايين الأفدنة الصالحة لزراعة القمح؟.. هل عرفتم لماذ نستورد سكر من الصين وجزيرة كوبا التي لا تزيد مساحتها عن 1% من مساحة السودان تتصدر قائمة الدول المصدرة للسكر في العالم!.. الإجابة على هذه الأسئلة في منتهى البساطة ويمكن تلخيصها في كلمة واحدة فقط وهي “الفساد”.. ولولا فساد الكيزان وسياستهم المدمرة للاقتصاد خلال الثلاثين عام الماضية لأصبح السودان سلة غذاء العالم.. ليس للعالم العربي فحسب بل للعالم الاسلامي بأجمعة..ولولا سرقة وغسيل أموال البترول (165 مليار دولار) لاستطعنا التفوق على دول الخليج مجتمعة ولاستطاع مليار وسبعمائة مليون مسلم حول العالم أن يأكلوا مما نزرع..ويلبسوا مما نصنع..
وبسبب هذا الفساد الذي عم القرى والحضر وانتشر في البر والبحر عاد والد الطفل إلى مقر عمله بخفي حنين بعد أن رفض الدخول في أية مساومة مع زواحف الإنقاذ للموافقة على استخراج الجواز لابنه. وبعد مضي أسبوعين على عودته ومباشرة عمله بدأ التواصل مع كبير الديوك في السفارة السودانية في نيودلهي ليطلب منه ارسال جواز الطفل بعد وصوله بالحقيبة الدبلماسية إلى عنوان زوجته في مدينة بومبي حتى يتمكن من مرافقة والدته..لكن مع الأسف الشديد رفض “المهراجا” المسئول عن استلام الحقائب الدبلماسية هذا الطلب البسيط رفضاً باتاً دون مبرر دستوري أو قانوني.. وأصر على استلام الجواز من السفارة مباشرةً. لماذا؟ لست أدري! اتصل به والد الطفل للمرة الثانية ليطلب منه تسليم جواز ابنه للأخ الأكبر في الخرطوم لكي يرسله له بواسطة البريد السريع(DHL) على حسابه الخاص حتى لا يتكبد مشاق السفر إلى نيودلهي مرةً أخرى لاستلام جواز ابنه. لكن أيضاً رفض “المهراجا” الإستجابة لهذا الطلب.. وفي محاولة يائسة لتلبية هذا الطلب اتصل والد الطفل بكبير “ديوك السفارة” وحاول أن ينعش ذاكرته ويذكره بتوصية كبير ديوك سفارة الرياض التي تركها له في مكتبه مع السكرتيرة الهندية لعله يتذكر أو يخشى.. لكن دون جدوى..لقد أسمعت إذا ناديت حياً لكن لا حياة لمن تنادي.. وبعد فشلت جميع الرحلات الماكوكية وجميع المساعي الدبلماسية لحل مشكلة الطفل أصبح أمام والده خياران لا ثالث لهما إذا أراد أن يستلم جواز ابنه بواسطة البريد السريع من العاصمة السودانية مباشرةً: “الواسطة” أو “الرشوة” .. خيران أحلاهما مر.. ولكن مع ذلك يجب عليه ألا ييأس.. وبما أن الواسطة هي السيناريو الأفضل يجب عليه أولاً أن يبحث عن الواسطة..فاتصل بالأخ الأكبر المقيم في العاصمة السودانية الخرطوم وطلب مساعدته لاستلام الجواز يدوياً وارساله له بالبريد السريع بأسرع ما يمكن بعد أن أرسل له تفويضاً معتمداً وطلب منه الاستعانة حتى بـ “سهسهوبي” إذا دعت الضرورة حتى يستلم الجواز بأسرع ما يمكن.. وبعد حرب استخبارات طويلة الأمد استمرت لعدة أسابيع استعان خلالها بـ الكيه.جي.بي والـ سي.آي.أيه وجستابو الرايخ الثالث تمكن الأخ الأكبر من الوصول إلى عميل سري وافق على مساعدته على استلام الجواز مقابل “جوكرين”.. فتنفس الصعداء وقام على الفور بالاتصال بالأخ الأصغر ليبشره بالخبر السعيد ويحول له المبلغ المطلوب بأسرع وسيلة تحويل واستمرالتواصل بين الأخوين لمتابعة المسلسل الذي شارف على النهاية..