أخبار مختارة

بين الثوار وأنصار النظام المخلوع.. ذكرى أكتوبر.. حفل “شواء” سياسي على الهواء الطلق !!

الثوار بهتاف موحد: الجوع الجوع ولا الكيزان .. عودة عبارة "شكراً حمدوك" لمنصات التواصل من جديد

الجريدة: عبدالناصر الحاج

رغم جدية المطالب المُلحة والتي تم التحضير لها جيداً من قبل الثوار في لجان المقاومة تزامناً مع ذكرى ثورة أكتوبر المجيدة، وعلى الرغم من تماهي تجمع المهنيين وعدد من أحزاب قوى إعلان الحرية والتغيير مع دعوات الخروج للشوارع، إلا أن الدعاية الأخرى الموازية التي أطلقتها مجموعات محسوبة على النظام المخلوع في الدعوة للخروج للشوارع لأجل إسقاط حكومة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وإسقاط حاضنته السياسية – الحرية والتغيير، ساهمت هذه الدعاية في تغيير كبير لخطة الأهداف والدوافع التي تكتنف الكتلة الثورية والتي تهدف إلى تشكيل أكبر ظاهرة ضغط جماهيري ثوري على الحكومة الانتقالية بغية إجبارها على تصحيح مسارها  ومن ثم الانصات لصوت الشارع السوداني. ولقد ساهم إصرار المجوعات المحسوبة على النظام البائد على الخروج والتأكيدات الغليظة من قبلهم بأنهم سوف يخرجون لأجل إسقاط حمدوك وإجباره على الرحيل، ساهم هذا الإصرار في توجيه بوصلة الثوار نحو الإكتراث المفرط لحراسة الثورة وحماية الفترة الانتقالية ومما جعل التظاهرات تفتقد لخاصية التوحد في هتاف واحد بديلاً عن هتاف : (الجوع الجوع ولا الكيزان).

احتراز اضطراري

تنشيط الدعوة للتظاهر من قبل أنصار النظام البائد، لم ينعكس فقط على طبيعة الحراك الثوري للثوار فقط، بل هو ما حفز السلطات الأمنية ومنحها المبررات لإطلاق يدها في تكبيل حركة الجماهير عبر عد إجراءات أمنية احترازية، حيث استبقت السلطات مظاهرات الأمس، في الخرطوم بإجراءات أمنية مشددة، من خلال إغلاق الجسور الرابطة بين مدن العاصمة، وانتشار قوات الجيش فيها، وإغلاق كل الطرق المؤدية إلى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة. وكانت صحيفة “الصيحة”  الصادرة ”الثلاثاء” كشفت عن أنّ اللجنة الأمنية برئاسة والي الخرطوم، أيمن خالد، وضعت خطة محكمة للتعامل مع مسيرة 21 أكتوبر غدًا. وقالت الصحيفة إنّه تمّ وضع كلّ وحدات قوات الشرطة في حالة استعداد تامٍ مع الاستعانة بقوات الجيش في أماكن محدّدة بمحيط القيادة العامة والقصر الجمهوري، مع مرافقة وكلاء النيابة لتلك القوات، لتقدير الموقف وإصدار أيّ توجيهات والتعامل مع أيّ مستجداتٍ تطرأ. وكشفت عن جدل لم يحسم بعد بشأن إغلاق الكباري، ونوّهت لرأي يؤكّد ضرورة إغلاقها في زمن محدّد، فيما يرى آخرون عدم إغلاقها باعتبارها منافية لحرية التعبير. وقالت الصحيفة إنّ كلّ الترتبيات الأمنية واللوجستية اكتملت وأوضح أنّهم يعلمون التحديات التي ستكون عبئًا على الأجهزة الأمنية للتعامل مع مثل هذه المواقف. إلا أن العاصمة السودانية الخرطوم شهدت انتشاراً واسعاً لقوات الجيش السوداني في محيط قيادته منذ مساء الثلاثاء، وإغلاق كافة الطرق المؤدية إليها قبيل ساعات قليلة من انطلاق المظاهرات الاحتجاجية في يوم الذكرى السنوية للانتفاضة الشعبية التي أنهت حكم الرئيس السوداني الراحل إبراهيم عبود العام 1964م، وتبنتها لاحقا أحزاب بالحرية والتغيير وتجمع المهنيين. وبالفعل قررت ولاية الخرطوم إغلاق الكباري التي تربط مدن العاصمة الثلاثاء ابتداءً من منتصف الليل وحتى مساء الأربعاء .

