أخبار مختارة

لافتات معكوسة الدلالة: فساد في (زيرو فساد)!

تحقيق- منعم سليمان

لا تغرنّك اللافتات الخداعة في الخرطوم، فليست كلها مُنظمات للمجتمع المدني، فبعضها لافتتات مُضللة؛ يمضي بك بريقها في الاتجاه المعاكس للمقولة الشعبية الشائعة “الجواب يُعرف من عنوانه”، ولربما تجد إحدى هذه المنظمات تُعلِّق لافتة مكتوب عليها (رعاية المسنين) بينما خلفها ينهض نموذجاً للإهمال والانتهاكات البشعة بحقهم، ولربما تجد أخرى ترتفع لافتتها بـ(معاً ضد التحرش)، فيما ينزلق أعضاؤها إلى التحرش بزميلاتهم دون أن ترف أجفانهم.

تلك اللافتات البراقة، غالباً ما تستهدف أغراضا خاصة بها، وما أن تتوفر لها حتى ترمي بأهدافها وخططها التي طرحتها للرأي العام في سلة القاذورات وليس المهملات، ولأنها بعيدة عن الرقابة والمحاسبة، ولأنها تعمل دون شفافية، فإنّها الأكثر قابلية للفساد والإفساد.

لكن، أن تتقدم مُنظمة مدنية إلى الملأ رافعة شعار مكافحة الفساد، ثًم تغرق فيه حتى أذنيه، فإنّ ذلك لا يحدث إلاّ في السودان!

معاً نتصفح ملف (منظمة زيرو فساد)، عبر هذا التحقيق:

ماذا يدور داخل المنظمة؟

فساد في زيرو فساد - ماذا يدور داخل المنظمة
فساد في زيرو فساد – ماذا يدور داخل المنظمة

 قبل يومين أعلنت مُنظمة (زيرو فساد) اختفاء رئيسها المُثير للجدّل “نادر العبيد” في ظروفٍ غامِضة، وعقد مكتبها التنفيذي اجتماعاً؛ مثّلت مخُرجاته صدمة للرأي العام، إذ اتضح أن أعضاء المكتب التنفيذي مثلهم مثلنا لا يعلمون الكثير عن منظمتهم، رغم إنّهم – افتراضاً – قادتها، وذلك بعد أن صرّح عضو بالمكتب التنفيذي لـ(زيرو فساد) لوسائل الإعلام إن رئيس المنظمة لم يُخْطِرهم بإغلاق مقرها وتسريح موظفيها.

نادر العبيد رئيس منظومة زيرو فساد
نادر العبيد رئيس منظومة زيرو فساد

والأخطر من ذلك، إشارة ذات العضو إلى  شبهات فساد تحوم حول رئيس المنظمة، وكشفه، عن بلاغ دون في مواجهته وتحرير أمر قبض بناءً عليه. بعدها أعلنت المنظمة سحب الثقة من رئيسها وتكليف لجنة لتسيير أعمالها.

رئيس المنظمة

فساد في زيرو فساد - رئيس المنظمة
فساد في زيرو فساد – رئيس المنظمة

تقول سيرته الذاتية إنه “نادر محمد العبيد البدوي”، من مواليد القطينة 24 نوفمبر 1970. وقد تحصلنا على هذه المعلومات من أوراقه الرسمية، من جواز سفره الدبلوماسي الذي يحمل الرقم ( ( D003711 والصادر 15 ديسمبر 2008 بتاريخ انتهاء 15 ديسمبر 2013، بتصديق من وزير الخارجية آنذاك.

الأدهى والأمر إنّ مهنته بالجواز الدبلوماسي هي: “مستشار وزير الدولة بالداخلية”، فهل كان يشغل هذه الوظيفة الحساسة أصلاً؟ وكيف تم استخراج جواز سفر دبلوماسي له؟

تزوير في أوراق رسمية أم فوضى:”

 

فساد في زيرو فساد - تزوير في أوراق رسمية (1)
فساد في زيرو فساد – تزوير في أوراق رسمية (1)

بتاريخ 18 نوفمبر أرسل “أيمن عبد المنعم السيد” وكيل نيابة الفساد والتحقيقات المالية خطاباً إلى السيد وزير الداخلية يستفسر فيه عما إذا كان نادر العبيد رئيس منظمة زيرو فساد سبق وأن شغل وظيفة مستشار لوزير الدولة بالداخلية؟ موضحاً أن الموضوع لأغراض التحري مع المتهم  “نادر” في البلاغ رقم (300/2019) تحت المادة (47) اجراءات أولية. كما أرسل وكيل النيابة خطاباً مماثلاً إلى الأمين العام لمجلس الوزراء، بتاريخ 29 ديسمبر 2019 ويحمل الرقم: (ن ع/ عمومي1040).

