أهم الأخبار والمقالات

نعم لمبادرة السيد رئيس الوزراء… لكن بعيدا عن العواطف والتطبيل (2-2)

عبد القادر محمد أحمد المحامي

لمطالعة الجزء الأول يرجى الضغط هنا

من حقنا أن نرصد أخطاء د. حمدوك ليتحمل نصيبه من الفشل في تنفيذ المهام، ومن حقه علينا أن نعطيه مساحة للخطأ كإنسان، ثم كشخص حديث العهد بالمنصب وفي واقع سياسي وأمني واقتصادي في غاية الاضطراب والتعقيد. لهذا لن يكون الخيار الصحيح في إسقاطه أو المطالبة بإستقالته، لنضع البلاد في طريق مجهول لا يستطيع احد ان يراهن بسلامة العواقب.

صحيح أن أخطاء الرجل وبطء تفاعله مع الكثير من القضايا العاجله ورضوخه للعسكر وقفل أذنيه أمام صيحات من قاموا بتنصيبه، كل ذلك زاد من تعقيدات الأزمة الشاملة التي يشكو منها الآن، لكننا مارسنا حقنا في نقده وبما يشبه التجريح، والآن مبادرته تقول ان النقد أتى بالنتيجة المطلوبة، فكيف يكون رد الفعل رفضها والتشكيك فيها دون التروي في الوقوف عند محتواها.!

لقد كشفت المبادرة عن حقائق و إيجابيات يتوجب الوقوف عندها :-
1/ فهي في ذاتها كخطوة أقدم عليها د. حمدوك يجب أن تستوقفنا، فقد عهدناه رجلا حيي رقيق المشاعر يتجنب المواجهة، مقلا في الحديث وفي التواصل ولا يقوى على إحراج أحد، يسمعك ويوافقك القول لكنه لا يستجيب، وجميعها صفات لا تناسب تحديات المرحلة.

أما الآن فهو يقدم نفسه كشخص مختلف مستوعبا لمطلوبات المرحلة وقادرا على تحدياتها، هذا يعني أنه إستفاد من تجربة الفشل وقام بتطوير نفسه ليكون على قدر التحدي. فهل نرفضه ونبحث عن آخر يحتاج بدوره لفترة تدريب وخبرة وإختبار.!

2/ ليس صحيحا القول بأن المبادرة مجرد ترديد لشعارات الثورة، فهي في حقيقتها جرس إنذار للجميع للإنتباه لخطورة التشظي كمعوق أساس لتحقيق الأهداف المشتركة، ومناشدة لكل قطاعات الشعب : ( لوضع أيدينا في بعض والمضي ببلادنا إلى الأمام)، فهل هناك شك في حقيقة وخطورة التشظي الذي عددته المبادرة؟! لماذا نغضب عندما نواجه بالحقائق؟!

3/ ليس صحيحا القول بأن كل المهام المفتاحية وغيرها الواردة في المبادرة، يقع واجب تنفيذها على حكومة د. حمدوك، ففيها مسائل جسام بعضها ورثناها من النظام المباد وبعضها من تعقيدات المرحلة وبعضها ناتجة عن القصور والتعقيدات التي خلقتها الوثيقة الدستورية، وبعضها قد تبدو من أختصاص الحكومه لكنها ترتبط بمشاكل أخرى أكبر من مقدرتها.

فأمامنا مشكلة الدمج والترتيبات الأمنية وكيفية الوصول لجيش قومي بعقيدة مهنية، هذه مسائل أكبر وأخطر من أن تترك للمكون العسكري والحركات الموقعة.

وأمامنا مشكلة إصلاح وإزالة التمكين داخل جهازي المخابرات العامة والشرطة، فكما ورد في المبادرة (يجب أن ينفذ ما ورد في الوثيقة بشأنهما وأن يخضعا لعملية إصلاحات عميقة وجذرية وعاجلة)، وهذه المسألة يجب أن يشارك فيها الجميع دون تردد.

وأمامنا مشكلة تعدد مراكز القرار داخل الدولة وإنعكاساته على السياسة الخارجية والزيارات التي يقوم بها قادة المكون العسكري لبعض الدول متعدين الحدود التي رسمتها الوثيقة.

وأمامنا موضوع العدالة الانتقالية وكيفية مواجهة الأسباب المعلومة التي تجعل المكون العسكري يضع العراقيل في طريق التحول المدني الديمقراطي.

وأمامنا مشكلة توحيد الإرادة نحو السلام الشامل الحقيقي ومستحقاته.

وأمامنا مشكلة عدم وجود إرادة حقيقية للتحول المدني الديمقراطي، سواء لدى المكون العسكري أو بعض الكيانات الحزبية أو الأفراد المدنيين الذين يتواجدون في مواقع حساسة ولا يخفون هواهم العسكري الشمولي.

