مقالات وآراء

شرق السودان وسقوط حمدوك

آدم فضيل

من الملاحظ تصاعد وتيرة الغضب الشعبي تجاه رئيس الوزراء عبدالله حمدوك ومن الملاحظ أيضا ان تراجع أداء حمدوك بشكل مريب يدعو لكشف الستار عن أصحاب القرار والسياسات السيادية في الفترة الإنتقالية.

أزمة الشرق نموذجا:
تصدر حمدوك موقف تشكيل الولاة المدنيين واصدر قرار بتعيين الأستاذ صالح محمد صالح عمار واليا لولاية كسلا ضمن ١٨ والي مدني كاستحقاق ثوري بتكملة هياكل السلطة الإنتقالية في السودان.
تابع الشارع السوداني الأزمة التي تخلقت بعد تسمية صالح عمار لولاية كسلا وبروز بعض الأصوات التي نددت بالقرار واتكئ أصحابها على عصا العنصرية البغيضة مهددين بأنهم سيشعلوا الإقليم الشرقي حال تمادى حمدوك في قراره.
أصدر حمدوك فورا قرار بإبقاء الوالي في العاصمة لحين تدارك المشهد واحتواء الأزمة، وطالبانا مراراً بحسم التفلت العنصري وقدم شباب شرق السودان واحزابه السياسية بل والحرية والتغيير وتجمع المهنيين مطالب متكررة بتسليم الوالي مهامه الرسمية وحسم التفلتات العنصرية التي تهدد مسار الانتقال وتعتبر ردة للثورة المجيدة.
لم يلتفت حمدوك لندادات الحاضنة السياسية التي أتت به للسلطة ولا لمطالب القوى المدنية في الإقليم والمركز التي حذرت من تمادى حمدوك في الاستجابة لقوى الردة، فلمن يستمع حمدوك؟

شهد الإقليم العديد من التفلتات بقفل الطرق القومية تارة وأخرى بإغلاق مدينة كسلا وشل حركة المواطن والاعتصام داخل أمانة حكومة كسلا وتوجيه تهديدات للحكومة بإشعال الشرق على لسان قائد مجموعة رفض الوالي المدني (محمد الأمين ترك).

فمن هو ترك؟
محمد الأمين ترك ناظر قبيلة الهدندوة وعضو المكتب القيادي بالمؤتمر الوطني المنحل وبمعيته مجموعة يتذعمها موسى محمد أحمد مساعد رئيس الجمهورية السابق عمر البشير.

دعت هذه المجموعة التي لا تمثل قبيلة الهدندوة، دعت إلى عزل الوالي لأنه ينتمي إلى مكون قبلي لايجب أن يحكم ولاية كسلا وهذا ما قاد الإقليم إلى شد قبلي بين أكبر مكونين في الإقليم الشرقي، ولكن لماذا لجأت هذه المجموعة لرفع لواء العنصرية؟موسى محمد أحمد رئيس مؤتمر البجا ومساعد البشير هو المشرف على ميزانية صندوق إعادة بناء وتنمية الشرق وهو صندوق أقرته اتفاقية اسمرا ٢٠٠٦م.

الصندوق وقادته متهمين بقضايا فساد مالي على رأس المجموعة موسى والناظر ترك (المقرب من موسى محمد أحمد) المخاوف من قضايا الفساد إضافة للنزعة العنصرية وتنفيذ أهداف لمحاور دولية وإقليمية، أسباب دعت هذه المجموعة للتصدي لأي انتقال حقيقي بكسلا وشرق السودان عامة.

العسكر ومجموعة ترك:
ترك ومجموعته لم يتحركوا الا بعد الحصول على الضوء الأخضر من المكون العسكري وعلى رأسه عبد الفتاح البرهان الذي جرت بينه وترك عدة تفاهمات ولقاءات مباشرة وغير مباشرة عبر مدير عام الشرطة عزالدين الشيخ ومدير الاستخبارات العسكرية وفقا لتسجيلات ومصادر موثوقة.

فلماذا يحتضن العسكر ترك وماهي المصلحة التي تعود على العسكر من عرقلة الانتقال المدني والثوري في شرق السودان على وجه الخصوص؟
من المعروف أيضا ووفقا لمتابعة بنود الوثيقة الدستورية ختاما بالتعديل الأخير الذي أقر وجود العسكر كمكون اساسي في التشريع والوثيقة الدستورية إن للعسكر خطوط موازية للانتقال ومعيقة لتحقيق أهداف الثورة التي يدعي العسكر مشاركته الأصيلة فيها.

أهم هذه الأهداف للعسكر هو تنفيذ أجندة محاور دولية مثل الأطماع الإماراتية في موانئ شرق السودان وتمدد إثيوبيا في الأراضي السودانية وكذلك أطماع الجارة مصر المحتلة لمثلث حلايب وشلاتين والتي يعمل العسكر معها ضمن تفاهمات لاتعلم الساحة السياسية عن مآربها أو فوائدها للبلاد… وحدهم العسكر يعلمون أو ربما لايعلمون، والتمدد الدولي والإقليمي في السياسة السودانية هو سيد الموقف وحسب.

دور حمدوك في الأزمة:
أصدر حمدوك مؤخرا قرار بتاريخ ١٤ أكتوبر يقضي بإقالة والي كسلا صالح عمار وفقا لاملاءات وتوجيهات مباشرة من رئيس مجلس السيادة الإنتقالي عبد الفتاح البرهان وهذا وفقا لمصدر من مجلسي السيادة والوزراء؟

فلمن سيادة وسلطة اتخاذ القرار؟ ولصالح من يمرر حمدوك قرارات المجلس العسكري؟

اخيرًا..

من الواضح أن أزمة كسلا وشرق السودان التي لن تنتهي بمجزرة ١٥ أكتوبر التي ارتكبتها قوات الحكومة ضد المدنيين الرافضين لقرار حمدوك بإقالة والي كسلا لأسباب عنصرية.

لن تنتهي أزمة الشرق بهذه الخطوة بل وأزمة السودان التي وجدت من شرق السودان بوابة لانطلاقها، وسيتحمل حمدوك مسئولية تصدرها، والارتماء في أحضان العسكر منقلبا على حاضنته السياسية لأن حمدوك وبعيدا عن خفايا المؤامرة، هو من يتصدر الأزمة بإصدار القرارات وبحكم مسؤوليته المباشرة في موقع اتخاذ القرار.

آدم فضيل

‫2 تعليقات

  1. تحليلك للأحداث في الشرق صاح ولاكن أقفلت ذكر تخابر ترك و جماعته مع نظام إرتريا و حضور وزير الدفاع و رئيس المخابرات و رحلات البرهان و حميدتي إلى اسمرا و لقائات ترك مع السفارات الخليجية و شمال الوادي. إنها مؤامرة المشتركون فيها داخليآ و خارجيآ. إرتريا رفضت تولى صالح عمار لنصب الوالي هل بقينا رخيصين لدرجة دي؟؟؟؟ وماهي عقوبة التخابر مع دولة أجنبية؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..