مقالات متنوعة

بين البحتري وعبد المنعم والمصطفى أم در تتنبأ بالثورة وتعود ابتسامتها

الفاتح احمد

أمدرمان ليست مختزلة في المدينة العاصمة الوطنية فقط وإنما هي كما كانت دائما ترمز إلى بوتقة الإنصهار التي استوعبت كل الثقافات والسحنات والملل  في وعاء واحد وانبثق من ذلك مزيج فريد من الجمال والجلال والإشراق فازدهرت كل أنواع الفنون حين سادت البلاد روح التفاؤل والثقة بالنفس .. ولكن تأبى المردة من شياطين الإنس إلا أن توقف مهرجانات الجمال لتنفث سموم البؤس وتنشر ظلامات الجهل والدمار ..

لا شك في أنه مرت على امدرمان سنوات عجاف ولكن سرعان ما ..

بدأت بالتلاشي والإنزواء تحت ضربات سواعد وعزيمة شباب الثورة ..    تتبعها بالتأكيد سنوات سمان من البناء والازدهار وهي تستقبل الآن تباشير السلام والحرية والعدالة ..

وهكذا تألمت أم درمان وعانى مبدعوها أثناء سنوات الجدب الفني .. ولكن فيما يشبه التنبؤ بالثورة كانت المدينة الصابرة المصابرة تضع ثقتها في فتاها وفتياتها لفك أسرها لتنطلق مرة أخرى تؤدي دورها الوطني الإبداعي .. كيف لا وهي التي تغنى بها عباقرة الفن من الخليل وأبو صلاح وعبد الرحمن الريح وعبيد وعتيق حتى شاعر الشعب محجوب شريف ومما يضيق المجال لذكرهم ..

الإبداع الإنساني منبعه الشعور وظل الإحساس بالألم والحزن والسعادة والفرح واحدا بين الامم والشعوب لا يتغير بتغير الزمان والمكان .. وهكذا نهض أحد أبناء المدينة الذي شب وترعرع بين حواريها ليكتب قصيدة كأنما أوحيت له فجاء ختامها كما سينية البحتري معلنا أن أمدرمان مهما تألمت ستبتسم وتخرج للملأ في ثوب العرس ..

.. إنه الشاعر المطبوع عبد المنعم عبد الحى وتغنى بها العميد أحمد المصطفى فتناقلتها الالسن وسار بها الركبان :

 

أنا أم درمان مضى أمسي بنحسي

غداً وفتاي يحطم قيد حبسي

وأخرج للملأ في ثوب عرسي

وابسم بعدما قد طال عبسي

وأعلن والفضاء يعلن همسي

وأهتف والورى يعرف حسي

فيا سودان إذا ما النفس هانت

أقدم للفداء روحي ونفسي

 

د. الفاتح ابراهيم

<[email protected]

واشنطن

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..