يوم الحشود

كان يوم الأمس، يوماً عصيباً، حاشداً ومحتشداً بالتنوع وبالتناقضات، حيث شهدت العاصمة الخرطوم وبعض الولايات  أمس  الأربعاء، تظاهرات، تلبيةً لدعوات الخروج في ذكرى ثورة 21 أكتوبر، التي دعت لها مجموعة من الأحزاب السياسية وقِوى الحرية والتغيير وتجمُّع المهنيين، بهدف إصلاح الحكومة ودعم الثورة. كما دعت جماعات مختلفة محسوبة على النظام المعزول، للخروج من أجل إسقاط الحكومة. وعلى الرغم من أن ولاية الخرطوم كانت قد حذرت، من أنّ لديها معلومات تكشف أن هناك من يسعى لاختراق هذه المسيرات لإحداث فوضى، إلا أن تحذير ولاية الخرطوم لم يخيف الثوار من الخروج ولم يحرج عدد من أنصار النظام البائد ويعدل من خطتهم للخروج. وأحرق المحتجون، إطارات السيارات في بعض الطرق،  مطالبين بتصحيح مسار الثورة والإسراع في تنفيذ متطلبات الثوار، وعلى رأسها محاسبة المسؤولين عن قَتَلة المتظاهرين خلال الثورة. تزامن ذلك مع خروج تظاهرات للمعارضين من المحسوبين على النظام السابق، وطالبوا بسقوط الحكومة في ظل نُدرة الخُبز والوقود. وردّد بعض المتظاهرين (الجوع الجوع ولا الكيزان). بينما حمل البعض، شعارات (يا حمدوك جاينك دغري تقفل شارع تقفل كوبري)، و(حال البلد مقلوب حتى الرغيف معدوم).

هتاف مضاد

كانت هتافات الثوار تعلو وتعلو حتى كادت أن تلامس سماء الخرطوم، وكان صداها يزلزل أركان المدينة، وتمكن الثوار من إحباط مخطط مجموعات محسوبة على النظام المخلوع، للانقضاض على السلطة الانتقالية. وتصدت حشود بشرية في مختلف أنحاء العاصمة الخرطوم، لتجمع احتجاجي خجول سيره أنصار النظام البائد، مطلقة هتافات موحدة “الجوع الجوع ولا الكيزان”، بمعنى أنهم يفضلون البقاء في الضائقة المعيشية الطارئة، على صعود هذه الجماعة مرة أخرى لسدة الحكم. وشهدت تظاهرات البارحة عودة وسم “# شكرا حمدوك” على منصات التواصل الاجتماعي من جديد بعد غاب مؤخراً بسبب عدم رضا الشارع السوداني من السياسات التي تنتهجها حكومته. ومن جانبه قال المحلل السياسي شوقي عبد العظيم، إن السودانيين وجهوا رسائل قوية لأنصار النظام البائد، أهمها “أنكم لن تستطيعوا العودة مرة أخرى إلى السلطة عبر الآخرين، مثلما استغليتم الجيش في عام 1989″. وقال عبدالعظيم خلال حديثه لـ”العين الإخبارية” إن هتاف السودانيين عكس وعيهم بأن ما يدور في البلاد من ضائقة بفعل جهات، بينها ترغب جماعة المخلوع في الاستحواذ على مكتسبات الثورة وأن رهان الفلول على الضائقة المعيشية خاسر”. وأضاف “تجربة الثلاثين عاما الماضية كشفت زيف هذه المجموعات وجعلتهم مكروهين شعبيا، وأن “هتاف الجوع ولا الكيزان يشمل الإخوان وكل من يتاجر بالدين”. أما أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية، الدكتور إبراهيم كباشي، فسر ترديد شعار “الجوع ولا الكيزان” في المظاهرات بأنه يعكس حالة الغبن لدى السودانيين تجاه النظام البائد الذي شهدت فترة حكمه كثير من الظلم. وقال كباشي في حديث لـ”العين الإخبارية” إن الهتاف يعكس أن ثورة السودانيين ضد نظام البشير لم تقوم لأجل الأكل والشرب وإنما لإنهاء حالة الظلم ورد الكرامة. وأضاف “ما حدث اليوم يعكس تقدم الوعى لدى الشعب السوداني، على كل التيارات السياسية الموجودة في الساحة، فهو يراقب الأوضاع ويقييم، ولكن المؤكد أن عودة الإخوان بذات السلاح الذي سقطوا به مستحيلة”.

