ثقافة وآداب، وفنون

مفتتح بديل لرواية أماندا ماران بون

عبدالحميد البرنس

“قَدِمَ الحارس ديريك مولر إلى المكتب في تمام الخامسة مساء”.

على “دفتر يوميات الحارس”، كتبتُ تلك العبارة مقرراً، حتى من قبل وصول ديريك مولر الحارس المُشرِف على المرآب، فجلوسه الوداعيّ ذاك، إلى جواري. كنت أرصد تقدمه “هذا” نحوي من خلال شاشات المراقبة المثبّتة هناك، إلى الحائط قبالتي. لا أدري إن كانت قراءة مثل هذا التقرير من الأهمية بمكان بالنسبة لرؤسائي، أو حتى بالنسبة لأي إنسان آخر وُلِدَ بعادة تدعى “الفضول”؟ كعادتي تلك، حين سألت يومها ديريك مولر هذا نفسه عن معنى اسمه، فقال إن أصل الاسم Derek في الألمانية يعني: Gifted rule أو.. حاكم موهوب. يرغب الوالدان في منحنا أشياء، يأبى الواقع إلا أن يمنحنا أشياء أخرى، ربما تكون على النقيض. قلت في نفسي لحظتها: “بل اسمك المواطن المحكوم بالهواجس”. تلك إذن هبة الواقع لهذا الحارس. جرت صياغتها هكذا في سريرتي من باب أن الأشياء تسير مراتٍ دون منطق، أو على غير ما أُريد لها في البدء أن تكون. لم أرغب في التقليل أبداً من شأن ديريك. كنت أحاول مناداته فقط باسمٍ يجتذب إليه في نفسي شيئاً من تعاطف، ربما حتى أتقبل أو أتفاعل مع ما ظلّ يحكيه لي هو أحياناً مما يجزم أنّه حدث له في “الصَحْو”. على الأقل مناداته في نفسي باسم “المواطن المحكوم بالهواجس هذا” تكون بمثابة أمر يجنّبني التورّط في الضحك من بعض مزاعمه الأكثر غرابة من نوعها. مزاعم لا يسندها شيءٌ من الواقع، سوى طريقة حكيه الجاد لها. مزاعم كرؤية كائن فضائي، يبدو كما الطيف، له أسنان في موضع من جسده يشبه المؤخرة، “لكنه ليس المؤخرة، يا هاميد”. وهو يحكي مأخوذاً وقتها هكذا من الرعب في حضور أماندا ماران بون “الميتة على نفسها من الضحك”، أخذتُ أدرك أن “هذا الكائن” أقبل خصيصاً من “الفضاء الخارجي”، لتفقد إحدى زوايا المرآب المعتمة وضحَ النهار، “بلا عينين”، دون أن يولي حتى تلك العناية المطلوبة لوجود حارس هناك في الجوار يكاد يتبول في سراويله يدعى “ديريك مولر”. مع أنني سمعت من قبل عن مصطلح “الهلوسة البصرية”، إلا أن ما ظلّ يحدث للحارس ديريك مولر من حين إلى آخر، لا يصعب تصديقه فحسب، بل يحتاج إلى الكثير من المخاطرة بالسمعة لروايته مرة أخرى كشيء حدث بالفعل!

عبدالحميد البرنس <[email protected]>
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..