مقالات وآراء سياسية

مليار لا لضغوط العنصريين والعسكر

عبدالدين سلامه

لا أحد يستطيع إنكار كفاءة والي كسلا المقال ، ولا يختلف اثنين في ضرورة اقالته بعدما تسبب تعيينه في مختلف الاحتجاجات التي شهدها شرقنا الحبيب غير أن توقيت ومسببات القرار لا يقرها عاقل وتستوجب من رئيس وزراءنا الذي اخترناه بإرادتنا أن يخرج إلينا في الاعلام ويقنعنا بسبب اتخاذ القرار في هذا الوقت بالتحديد ، لأننا جميعا نرفض أن تجبر الحكومة المدنية على اتخاذ قراراتها بضغوط ملحة من رئيس المجلس السيادي ونائبه ، وبضغوط أكبر من الناظر ترك عراب المؤتمر الوطني الذي لاينفي بل يجاهر بانتمائه للاسلامويين الذين قامت الثورة لإزالة حكمهم الذي أرونا فيه نجوم الظهر والضحى .

الضغوط جاءت امتدادا لمختلف الضغوط السابقة التي قصد بها العسكر إحراج المدنيين والتقليل من شعبية وهيبة رئيس الوزراء ، والناظر ترك خدع بعض أبناءنا وقادهم لتحقيق مآربه الشخصية بعنصرية واضحة لايقبلها كل عقلاء قبيلة الهدندوة الشرفاء قبل غيرهم ، والاستجابة لضغوطه أمر مرفوض مرفوض مرفوض ، وعسكر السيادة لا أمل لنا فيهم ، فحميدتي يهاجم الوزير مدني ، ورغم رأينا في أداء مدني إلا أننا أيضا لانقبل تلك التصريحات المهزلية التي تمس حكومتنا المدنية لا الوزير وحده ، وحميدتي الذي انتقد مدني وسخر من الأيام الثلاث التي تستغرقها معاملة المستثمر ، نسي أنه ترأس لجنة اقتصادية لم تفلح سوى في تأزيم معيشة المواطن ، وليتها أنجزت ماوعدت به في ثلاثين يوما لاثلاثة أيام اتخذ بها دقلو ،وزير من حكومتنا المدنية سخريا .

لست أدري كيف غاب على عراب محاصصات جوبا أن بلادنا ليست سائبة ، وأن عدم التدقيق في معاملات المستثمرين في الفترة السابقة فتح الباب على مصراعيه أمام الفساد وامام استباحة الكثيرين منهم لقوانيننا ، ونحن كشعب لانريد أن ننهي معاملات المستثمرين في المطار كما قال دقلو ، فالنظام البائد استسهل الأمر وكانت النتيجة ما نراه الآن من شح موارد بلادنا وضيق عيش المواطن بسبب تصدير المستثمرين لكل ما نحتاجه ومالانحتاجه في معيشتنا الأساسية ، ولاتوجد دولة في العالم تنهي معاملة المستثمر في ثواني ، ولكن لأن الوزير مدني دخل المنطقة المحرمة التي يظن حميدتى أن الاقتراب منها ممنوع كتجارته في العملة والذهب وغيرها مما يتناوله الاعلام صباح مساء ، فإن دقلو الذي اعتاد التقليل من الحكومة المدنية غير عابيء بخيار الثوار ، كان لابد له أن يبادر بمهاجمة مدني ظنا منه أن ذلك سيكسبه مزيدا من الأضواء وشيئا من القبول لدى الثوار الذين تحدثوا عن أداء مدني كنقد ذاتي ، وأتمنى من أخونا مدني لو أمدّ الله في عمره الوزاري ولم تجرفه ضغوط حميدتي كما جرفت أخيه عمار ، أن يركز على الفاخر وجبل عامر ومضاربات المسؤولين غير المسؤولين في السوق الأسود للعملة ، ويكشف كل الحقائق التي ظل يكتمها عن سلوكه المدمر لاقتصاد الوطن .

حمدوك انتظرنا منه أن يتحدث عن ضغوط العسكر قبل رضوخه وإقالته لعمار ، لأن إقالة عمار كان يجب أن تتم فور التعيين ، وأصلا جاء تعيينه خاطئا بحسب مارشح من بعض منسوبي قحت في كسلا ، ولكن حقن الدماء وحسم الفوضى لايتم بقرار دون شك سيخلق مزيدا من الفوضى ، وماذنب أهلنا في بورتسودان ليضطروا للبقاء في بيوتهم جبرا منذ منتصف النهار وحتى الفجر ، وهم لم يتعافوا بعد من تقييد كورونا لحركتهم قبل أشهر قليلة ؟؟ وماذنب أهلنا في كسلا الذين استيقظوا على أبواب الأسواق المغلقة ، ومن أين يجلبون حاجاتهم الأساسية ، وكيف سيتغلبون على الشعور بالخوف من فوضى واضطرابات قادمة ؟؟
القرار صحيح مائة بالمائة ، وتوقيته ودوافعه خاطئة مليار بالمائة ، ونحن نقف وراء حمدوك كما عاهدناه ، ولن نرتضي مهما كانت الظروف بغير اكتمال أركان الحكومة المدنية التي دفعنا فاتورتها شهداء لازالت دماءهم تنتظر القصاص ، ولو لم يخرج رئيس الوزراء ببيان أو تصريحات تزيل اللبس وتوضح شدة الضغوط والظروف التي اضطرته للاستجابة لمطالب المؤتمر الوطني العنصرية ، فإن الأوضاع لن تعرف الهدوء أبدا .
وقد بلغت

عبدالدين سلامه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..