مقالات وآراء

أسقطوا اللات والعزّى ياثوار الوطن

عبدالدين سلامه

مايحدث في بلادنا يحتاج إصحاح حقيقي للثورة التي مهرها شبابنا بدماء زكية لازالت تنتظر القصاص ، والقصاص الحقيقي للثورة لاينحصر في جريمة فضّ الاعتصام وحدها ، ولكنه إصحاح شامل يجب أن يشمل كل المطبات والمعوقات التي نحاول دفن رؤوسنا في الرمال لنتقاضى عنها ، ففي انتفاضة ابريل بدأ الامام الصادق المهدي حكومته بالبحث عن رفات عمه وإعادة ممتلكات أسرته التي أممتها مايو ، وكرر البعثيون الأمر الآن ليبدأوا حكمهم بالبحث عن رفات ضباطهم الذين اعدمهم البشير في رمضان ، وإعادة ما نهبته حكومته من أطيان وأموال ، وفي الفعلين المتشابهين تم إهمال من قاموا بالثورة وصنعوا التغيير وهيأوا البيئة التي سرقها الباحثون عن تعويض ماعجزوا عن اقتلاعه طوال تلك السنوات .

ولكي تنجح الثورة لابد من أن يتم فتح ملفات حقيقية لا استعراضية ، فالملفات الحقيقية هي ملفات اللجنة الأمنية لنظام البشير وما أصدرته من قرارات بطشية حين تكوينها ، وماحدث في عهدها من جرائم ضد أبناء الوطن ، وماقدمته من حماية أمنية للبشير ونظامه حتى لحظة سقوطه خاصة وأن فضّ الاعتصام تم في عهدها لاعهد غيرها ، ولابد من التحقيق في كيفية تكوين المليشيات العسكرية المختلفة التي كوّنها نظام البشير وماقامت به من جرائم ضد المواطنين في مختلف أصقاع البلاد ، وما قامت به من جرائم في فضّ مظاهرات الجامعات التي ناهضت البشير ، وماتم من قصف بالطائرات على مواطني مختلف اتجاهات البلاد ، ولابد أيضا من فتح ملفات نيفاشا التي شطرت البلاد وماحدث بعدها من تداعيات ، وتكوين الحركات المسلحة وماقامت به من أفعال في مناطق نشاطها.

اللجان القضائية التي تشكلت ولازالت تباشر أعمالها ماعادت تحظى بثقة الكثير من أبناء الشعب ، ولابد من قيام لجان تحقيق مدنية موازية تتألف من مجموعات من القانونيين تعمل بعيدا عن سلطة الحكومة ومجلسها السيادي وتملّك الشعب كامل الحقائق حتى ولو لم تملك سلطات رسمية أو تنفيذية ، فاللجان القانونية الطوعية التي تتبع للثوار الحقيقيين لو تشكلت ستملك القدرة الكاملة لكشف الحقائق ، لأن اللجان الحالية كماهو واضح لاتستطيع تجاوز كل الخطوط ولاتملك سوى البروبقندا التي أفلحت في بداية الأمر في تخدير الشعب وصرف نظره عن الهدف الحقيقي ، فماتم الكشف عنه من ثروات وممتلكات لم يحسه الشعب سوى في أجهزة الاعلام ، والموضوع الرئيسي التي قامت من أجله ضلّت طريقها اليه أو بالأصح تعمدت سلوك طريق آخر غير الطريق الواضحة إليه ، ففض الاعتصام لم يتم بواسطة مدنيين عزّل بل تم بواسطة قوات عسكرية مدججة بالسلاح وتملك سلطات أعلى من سلطات القوات المسلحة بدليل أنها منعت البعض من شرفاء قواتنا المسلحة الذين أعلنوا وقوفهم مع الثورة ، من حماية المتظاهرين بل وأغلقت أمامهم أبواب القيادة لحظة فض الاعتصام .

الثورة تحتاج لحكومة شعبية موازية لاتقوّض سلطة الحكومة الرسمية ولاتنال من هيبتها ، ولكن لتقوم بكشف الحقائق بعيدا عن تأثير النافذين الذين يعرقلون كل شيء لشيء في نفس يعقوبهم ، وتكوين مثل هذه اللجان ليست بدعه ، فالمجموعات الطوعية ظاهرة قديمة مثلها مثل المنظمات الحقوقية الدولية كهيومن رايتس ووتش ومحامون بلاحدود وغيرها من المنظمات غير التابعة للحكومات ، وعلى الثوار لو أرادوا نفخ الحياة في ثورتهم من جديد ، أن يقوموا بتشكيل تلك الأجسام المدنية وحينها سيتفاجأ الجميع من الحقائق الصادمة المتوقعة وغير المتوقعة وسيسقط حينها ألف لات وعزّى ومناة .

وقد بلغت

عبدالدين سلامه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..