
بلغت الروح الحلقوم!
إن ما تمر به البلاد، هو ظرف اكثر من مأساوي وفوق طاقة البشر. لا نريد وصفه لعجزنا عن الوصف.
زادت الطين “بلة” الفياضانات والسيول المدمرة ووباء الكرونة والأوبئة الجديدة المتعددة وكارثة الجراد والعياذ بالله!
من يظن بأننا نمر بضائقة إقتصادية بهذة البساطة، فهو واهم بكل المقاييس!
ان ما تمر به البلاد هو امر مأساوي ، كارثي وأكثر تعقيداً من ان يوصف بازمة اقتصادية، تحتاج الي اقتصاديين شطار او مساعدات مالية او الاثنين معاً لمعالجتها.
كان من الخطأ الفادح ان نعول علي الموءتمر الإقتصادي الذي جاء وذهب دون ان يتفق فيه الفرقاء علي شيء. وحتي لو افترضنا انهم اتفقوا علي احسن وصفة ، هل يمكن عمل شيء يذكر تجاه الخروج من الوضع المأساوي الحالي؟ الإجابة لا ثم لا، لماذا؟
لان الازمة سياسية. وهذة الازمة السياسية هي التي فاقمت الوضع المأساوي الكارثي الذي نعاني منه. لذلك كانت البداية خاطئة (بالقلبة!). خاطئة لأن التشخيص كان خاطئاً . ببساطة بحثنا عن علاج اقتصادي لعلة سياسة!!
اذا كانت 82% من المؤسسات الاقتصادية تحت سيطرة القوات النظامية، ولا ولاية عليها من قبل الحكومة (حسب تصريح رئيس الوزراء في اخر خطاب موجه للشعب). فماذا تبقي للحكومة المدنية؟ هل تريد تطبيق ما توصل إليه الموءتمر الاقتصادي (افتراضياً) علي ال 18% المتبقية؟ وهل يجدي رفع الدعم الذي تصر عليه الحكومة في اقتصاد ليست لها ولاية علي جل مؤسساته ؟ (تسدد ضرائب او لا تسدد، تسلم عوائد الصادر او لا تسلم… الخ من الخرمجة!!). وفي مثل هذة الظروف هل تستطيع الحكومة التوصل الي موازنة داخلية او خارجية؟ بطبيعة الحال ، لا ولن تتمكن من ذلك وإن حرصت!
يجب الا ندفن رؤوسنا في الرمال ونقول ان لنا حكومة انتقالية مدنية، يرجي منها إخراجنا من الكارثة التي نعاني منها!! هذة الحكومة لم تفشل لانها في الحقيقة مغلولة اليد عنوةً.
لا يمكن ان نطلب او نتوقع من رئيس وزراء “الحكومة الانتقالية” ان ينجح في إدارة الشأن الاقتصادي إذا كان لا ولاية له علي 82% من موءسسات الدولة الاقتصادية. انه يقود عربة بثلاثة عجلات معطلة! حتماً لن نعبر حتي لو كنا علي بعد خطوة واحدة من الجسر! لن نعبر إلا إذا
إذا إعترفنا بأن الأزمة سياسية وحلها سياسي قبل كل شيء. لن نعبر إذا لم يواجه رءيس الوزراء او تواجهه جماهير الثورة بأن الأزمة التي تمر بها البلاد، سببها الازمة السياسية، التي يجب حلها علي المستوي السياسي قبل قبل التفكير في الخيارات الاقتصادية.
على رئيس الوزراء الخروج بشجاعته المعهودة، والإفصاح عن جوهر المشكلة “السياسية.” فإن استجاب المكون العسكري في المجلس السيادي، كفي الله الموءمنين شر القتال. وان لم يتم ذلك، فحينها لكل مقام مقال. فالواجب المتبقي ليس علي رءيس الوزراء، لانه شأن الثوار الذين أتوا به، وسيسجل اسمه علي جدران تاريخنا بأحرف من نور.
هذا هو المرجو من رءيس الوزراء، في حالة استمرار الازمة السياسية، وليعلم هو ومن لا يتفقون معه ان في هذة الظروف، لا الدعم يغني ولا رفعه يسمن. لنحسم اولاً الازمة السياسية ثم بعد ذلك لنتحاور حول السياسات الاقتصادية الاكثر نجاعةً .
والكارثة الثانية، تتمثل في انشغال مكونات قوي الحرية والتغيير، “قحت” وتجمع المهنيين، بصراع جانبي وانقسامات بعيدة عن الحكمة وترجيح كفة هموم بناء الوطن.
وفي الجانب الآخر، نجد حركات الكفاح المسلح بعد قرابة العام من مفاوضات “السلام”، تقف بعيداً عن مواجهة المشكلة السياسية التي أعاقت وما زالت تعيق مسار الثورة. يريدون مقاعد في مجلس وزراء معطوب، لا ولاية له علي المال العام! ومقاعد في مجلس سيادة، السيادة فيه للمكون العسكري الذي فاوضهم رغم أنف السلطة المناط بها التفاوض! لذلك، عملياً، لن يكونوا في حكومة ولا في مجلس للسيادة! سيجلسون فقط علي كراسي وثيرة في قاعات ومكاتب جيدة التكيبف “والسلام”!.
نرجو ان تكون الرسالة قد وصلت لطرف الشراكة الاخر! لان الواجب الاول للقوات النظامية هو حماية حدود البلاد وأمنها ودستورها وليس ممارسة العمل الاقتصادي او السياسي، فقط، لان ذلك يحيدها عن عقيدتها الاساسية.
اللهم الهمنا جميعاً الحكمة والقدرة علي مواجهة أزمتنا السياسية المتفاقمة وأعنا علي مواجهتها بالشجاعة والسلمية التي تعلمناها من لجان المقاومة الباسلة، حارثة الثورة.
د. الحسن النذير
[email protected]
اتفق معك تماما ان وزارة المالية يجب ان تحيط بكل فلس يملكه الشعب السودانى. ولكن دعنا نجري عملية حسابية بسيطة لتحديد نسبة مايملكه الجيش من هذا الاقتصاد المتهالك مقارنة بموارد حقيقية غير مستخدمة يزخر بها السودان. فنسبة ال ٨٢% من اقتصاد دولة شبه مفلسة لا تمثل شيء على الاطلاق ان أحسن حمدوك ادارة ما تبقى من موارد وتحريك الاقتصاد. وغالب ظني ان العسكر لايمانعون بايلولة هذه الشركات الى وزارة المالية فاضغاف هذه الأموال سوف ترجع اليهم في حالة استقرار البلاد كمتطلبات للدفاع في عالم يمور بالصراعات ولكن خوفهم الأكيد من سوء الادارة وضياع مافي ايديهم من هذه الاموال.