تجارب الإسلاميون الفاشلة في الحكم.. هل تستفيد منها القوى السياسية ؟

فشل سياسي ذريع منى به الإسلاميون . يمكن معرفة ذلك بالنظر في تجاربهم العجولة لحكم الشعوب العربية .لقد ارادوا أن يحكموا بالإسلام لكن رؤاهم كانت قاصرة في فهم الإسلام نفسه. اتضح ذلك بعدة أمور .
أولا لم يقرأوا التاريخ الإنساني جيدا ولم يدققوا في التاريخ الإسلامي ولم يتمعنوا في تجارب العصر. استولوا على الحكم بالإنقلاب أو بالتزييف أو بالمناورات الخادعة أو التحالفات مع الحاكم المستبد أو سرقة الثورات.وكل هذه بدايات غير كريمة لمن يحمل قيم دين جاء بمكارم الأخلاق.ثم جملوا الديكاتوري بالشوري وعمدا تناسوا ان من غشنا ليس منا .
بدلا من أن يخلصوا النوايا للأعمال الصالحة ويجتهدوا فيه ويحتسبوها تهافتوا على طلب مقابلها الدنيوي وتزاحموا عليه. ثم أخذوا أضعاف ما يحل لهم من مال الناس . اللهم إلا من رحم ربي. وأسرعوا يغرفون من متاع الدنيا على حساب غرس الآخرة.
و المفارقة أنهم يدعون للقيم السامية ويقترفون نقائضها .يرفعون شعار الإسلام و يعملون ضد السلام.وينادون بالصدق ولا يتورعون عن الكذب وتزييف ارادات الشعوب والتزوير.وينادون بالزهد وهم الأبعد عنه .ويرفعون شعارات العدل ويظلمون غيرهم.ويأخذون ما ليس لهم ولا يردوه أو يستعفو أصحاب الحق. أمسوا يحلمون بدولة الحق والفضيلة وأصبحوا أبعد ما يكونوا عنها .
يسرعون لإستعداء المجتمع الدولى ويحرمون شعوبهم من علاقات طيبة بينما يقيمون علاقات مع من يحققون معهم مصالحهم الذاتية فقط أى مصلحة التنظيم والأفراد التجارية.يُحرّمون على الآخرين ما يحللونه على أنفسهم من منح وإعانات ومساعدات.يتباكون على الديمقراطية ويوئدونها حالما يصلون للسلطة .يرفعون شعار الشورى ويمارسون الإستبداد.يتحدثون عن التكافل والتعاون ويقصون الآخرين. حتى انطبق عليهم المثل السوداني (الجمل ما بيشوف عوجة رقبتو).
أيضا من عوامل فشل الإسلاميون إختلال معايير التأهيل للمناصب العامة . فهي بكشوفات التنظيم وليس بالكفاءات والخبرات. ووسائل الجذب للتنظيم المال والأمتيازات وليس الحكمة والموعظة الحسنة .ومن جذبه المال يجذبه مالا اكثر لجهة أخرى أو يغادر لقلته .بعكس من يشدّه المبدأ.
مصادر أموالهم في الغالب ليست مشرفة. بعضها من الربا وبعضها أموال فقراء ومنها أموال طفيلية ضاربت في أقوات الناس ومنها أموال أوقفت لله لكنها استخدمت لأغراض دنيوية. وبعضها من غسيل الأموال.بل حتى من المخدرات كما فعلت طالبان.
كثير من دوافع الإسلاميين لإجتراح الأعمال ارتكزت على تجاربهم الذاتية الفاشلة. من عانى من أمر ما أو موقف خاص في حياته اصبغه على تجربته في الشان العام. وهذا أمر يستحق التدبر فهو يعني أن المتنفذ يرى الأمر ويحكم عليه من واقع تجربته الشخصية لا من واقع الحال أو متطلبات الحكم .هذا بالضرورة يعني عدم جدارته بالموفع كونه لم يتسامح ولم يتجاوز الموقف المعنى. لم يتصالح مع نفسه ومع الآخر .والنتيجة سياسات خاطئة تقوم على الأمزجة الشخصية .تخبطات وعدوات ومرارات بين المسلمين من نفس المذهب والطائفة وأحيانا نفس العائلة و الأسرة. فكيف تتقدم الدولة وقلوب أفراد شعبها متنافرة ؟
رغم كل الإدعاءات بإقامة دولة الإسلام نجد ان قادة الإسلاميين – في غالبهم- يسعون لتحقيق امجاد ذاتية وأهداف شخصية. كما انهم حين يحكموا لا يستصحبون زهد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز رضى الله عنهم بل يتطلعون بإعجاب إلى بذخ حكام بنو أمية. ويتجاوزون شجاعة وحكمة طارق بن زياد وينغمسون في الدعة والنعيم كحكام الأندلس.
معظم اطروحات الإسلاميون السياسية ارتكزت على معاداة الغرب واليهود وأغلب كوادرهم درسوا وعاشوا في اوربا و امريكا. ويتحدثون عن عداوة اليهود الذين يتحكمون في أمريكا بينما وأموالهم وتقنيتهم ودعمهم من امريكا. وحيت ادخلوا الحواسيب في بداية ثمانينات القرن الماضي احتكروها كعادتهم لأنفسهم وكذلك فعلوا بالإغاثات والمعونات والمنح الدراسية والهبات وغيرها.بل ان تعليمهم كان مجان على حساب الشعوب الكادحة. ورغم ذلك لم يستثمراو ذلك لصالح هذه الشعوب بل حققوا كل ما يريدون لأنفسهم فقط بكل أنانية .
