مقالات وآراء

وقال المرشح لناخبيه.. ما جئت حباً فيكم ولكني ابتليت بكم !!؟

معمر حسن محمد نور

رحم الله أستاذنا الراحل أحمد أبو الروس . فالعبارة التي عنونا بها المقال تنسب إليه. ربما كان تأثره بعبد الناصر في شبابه ومجلس قيادة الثورة المصرية . سبباً في قناعته بالزعيم الوطني الذي يخرج من القوات المسلحة وصحبه.لذلك ، كان شديد القناعة بعد انقلاب الانقاذ ، بأن الترابي والإخوان المسلمين ، متسلقون على الانقاذ.ولم يقتنع بغير ذلك إلا عشية المفاصلة . فصاروا جميعاً ممن يتقرب إلى الله ببغضهم بتعبير محبب إليه. باعتبارهم كذبة وخدعوا الشعب باسم الدين.

أعجبته الشعارات التي تتحدث عن نبذ الحزبية والقبلية والجهوية والشعارات الدينية . وما كان الجبهجية ليفوتوا فرصة الاستفادة من رمزيته في دعم النظام. فألح عليه من يثق فيهم على المستوى الشخصي أن يكون مرشح المنطقة في أول مجلس تشريعي في ولاية كسلا والمنوط به ترشيح الوالي.حتى يسهم في العمل القومي بوصفه لم يكن متحزباً يوما، فوافق.ولم يكن يظن أن عليه أن يتجول في حملة انتخابية في الدائرة بحكم أنه لا يمثل جهة أو حزباً وأهدافه قومية. لكنه استجاب للذهاب إلى قرية من قرى الريف تتبع للدائرة . عندها قال لهم في الندوة ( ما جئت إليكم حباً فيكم ولكني ابتليت بكم وابتليتم بي !!)فأنا لا أحمل لكم وعداً لا أملكه لقريتكم . فقضيتي قومية ووطنية ، لكنني محتاج لأصواتكم وأنتم ستصوتون لشخص في النهاية. والطريف أن أهل القرية قد صوتوا لهم جميعاً كونهم تلمسوا الصدق في كلامه.وفاز بالدائرة. وكان الاختبار الهم في انتخاب الوالي. فرغم تعدد المرشحين ، إلا أنه كان هناك اتفاق بين الهدندوة والبني عامر . حيث يصوت أعضاء التشريعي في البحر الحمر من البني عامر لمرشح الهدندوة ، والعكس في كسلا لضمان فوز المكونين بمنصب الوالي.وأرسلوا له من يحاول إقناعه بالتصويت لإبراهيم محمود.لكنه رفض بشدة حتى يبر بقسمه. عند ظهور النتيجة ، أدرك أن القبلية قد لعبت الدور الأبرز . وذهب إلى الوالي الفائز وقال له ( بالمناسبة أنا لم أصوت لك حتى لا أزكي القبلية كما أقسمت).

الواقعة أعلاه تبين أن استخدام القبيلة ككتلة لحسم ما هو سياسي ، سلوك تمت تغذيته رغم الدعاوى التي تقول بغير ذلك.وأن السياسة المدعومون بالقبيلة ، لم يقدموا ما يشفي غليل القبائل ورفع الحيف عنهم . بدليل تجذر الإحساس بالتهميش الذي برز بصورة كبيرة في واقعة تعيين الوالي في كسلا بعد كل ذلك.

ويبين أن التعايش بين القبائل ومكونات الشرق ، حقيقة لا تحتاج إلى تبيان . لذلك يجب قراءة كل ما حدث في الشرق من أحداث من زاويتين هما :

1/ المهمة والدور الأبرز ، على المستنيرين وليس على الكتلة القبلية.وإلا سنكرر المأساة.

2/ إن المصالح ، لا السياسة ، هي من تفرق بين المجموعات المكونة . وكل اتهامات العنصرية ، ما هي إلا وسيلة رخيصة لحفظ مصالح فئات في القيادة رغم صدق القضايا. وإلا كيف يفهم الحديث عن العنصرية من المؤيدين لعمار عند رفض تعيينه والتنادي بضرورة فرض هيبة الدولة وتحذير المكون الآخر من معنى ذلك . ثم الحديث عن ضرورة فرض هيبة الدولة ونبذ والعنصرية بعد إعفاء الوالي من الطرف الذي تحقق له طلبه ؟

معمر حسن محمد نور

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..