وأمامنا مشكلة النشاط الإقتصادي للمؤسسات العسكرية والأمنية.

وأمامنا مشكلة مواردنا المنهوبة جهارا نهارا وهي كافية لإخراجنا من أزمتنا الإقتصادية وهي أم الأزمات.

وأمامنا مشكلة التحكم في عائد الصادر َوكيف تفرض وزارة المالية ولايتها على المال العام.
كل هذه مشاكل حقيقية تحتاج لمواجهة وحل يشارك فيه الجميع بما يستلزم نبذ التشظي ووحدة الصف الوطني. فلماذا نرفض قرع جرس الإنذار؟!

وتبقى هناك مسألة مهمة ستعطي المبادرة وزنها وجديتها وما نتوقعه من أداء مختلف، بأن يشرع د. حمدوك فورا وعبر مجلس الوزراء إلى تنفيذ المهام التي لا تقف في طريقها عقبات تذكر، أهمها :-

1/ فيما يتعلق بملف إصلاح الأجهزة العدلية وإكمال بنيانها المؤسسي وتفكيك التمكين بداخلها، فبما أن هناك قانون لمفوضية الإصلاح العدلي يبقى فقط أن يطلب رئيس الوزراء من وزير العدل، وهو احد قادة المفوضية، الشروع فورا في تشكيلها بالتواصل مع السادة نائب رئيس القضاء، النائب العام ونقيب المحامين المكلف، وأن يتم تشكيل العضوية من عناصر جادة صاحبة رؤية وبعيدة عن الأجندة المعوقة.

مع ملاحظة أن تشكيل المفوضية لا يحتاج لتعيين رئيس قضاء أو نائب عام فالصحيح هو أن يترك الأمر لمجلسي القضاء والنيابة لإختيارهما، وذلك فور صدور قانون لكل منهما وتشكيلهما بواسطة المفوضية، بما يؤدي كذلك لتشكيل المحكمة الدستورية.

2/ فيما يتعلق بملف الفساد، بما أن هناك قانون لمفوضية محاربة الفساد وإسترداد المال العام، يبقى المطلوب هو أن يسارع د. حمدوك بالتواصل مع الأطراف المعنية، لتشكيل المفوضية لتباشر عملها.

3/ فيما يتعلق بملف إزالة التمكين في عموم مؤسسات الدولة، فيجب ان تظل عملية التفكيك متواصلة عبر مراجعة مستمرة وتطوير لتجربة لجنة ازالة التمكين كما جاء في المبادرة، فلا شك أن تلك التجربة افرزت إيجابيات وسلبيات بالوقوف عليها يمكن تطويرها وصولا للوضع الأمثل.

أخيراً، فإنه ومهما سيكون من أمر هذه المبادرة، فهي تعد رمية وطنية صائبة تحمد للسيد رئيس الوزراء. ستخلق زخما وحوارا داخل مختلف الكيانات وحوارا مجتمعيا يرسخ الوعي وينشط اذهاننا ويلفت النظر الى أهمية جمع الصف الوطني، وينقلنا جميعا من دائرة التلقي والنقد الي مواقع الفعل وتحمل المسؤولية الوطنية. وبالله التوفيق.

عبد القادر محمد أحمد
المحامي .

‫7 تعليقات

  1. شكرا مولانا في هذه المرحلة الحرجة يحب دعم حكومة الثورة ضد اجرام الفلول بعد ذلك نرجع لمعالجة الأخطاء وتقويم الاعوجاج

  2. تحياتي السيد عبد القادر .. قراءتك للموقف السياسي منطقيه و علميه و محايده و تتسم بالعداله في النقد و التحليل .. لماذا لا يجتهد الناس في إيصال مثل هذا الطرح الموضوعي للسيد رئيس الوزراء شخصياً و عقد ندوات و برامج تحاور إعلاميه و مُعلنه يملكنا عبرها الأخ حمدوك رده و وجهة نظره و إن كان يتفق أو يختلف و ماذا يمكنه فعله في كلا الحالتين .. بذلك يتم تنوير الجماهير أصحاب الشأن و يجد الدعم المطلوب من القطاعات المختصه لتنفيذ ما يمكن تنفيذه ..

    1. الله يكتر من امثالك من العقلاء فصوت العقل انخفض عند ساستنا حتى كان ان يتلاشى نوره. و علا صوت التعصب و الجهلاء

  3. الرجل يعرف لغة الثرثرة من قديم كان نصير للدموي جون قرنق الذي قتل الالاف من اهله في محاكم عسكرية

  4. من علل حكومة حمدوك امثال مولانا عبد القادر محمد أحمد خارج المنظومة العدلية وازيال النظام المباد يبرطعون فيها

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..