فبدأ الأخ الأكبر في متابعة الجواز من مكتب إلى مكتب في وزارة الداخلية حتى تأكد من إصداره بعد أن أكد له ضابط الصف الذي سلمه مستحقات “تمنيتين” مقدماً أن الجواز أُرسل إلى مكتب التسليم ويجب عليه أن يسرع لاستلامه قبل إعادته لوزارة الخارجية. أسرع الأخ الأكبر إلى مكتب تسليم الجوازات لكن عند وصوله وهو يحمل مذكرة “العميل السري” لاستلام الجواز فوجئىَ بعدم وجود الضابط المسئول عن تسليم الجوازات في تلك اللحظة.. وعندما استفسر عن عودته أخبره مدير مكتبه إنه لن يعود قبل الواحدة مساءً! وإن بامكانه الانتظار أو العودة غداً في الثامنة صباحاً وهكذا بدأ سيناريو وزارة الداخلية..لكن عندما حضر الأخ الأكبر في صباح اليوم التالي في الثامنة صباحاً بحسب الموعد المحدد لم يكن الضابط المسئول عن تسليم الجوازات قد وصل إلى مكتبه بعد.. فطلب منه ضابط الصف الانتظار قليلاً حتى يصل..وفي اثناء انتظاره لاحظ أنه يحتفظ بعدد من الجوازات في درج مكتبه الخاص لكنه آثر الصمت والانتظار قليلاً حتى لا يفقد أعصابه.. بعد أن تابع إجراءات استخراج الجواز لعدة أسابيع حتى وصل إلى محطة التسليم دفع خلالها عشرات “السبعات” و “التمنيات” ولم يتبق معه سوى مبلغ يكفي لتغطية “ستتين” فقط.. وفي تلك اللحظة.. وبينما كان غارقاً في التفكير اتصل به الأخ الأصغر ليبشره باستلام الجواز لكن خاب ظنه عندما أخبره أنه لم يفلح حتى الآن في استلام الجواز على الرغم من مذكرة الرايخ الثالث المختومة بالشمع الأحمر بسبب كثرة التماسيح الذين تفننوا في تسمية الرشى فمنهم من طلب “سبعتين”..ومنهم من طلب “تمنيتين” .. فطلب منه الأخ الأصغر أن يكمل الحلقة ويدفع “تسعتين” لمدير مكتب الضابط المسئول عن تسليم الجوازات حتى ينتهي المسلسل في الخرطوم بدلاً من نيودلهى.. لكن الأخ الأكبر أكد له أن المبلغ المتبقي في حوزته في تلك اللحظة لا يكفي لتغطية مستحقات “تسعتين” بعد أن غطى عشرات “السبعات” و”التمنيات” لأن جميع التماسيح التي قامت بلمس الجواز في وزارة الداخلية طالبت بمستحقات اللمس لذلك المبلغ المتبقي بحوزته لا يكفي إلا لتسديد مستحقات “ستتين” فقط..لذا طلب منه إرسال حوالة إسعافية مستعجلة عبر “الويسترن يونيون” حتى يتمكن من تغطية مبلغ “التسعتين”.. ولكن مع الأسف الشديد على الرغم من وصول الحوالة الاسعافية من طرف الأخ الأصغر واستلام جميع التماسيح ما تبقى من مستحقات “السبعات” و “التمنيات” لم يتمكن الأخ الأكبر – لسوء الطالع – من استلام الجواز في الوقت المناسب نظراً لظهور كبير التماسيح في آخر لحظة ومطالبته بمستحقات “جوكرين” إذا أراد الأخ الأكبر أن يستلم جواز الطفل الرضيع يداً بيد.. وأمهله أسبوعاً واحداً فقط لدفع مستحقات “الجوكرين” وفي حالة عدم الدفع في الوقت المحدد سيعيد الجواز إلى محطته الأولى في نيودلهي بالحقيبة الدبلماسية (يتبع).
صديق جوليا