مقالات وآراء سياسية

فى إنتظار قرار الدكتور عبدالله آدم حمدوك

سعيد أبو كمبال

 

يعرف القارئ الكريم أن دعم إستهلاك القمح والبنزين والجازولين المعمول به اليوم فى السودن يقوم على بيعها للمستهلكين بأسعار تقل كثيراً عن الأسعار التى كانت ستباع بها بدون الدعم وتتحمل الخزينة العامة أو جيب المواطن السودانى الفرق بين السعرين.  ويقول من يطالبون بإصلاح وترشيد  سياسةالدعم بتحويل الدعم من الإستهلاك إلى الإستثمار لأزالة خوانق إنتاج السلع والخدمات مثل خوانق النقل والتخزين والكهرباء والنقص الحاد فى العقول والأيدى الماهرة الخ والصرف على خدمات التعليم والعلاج التى تشهد شبه إنهيار كامل؛ يقولون إن الدعم الذى أتى به حكم الإنقاذ فى 1993وتعمل به اليوم حكومة ثورة ديسمبر2018 فى إنصياع كامل لرغبة الحزب الشيوعى السودانى وحزب البعث العربى الإشتراكى يمثل أبشع أنواع الفساد والظلم والضلال فى إدارة الدولة السودانية.

فساد وظلم وضلال وإهدار للمال العام:

الدعم رشوة سياسية مكشوفة القصد منها إسترضاء سكان المدن وخاصة سكان العاصمة أصحاب العضلات لكى ينعم الحكام بالجلوس المريح على الكراسى. والدعم ظلم صريح. لأن الذى لا يستهلك السلعة أو الخدمة المدعومة لا يستفيد من الدعم وتلك هى حالة أغلبية سكان الأرياف السودانية .والذين يستهلكون يتفاوتون فى الفائدة لأن ألذى يستهلك كمية كبيرة أو أكبر من الشخص الآخر يستفيد أكثر من الدعم.وفى سودان اليوم يستفيد من الدعم مافيا تهريب السلع المدعومة وسكان المدن وخاصة الخرطوم الذين يملكون المال لإستهلاك  كميات كبيرة وهم مياسير الحال؛ الأغنياء وأفراد الطبقة الوسطى.والذى يستفيد أكبر من دعم البنزين والجازولين هم الذين يملكون سيارات خاصة ويستهلكون الكهرباء ويستخدمون المكيفات.والطبقة الستفيدة فائدة كبيرة من الدعم تشكل نسبة ضئيلة جداً من مجموع سكان السودان ( قد لا تزيد عن 10%) .وهؤلاءهم الذين يستفيدون من مليارات الجنيهات التى تنفق فى الدعم  ويحرم الفقراء من التعليم المجانى والعلاج المجانى وفرص العمل المنتج وزيادة الدخول التى يخلقها إنفاق المال فى الإستثمار بدل إهداره فى دعم الإستهلاك وفوق ذلك يكتوى أصحاب الدخول المنخفضة والثابتة  بنار الغلاء عندما تضطر الحكومة إلى طباعة وإصدار الجنيهات السودانية لتغطية عجز الموازنة ( كان معدل التضخم (18)% فى 2016 و (32)% فى 2017 و(73)% فى 2018 و (54)% فى 2019. ) وقد وصل معدل التضخم إل حوالى (167)% فى السنة من بداية سبتمبر 2019  إلى نهاية أغسطس 2020. ودعم الإستهلاك ضلال وغى فظيع لأنه.يشجع الزيادة وربما الإفراط  فى إستهلاك السلعة المدعومة بدل ترشيد الإستهلاك ويشجع التحول من إستهلاك السلع غير المدعومة مثل الدخن والذرة إلى إستهلاك السلعة المدعومة وهى رغيف القمح و يشجع التهريب إلى الدول المجاورة .والدعم إهدار للمال العام  يصعب على أى شخص راشد تصديقه. مثلاً فى العام 2016كان الصرف على التنمية (6.5)مليار جنيه سودانى وكان الدعم فى نفس العام (9)مليار جنيه.وفى العام 2017 التنمية (5)مليار جنيه فقط والدعم (13) مليار جنيه وفى العام 2018 كان الصرف على التنمية (7)مليار جنيه والدعم (64)مليار جنيه.وحسب مشروع موازنة قوى الحرية والتغيير التى يصر بعضها على الإبقاء على الدعم يتوقع أن يكون الصرف على التنمية فى 2020  مبلغ (44)مليار جنيه والدعم (265)مليار جنيه أى يساوى الدعم (6)أضعاف الصرف على التنمية وبلادنا تعانى من إنهيار شبه كامل للبنيات التحتية. فهل هناك ضلال فى كل هذه الدنيا أكثر من هذا؟