قدم إلاسلاميين خدمات جليلة لعدوهم الذي افترضوا انه ليس لديه شاغل سوى محاربتهم. لقد خدموا عدوهم بأكثر مما حلم . اخذوا أموال شعوبهم ووضعوها في خزائن اليهود في أمريكا. لكن الفشل الأكبر هو بتسببهم المباشر في تاخير بلاد المسلمين لصلح الغرب. هكذا يظل الغرب في الطليعة دوما ويظل المسلمون متلقون للتطور والإعانات والمنح والإغاثات و التقنية.
لهذه الأسباب ولغيرها كانت تجارب الإسلاميون في الحكم سيئة. فطالبان في أفغناستان عكست صورة مشوهة للإسلام. والمجاهدون في الصومال يحاربون اكثر حكومة إسلامية في تاريخ الصومال. وفي مصر تدهورت الجماعة حنى وصلت مرحلة قتل الأرياء في شوارع القاهرة و ترصد أفراد الجيش والشرطة. وهو أمر لم تفعله حتى اسرائيل. وحماس تعادي الغالبية العظمى من الشعب المصري بسبب وقوفها مع الإخوان لتحقيق مصالح آنية ضيقة على حساب تاريخ طويل من المساندة الشعب المصري للقضية الفلسطينية . تاريخ حفل بالمواقف المشرفة والشجاعة .وانحاز حزب لله إلى نظام الأسد الذي يقصف شعبه بالطائرات ويرمى على مواطنيه البراميل المتفجرة والسلح الكيماوي. جبهة الإنقاذ الإسلامية في تونس رغم كونها الأكثر إعتدالا إلا أنها تعنتت وأوقفت عجلة البلاد شهورا حتى اجبرها التونسيون على التنازل عن موقفها ومشاركة الآخرين معها في إدارة تونس. وليبيا خلط الإسلاميون أوراقها السياسية.
وللاسف فإن الإسلاميين لايرون التدهور المريع والسريع الذي يجتاحهم.
وتثورالأسئلة المهمة : أليس فيهم رجل رشيد؟ أين الشورى؟ أين التناصح ؟ وقبل كل ذلك أين الوازع الداخلى؟ اين النفس اللوامة؟ .الآن وبعد ان تمرغوا في النعيم الزائل. بقى منه ما بقى وذهب منه ما ذهب ترى ماذا يقول هؤلاء للشعب االمكون من أهلهم وأقاربهم وأابنائهم.ماذا يقولوا لأنفسهم حين يروى انعكاسها في المرآة ؟
لقد أجترحوا بسبب طموحاتهم مشروع ضخم لأسلمة كل العالم ولا يبدو أنهم اخلصوا النية. حفل مشروعهم بالكثير من الأمنيات والقليل من العمل..
لا أحد يلوم الإسلاميبن على أحلامهم في إقامة دولة الحق والفضيل ولكن للشعوب الحق في مساءلتهم عن هدر موارد البلاد ووقتها وطاقاتها لتحقيق مصالحهم الذاتية -الحزبية- أوالشخصية الضيقة.
السؤال المهم هو كيف يوقف الإسلاميون في العالم العربي هذا التدهور المريع والإنحدار السريع؟
أنه أنحدار يجر المنطقة بأكملها إلى التخلف. وكلما انتبهوا لأنفسهم وقرأوا الواقع بتجرد كلما خففوا من تراكمات الأزمة وتجنبوا المزيد من التعقيد. إن لم يسارعوا بفعل ذلك فأنهم يجرون شعوبهم إلي المزيد من التخلف. ويجعلون الأمور صعبة على الأجيال القادمة.
اصبحت مهمة الإسلاميون الجدد صعبة جدا. أولا تصحيح أوضاعهم الداخلية بنوايا صادقة لإصلاح الجماعة. ليس بغية تحقيق مكاسب شخصية في قيادة أو مال أو جاه أو أمجاد شخصية. ثم إستعادة ثقة عامة الناس وهي ثقة فقدوها بالمحاباة و الإقصاء ووسائل غير كريمة. ثم يتفرغوا للهدف الأسمى وهو إزالة التشوهات والبقع التي تركها الإسلاميون- للأسف- في ثوب الأسلام الناصع. وهو أمر يبو عسيرا لكنه غير مستحيل. قوامه النوايا الصادقة والعدل والزهد وتقديم القدوة الحسنة عمليا. هذا أمر فيه خير كثير .فهو نصرة للإسلام وزهد في المقابل الدنيوي وإحتساب للأجر عن رب الإسلام. ومن أحسن من الله أجرا ؟
وعليهم وعلى غيرهم من القوى السياسية الأخرى.الإستفادة من هذه الدروس التي تعلموها بثمن باهظ.
على القادمون وضع خطط معقولة .ألا يشتطوا في طموحاتهم. ان يرضوا بسيادة القانون .أن يتحروا العدالة في توزيع السلطة والثروة .أن يبحثوا عن نقاط الإلتقاء. يتفقوا على حدود أدنى على نقاط الخلاف. ان يلتف الجميع على خطاب قومي. وألا يصنعوا عدوا وهميا فقد يتحول إلى حقيقي .
حينها يمكن القول ان شعوب الوطن العربي يعرفون كيف يحكمون أنفسهم .وانهم يعرفون مصلحتهم .إن طموحاتهم قابلة التحقق وإن رفاهية الشعوب ممكنة بالنوايا الصادقة و العزيمة والعمل والمثابرة.
والله المستعان

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الشكر للأخ منير على مقاله، إلا أنه مليء بالأخطاء النحويةاعتباراً من العنوان وهذا شيء مخجل بحق

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..