وزارة الداخلية تكشف عن فضيحة:

 

فساد في زيرو فساد - وزارة الداخلية تكشف عن فضيحة
فساد في زيرو فساد – وزارة الداخلية تكشف عن فضيحة

بتاريخ 11 ديسمبر 2019 ، أي بعد حوالي شهرٍ واحد من خطاب وكيل نيابة الفساد، جاء ردّ وزارة الداخلية عبر خطاب بالرقم (10485)، موقّعاً من اللواء شرطة حقوقي “د. محمد الفاتح إدريس”، جاء فيه: “إنه وبعد مراجعة السجلات فإن المذكور – أي نادر العبيد – رئيس منظمة زيرو فساد – لم نجد ما يفيد بأنه قد شغل منصب مستشار لوزير الدولة بالداخلية، كما لم نصدر أي خطاب إلى وزارة الخارجية نطلب منها استخراج جواز سفر دبلوماسي للمذكور. وأضافت الداخلية في ردها لوكيل النيابة، إنها وبعد مراجعتها مكتب وزير الدولة في العام 2008 اللواء شرطة (م) بشرى إدريس، نفى شغل المذكور منصب مستشار وزير الدولة.

حاولنا الاتصال برئيس منظمة (زيرو فساد) المقال لمعرفة كيفية حصوله على وظيفة تنكرها الدولة وبموجبها تم استخرج جواز سفر دبلوماسي له، ولكنه لم يرد على اتصالاتنا.

هل وفرت الشرطة الحماية لمدير المنظمة للإفلات من العقاب؟

 

فساد في زيرو فساد - هل وفرت الشرطة الحماية للإفلات من العقاب
فساد في زيرو فساد – هل وفرت الشرطة الحماية للإفلات من العقاب

تأخر الشرطة في الرد على خطاب وكيل نيابة الفساد مستفسراً عن الجواز الدبلوماسي، لما يقارب الشهر، يجعلنا نتساءل لماذا احتاجت الشرطة لكل هذا الوقت للرد، خصوصاً وإنه يتعلق بقضية مهمة وحساسة؟

للحصول على إجابة، شرعنا في عمليات فحص وتمحيص وفرز لكوم المستندات أمامنا، فعثرنا على  نص لشكوى مقدمة إلى وزير الداخلية من المحامي “عوض الكريم عبد الرحمن أحمد كرنديس” ضد اللواء شرطة “محمد الفاتح” مدير المكتب التنفيذي لوزارة الداخلية. وكشف المحامي في شكواه عن رد سابق لمدير المكتب التنفيذي لوزارة الداخلية قبل رده المشار إليه أعلاه؛ الذي نفى فيه شغل رئيس منظمة (زيرو فساد) منصب مستشار وزير الدولة للداخلية. وبحسب ما ورد  بالشكوى فإن مدير المكتب التنفيذي كان قد أرسل رداً سابقاً إلى وكيل نيابة الفساد فحواه: إن الداخلية ليست معنية بتعيين المدنيين، ما اعتبره المحامي في شكواه رداً غير قانوني، لأنه لا يجيب على السؤال الموجه للوزارة “هل شغل المذكور منصب مستشار لوزير الدولة بالوزارة أم لا؟”. وأعرب المحامي المذكور في شكواه عن استغرابه صدور هذا الرد من جهة قانونية ونظامية؛ يفترض أنها تدرك الأسس السليمة للتحري والتقصّي!، بل ذهب المحامي عوض الكريم في شكواه أبعد من ذلك قائلاً: “انه وصل إلى قناعة بأن هذا الرد قد كتب بليل بواسطة اللواء محمد الفاتح! وهو اتهام مبطن بتواطؤ اللواء مع رئيس المنظمة بقصد التأثير على سير العدالة ومساعدة المتحرى عنه في الإفلات من العقاب.

شكاوي وبلاوي:

فساد في زيرو فساد - شكاوي وبلاوي 2
فساد في زيرو فساد – شكاوي وبلاوي 2

كل ما سبق من مفاجآت وفواجع؛ جعلنا نبحث وننقب أكثر عن هذا الشخص المثير للجدل، فاكتشفنا ما تشيب له رؤوس الولدان.

بتاريخ 4 نوفمبر 2009 خاطبت السفارة السورية وزارة الخارجية بخصوص شكوى في قضية احتيال (رئيس منظمة زيرو فساد) قدمها إليها مواطن سوري يدعى “وسيم رزق”، وبدورها خاطبت الخارجية وزارتي العدل والداخلية.

وفي 2 مارس 2010 خاطبت وزارة الداخلية وكيل وزارة الخارجية بخطاب يحمل بالرقم (4/ وا 874) رداً على خطاب الخارجية بالرقم (وخ/أجانب/12/1/16 أ)، باتهام “نادر العبيد”، الرئيس المؤسس لمنظمة زيرو فساد في قضية احتياله على المواطن السوري المذكور أعلاه، بمبلغ (مليون ريال سعودي) نظير ماكينات طباعة بالمملكة العربية السعودية.