فى إنتظار قرار رئيس مجلس الوزراء :

قلت فى مقالى بعنوان : (خيارات الدكتور عبدالله آدم حمدوك) أن حكومته لم تقم  بوضع برنامج إقتصادى رشيد ومتماسك لإصلاح السياسات اللتى ورثتها من حكم (الإنقاذ) وخاصة السياسة المالية(القوانين والسياسات والتدابير التى تتعلق بمصادر إيرادات الحكومة وحجمها وأوجه إنفاقها) و السياسة النقودية والمصرفية ؛ لإيقاف التدهور الٌإقتصادى كما تطالبها بذلك الوثيقة الدستورية .بل  تمسكت حكومة الدكتور حمدوك بنفس السياسات بسبب إنصياعها الكامل لرغبة بعض مكونات حاضنها السياسى الأمر الذى أدى إلى المزيد من التدهور بدل إيقافه .وإذا ما إختار رئيس مجلس الوزراء مواصلة السير فى نفس الطريق لن يختلف مصير حكومته عن المصير الذى إنتهت إليه حكومة البشير ولكن كيف؟ الله وحده يعلم ذلك.

والخيار الثانى أمام الدكتور عبدالله آدم حمدوك رئيس مجلس الوزراء هو أن ينجو بجلده ويترك لقوى إعلان الحرية والتغيير؛ يترك لها جملها بما حمل ولا يتحمل وزر إجهاض تطلعات وأحلام أغلبية الشعب السودانى وخاصة ثوار ديسمبر2018 .

والخيار الثالث هو أن ينتقل الدكتور حمدوك من المقعد الخلفى ويمسك دولاب القيادة بكلتا يديه ويتصرف بحزم وحسم ويصدروينفذ القرارات الشجاعة والجريئة التى تخاطب هموم وشواغل وتطلعات السودانيين  مثل إصلاح وترشيد الدعم. والطريق الذى سوف يختاره حمدوك يعتمد على تقديراته الشخصية وإستعداده الفطرى ونرجو من الله أن يهديه إلى ما فيه مصلحته الشخصية ومصلحة الشعب السودانى.

وما زلنا فى إنتظار قرار رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالله آدم حمدوك.

 

سعيد أبو كمبال

[email protected]

‫3 تعليقات

  1. الا يوجد طريق بين رفع الدعم كاملا والإبقاء عليه كما هو…يسمح لنا بالمضى قدما…للاسف ضاعت فرصة المؤتمر الاقتصادى فى البحث عن هذا التوافق الممكن بسبب التمسك بوجهتين النظر (مع ملاحظة أن عراب رفع الدعم كاملا وزير المالية السابق..ارتكب مصيبة بزيادة مهولة فى مرتبات القطاع الحكومى…)…مع تحياتى

  2. فعلا رفع الدعم واجب وقد وصلنا مرحلة العلاج بالكي ولتخفيف الأثار على فقراء المدينة من المهم تفعيل التعاونيات لتأمين ستة أو سبعة سلع جوهرية عبرها مثل السكر والزيت والدقيق وبودرة الحليب والأرز والعدس إضافة إلى تقوية وتطوير ودعم شركة المواصلات العامة المملوكة للدولة وباقي المهدر في الدعم يذهب للتنمية والتعليم والعلاج ..

  3. إضافة إلى ما أوردناه من رفع الدعم وتنشيط التعاونيات وتفعيل شركة المواصلات العامة ، فإن الدعم المتقاطع للكهرباء والوقود يمكن أن يوزن المعادلة بعض الشيء بحيث تدعم شريحة الاستهلاك الكهربائي أقل من مائتي كيلواواط في الشهر برفع أسعار الشرائح الأخرى تصاعدياً حتى تحقيق أرباح من شرائح الإستهلاك الأعلى تدعم به الشريحة الدنيا والوحدات الإنتاجية من مصانع ومزارع إضافة لتحديث الشبكة ونفس الشيء مع الوقود بحيث يمكن صرف حصص محدودة بالبطاقات للموظفين إضافة لحصص سيارات الأجرة بأسعار متوسطة وإستعادة الفرق من الحصة التجارية التي تباع للطبقات التي تستهلك كميات أكبر عن طريق سيارات الدفع الرباعي والمحركات الكبيرة .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..