يوم سيئ للإعلام

شهدت أحداث الأمس، بجانب عودة الغاز المُسيل للدموع، وعودة التراشق السياسي بين الثوار وأنصار النظام البائد، شهدت أحداث مؤسفة تناقلها الإعلاميين السودانيين في صفحاتهم على منصات التواصل، ووصفوها بيوم سيئ للإعلام، حيث تعرّض فريق التصوير بقناة (سكاي نيوز) للاعتداء من قِبل قوات شرطية، وذلك في المنطقة الواقعة “جنوب مستشفى الخرطوم شمال تقاطع السكة حديد”. حيث تم إدخالهم إلى أحد (الدفارات) وتم ضرب أحد المصورين، ومم ثم منعهم من تصوير أحداث مسيرات 21 أكتوبر، وتم تفتيش الكاميرات ومسح الصور التي تم التقاطها. كذلك اعتقلت الشرطة مراسل قناة الحرة عبدالباقي العوض والمصور النذير عز الدين ولم تطلق سراحهم إلا بعد إبراز بطاقاتهم. وكذلك تعرض طاقم قناة العربية أيضاً لذات المضايقات الأمنية.

ردة فعل

تحولت مواقع التواصل الاجتماعي في السودان إلى حفل شواء عريض لكل من كان يمني النفس بإسقاط حكومة الفترة الانتقالية وتحميل مسؤولية الضائقة المعيشية لرئيس الوزراء وحده، ولقي أنصار النظام البائد نصيباً كبيراً من التقد والسخرية وتم تداول هتاف الجوع ولا الكيزان على نحو كبير، ومما جعل رواد مواقع التواصل يستلذون بالسخرية من أنصار المخلوع وجرأتهم على محاولة إسقاط حكومة الثورة ظناً منهم بأنهم يستطيعون إمتطاء ظهر الثوار وصولاً لسدة الحكم وتجفيف شعارات ثورة ديسمبر من محتواها، وعلى الرغم من أن تظاهرات الأمس شهدت – بحسب نشطاء- عودة غير حميدة لآليات القمع والاعتقال والإفراط في استخدام العنف المفرط ضد المحتجين، إلا أن ردة الفعل  التي طغت على المشهد كانت هي هزيمة نوايا أنصار النظام البائد وعودة التأييد الشعبي لرئيس الوزراء.

الجريدة

‫3 تعليقات

  1. الفلول لا يصح الصاقهم مع الثوار في أي سياق،،لا مسيرة لامظاهرة لا مطالبة ،،ولا مجال للمقارنة،،الكوز مطرود ،منبوذ،،غير مرغوب فيه،،لا في مظاهرة أو مسيرة أو ندوة أو تجمع من أي نوع،،

    1. الحمد لله علي وعي شعبنا وادراكه للامور , ثم شكر ا مرارا وتكرارا يا حمدووووك يا مهاتير السودان وجند الله الذي نامل ان يرفع ويوحد به الله السودان باذنه تعالي وحقيقة الجوع ولا تجار الدين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..