يقول الخطاب إن نادر متهم أيضاً؛ تحت المادة (179) ق ج، برقم بلاغ (431) من نفس الشخص سوري الجنسية، بشيك قيمته (2) مليون و(500) ألف ريال سعودي. الأغرب أن النيابة العامة شطبت البلاغات رغم إرفاق الشيكات طي دعاوى المواطن السوري باعتبار إنه مدير شركة سعودية وليست سودانية؟!

الرئيس المخلوع يتدخل في الخط لصالح نادر العبيد:

فساد في زيرو فساد - الرئيس المخلوع يتدخل
فساد في زيرو فساد – الرئيس المخلوع يتدخل

فؤجئنا أكثر، إن كل ما سبق، لم تكن مجرد بلاغات تغلق بالتواطؤ أو الوساطات وحماية رجال القانون والشرطة، بعد أن تدحرجت بنا كرة الثلج حتى وصلت منتهاها؛ حيث  الراعي الرسمي للفساد آنذاك الرئيس المخلوع عمر البشير، الذي أصدر قراراً يؤكد لنا بأن رئيس (زيرو فساد) سبق وأدين في جريمة تتعلق بالشرف والأمانة، وذلك بتاريخ 13 يوليو2016 حين أصدر المخلوع قراراً جمهورياً يحمل الرقم (681)، فحواه إنه وبتوصية من مدير جهاز أمنه آنذاك – محمد عطا – تم إسقاط ما تبقى من عقوبة المدان/ نادر محمد العبيد.

المصدر: صحيفة الديمقراطي

 

‫7 تعليقات

  1. والله يازولات لسع ماقادرين تفهم ان لايوجد قانون ولايوجد قانونين يطبق القانون اذا كان موجود البلد ماشة كدة ولاتحزن ياقلبى بعدين انت قايلين نفسكم فى اوروبا خلكم خامدين الا ان ياخذ الله ارواحكم وت ترتاح من هم وغم السودان اقل قضية تستمر سنيين ممكن واحد فهمان يشرح لى السبب

  2. الأمور كلها كانت ماشة كدا في العهد الماضى . يعني ممكن أي واحد منهم يعطى جوار سفر رسمي أو دبلوماسي لتنفيذ مهمة معنية تحت معين بغض النظر عن الضرر الذي يمكن يلحق بالدولة من هكذا تصرف

    ومن قرأ مذكرات الدكتورحسن عابدين السفير السوداني السابق في لندن يدرك كيف كانت تدار الأمور .

    السفير ذكر انه في فترة عمله سفيرا في الجزائر اول التسعينيات أن حضر اثنان من مشايخ الجبهة في الجزائر بجوازات سفر رسمية وتم ابعادهم بعد ان تاكد للسلطات الجزائرية انهم كذابون وان حضورهم فقط لتاجيج الصراع بين الحكومة الجزائرية ومعرضيها
    طبعا استخراج الجوزارت البلوماسية يتم مباشرة عن طريق سلطان الامن دون المرور بوزارة الخارجية صاحبة الشأن

  3. الى نادر العبيد
    لا تنهى عن خلق وتأتى مثله عار عليك اذا فعلت زنيم
    غير تقى يأمر الناس بالتقى طبيب يداوى الناس وهو عليل
    غلفا وشايلة موسها تطهر

  4. لا حول و لا قوة إلا بالله…. وأكل على السوري 3 مليون ريال … فكيف لا يأكل السودانيين؟ ليس الغريب وجود شخص فاسد فهذا موجوج في كل دولة وكل مجتمع… لكن الغريب أن يجد الفساد هذا القدر من الحماية

  5. نادر العبيد كوز متسلط خلفه حماية من رؤوس كبيره نتمنى كشفهم وفضحهم للراي العام حتى يتم فرز الكيمان

  6. الغريبة في الامر عندما طفح اسمه علي رئاسة زيرو فساد احتج كثيرون من النشطاء و الثوار الفيسبوكين على وجود اسمه رئيس لها، وكانت الاتهامات له بالانتماء للنظام السابق بجانب عدد من أفراد أسرته كشقيقته “مها العبيد” المستشارة بسفارة السودان بدولة الإمارات، إضافة إلى قصة فصله من جهاز الأمن لسوء السلوك والشكوك بشأن حقيقة حصوله على درجة الدكتوراة.
    هسع يادووووب الناس انتبهت لماضيه من خلال هذا الفيديو المنتشر باعتراف لسانه.

  7. التفسير الوحيد لهذه الحادثة ان جهاذ الامن والجهاذ القضائ هم جهازي الانقاذ ولاعلاقة لهم البتة بهذه الثورة. ..
    زيرو فساد بهذا الفساد والامن والقضاء عاملين رايحيين؟؟؟
    لا بل هم يعلمون جيدا ولكنهم فلول خاءنة لشعبها وثورته..
    يجب الضرب علي هذين الجهازين بيد من حديد يارئيس الوزراء.
    خسئت يانادر وماهي قيمة الرجل عندما يطلع خائن للمبادئ؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..