مقالات وآراء سياسية

مسلسل فضائح سفارات الإنقاذ (الحلقة الأخيرة)

صديق جوليا

في الحلقة السابقة تركنا الأخ الأكبر يصارع زواحف وتماسيح الإنقاذ من أجل استلام جواز ابن أخيه الطفل المعجزة الذي أصبح يمشي على قدمية ويتحدث الهندية والفارسية قبل أن يكمل عامه الأول والأخ الأكبر ما زال في العاصمة السودانية يوزع “السبعات” و”التمنيات” والجواكر من أجل استلام جوازه.. وكلما أطعم تمساحاً يظهر له تمساح آخر فاتحاً فكيه طالباً مزيداً من الأسماك مما جعله يتسآل من أين تخرج هذه التماسيح الملعونة التي لا تشبع؟..ومن أين جاءت هذه الزواحف السامة التي أصبحت تهدد حياة المواطنين في كل مكان؟.. مع الأسف لا أحد يجرؤ على الإجابة على هذه الأسئلة الحائرة! أو نقد تصرفات كبير التماسيح بسبب إنتشار الدبابيس والجراد الإلكتروني!.. لذلك وجد الأخ الأكبر نفسه مضطراً إلى إطعام جميع التماسيح الجائعة التي إعترضت طريقه حتى وصل إلى كبيرهم الذي طالب  بـ “جوكرين” دفعةً واحدةً مقابل الافراج عن الجواز الذي ما زال حبيساً في درج مكتبه حتى يستلم مستحقات الجوكرين..وعلى الصعيد الآخر كان الأخ الأصغر يخشى أن ترسل وزارة الخارجية جواز ابنه إلى السفارة السودانية في نيودلهي بالحقيبة الدبلماسية مما يجعله مضطراً لترك عمله ويسافر إلى نيودلهي مرةً أخرى ويتعرض لمزيدٍ من الإبتزاز لاستلام الجواز .. لذا وافق فوراً على تحويل قيمة “الجوكرين” عبر “الويسترن يونيون” بسرعة البرق حتى ينتهي المسلسل في العاصمة السودانية الخرطوم بدلاً من السفارة السودانية في العاصمة الهندية نيودلهي.. نظراً لإنتشار تماسيح القواطير من العيار الثقيل في جميع مكاتب السفارة تستطيع أن تلتهم أطنان من أسماك التونا قبل أن يتمكن والد الطفل المعجزة من استلام جوازه.. وبينما كان الأخ الأكبر في حيرة من أمره وهو في انتظار وصول الحوالة على أحر من الجمر تذكر أنه نسى أن يطرق باب الزعيم الروحاني بحسب وصية الأخ الأصغر إذا فشلت جميع محاولات الجراد الإلكتروني وشواطين الإنس لاستلام الجواز.. وبواسطة شفره معينة تمكن من الاتصال بـ “سهسهوبي” الذي حضر على بساط الريح ووافق على تقديم خدماته وإحضار جواز الطفل المعجزة كلمح البصر بشرط الموافقة على تنفيذ طلبات الزعيم الروحاني.. فسأله الأخ الأكبر إذا كان بإمكانه إرسال طلبات الزعيم بالواتساب حتى يرسلها للأخ الأصغر للموافقة النهائية.. فطلب سهسهوبي مهلة ثلاث دقائق فقط لإجراء محادثة مع الزعيم ولم تمض ثواني على المكالمة حتى ظهرت رسالة في جوال الأخ الأكبر توضح الطلبات التالية: ثلاثة “جواكر” وخروف نعيمي “بيجي” خاطف لونين وديك “تركوازي” اللون أحمر الذيل..وبخور عدني أصلي.. وهكذا بدأ مسلسل سهسهوبي بالبحث عن طلبات “الزعيم” بعد أن وافق الأخ الأصغر على تلبيتها فوراً وأرسل حوالة إسعافية عاجلة للأخ الأكبر تغطي جميع طلبات الزعيم بالإضافة إلى مستحقات خمسة “جواكر” حتى يستطيع استلام الجواز في الخرطوم بأي ثمن..  ومن أجل تحقيق هذا الهدف لم يدخر الأخ الأكبر جهداً لتلبية هذه الطلبات بأسرع ما يمكن حتى لا تضيع هذه الفرصة الذهبية.. واستمر في البحث براً وبحراً وجواً وطاف على جميع مزارع تربية المواشي والديوك لكن مع الاسف الشديد لم يجد ديك وخروف بيجي بنفس المواصفات التي حددها الزعيم الروحاني على الرغم من إنه استعان بشواطين الإنس والجن والجراد الإلكتروني وآل كابوني حتى ينتهي مسلسل الطفل المعجزة الذي ما زال عالقاً مع والدته في بومبي منذ أكثر من عام في العاصمة السودانية الخرطوم.

وبينما البحث عن طلبات الزعيم الروحاني جارياً على قدم وساق في العاصمة السودانية الخرطوم وضواحيها فكر كاتب السيناريو في نشر قصة الطفل المعجزة على صفحته في “الفيس بوك” لعله يثير عطف “المهاتما” والراي العام الهندوستاني .. على أمل أن ينتهي السيناريو في بومبي بدلاً من نيودلهي أو الخرطوم.. لكنه لم يكن يتوقع أن تأتي ردود الفعل المتعاطفة مع قضية الطفل المعجزة بهذه السرعة الهائلة عبر جميع وسائل التواصل الاجتماعي مطالبةً وزارة الخارجية الهندية التدخل السريع لحل مشكلة الطفل السوداني الذي أثيرت قضيته في جميع وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وإنتشرت على نطاق واسع عبر الفضاء الإسفيري وتعاطف معها جميع الصحفيين والكتاب وأصبحت قضية رأي عام بعد ساعات من نشرها على “الفيس بوك” مما جعل وزير الخارجية الهندي يبدئ اهتماماً شخصياً بهذه القضية الحساسة ويصدر تعليماته لمدير إدارة الجوازات مباشرةً لإصدار جواز سفر “ترانسيت” فوراً للطفل المعجزة حتى يستطيع مرافقة والدته بعد أن أصبح يسير على قدميه ويتحدث مجموعة من اللغات قبل أن يكمل عامه الأول.

وبعد أقل من اثنين وسبعين ساعة على نشر المقال في صفحته على “الفيس بوك” حدثت مفاجأة لم تكن في الحسبان عندما وصل مندوب من وزارة الخارجية الهندية إلى منزل الأسرة في بومبي  وطلب من والدة الطفل المعجزة التوقيع على محضر استلام جواز سفر هندي “ترانسيت” كامل الدسم.. وقبل أن يعثر الأخ الأكبر على الديك “التركوازي” والخروف “البيجي” وبقية طلبات الزعيم الروحاني وصلت رحلة طائرة الخطوط الهندية رقم 554 إلى مطار العاصمة السودانية الخرطوم في الساعة التاسعة مساءً بالتوقيت المحلي بعد رحلة استمرت لأكثر من خمس ساعات وعلى متنها أسرة المواطن السوداني والطفل المعجزة الذي عقد والده مؤتمراً صحفياً في المطار أجاب فيه على جميع أسئلة الصحفيين قبل أن يتوجه وأسرته إلى ميدان الاعتصام مباشرةً حيث استقبلتهم الجماهير الثائرة استقبالاً حافلاً وحملت الطفل المعجزة على الأعناق وطافت به شوارع العاصمة وهو يهتف بأعلى صوته تسقط بس .. تسقط بس .. تسقط بس..

 

صديق جوليا

[email protected]

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..