
هناك محاولات حثيثة تجري الآن القصد من ورائها خلط الأوراق في قضيتين.
القضية الأولى العلاقة مع أمريكا و رفع اسم السودان من قائمة الدول التي ترعى الإرهاب و القضية الثانية التطبيع مع إسرائيل. و ننوه هنا إلى أنه قد سبق التأكيد من رئيس الوزراء بأنه لا علاقة بين القضيتين وزاد على ذلك تأكيد آخر لوزير العدل في تصريح للصحافة صباح اليوم.
إذن فلنأخذ كل قضية لوحدها لنرى ما إذا كانت محاولات الخلط بين القضيتين مقصودة في ذاتها للتمويه و الخداع لتمرير شيئ آخر في نفوس اليعاقبة.
فيما يختص بالقضية الأولى العلاقة مع أمريكا و رفع اسم السودان عن قائمة الدول التي ترعى الإرهاب نلاحظ أنه لا يوجد خلاف حولها كونها قضية ذات أولوية قصوى و ثمنت الجهود التي بذلتها الحكومة لحلها. فبعد أن سدد السودان مبلغ الغرامة كاملا فالملف قد أغلق بصدور و تنفيذ الحكم القضائي و لا حجة أخرى للحكومة الأمريكية على السودان فيما يختص بهذه القضية. إن رفع اسم السودان من قائمة الدول التي ترعى الإرهاب ليس عطفا أو منة جادت بها الحكومة الأمريكية بل قد دفع ثمنها السودانييون عدا نقدا و لا توجد قضية بعد تنفيذ الحكم. و هنا نقول نقطة سطر جديد.
فيما يتخض بالقضية الثانية التطبيع مع دولة أخرى فهو عمل طوعي إختياري تقوم به الدول المعنية إن أرادت ذلك و لا يصلح أن يقوم به طرف واحد دون رغبة و رضاء الطرف الآخر. إذن هو إتفاق المرجو منه تحقيق الغاية من ورائه للطرفين و ذلك عن رضى تام و إختيار عن قناعة.
و لكن في حال إسرائيل هل تم الإتفاق على التطبيع عن إختيار و قناعة فعلا من الطرفين أم هناك من الضغوط الكثير التي أجبرت أحد الأطراف أن يأتي لطاولة التفاوض مذعنا؟ الجواب هو أن هناك ضغوطا واضحة لا شك فيها بل و معلنة. من المثير للإهتمام أن يوجد بعض من الناس لا يكاد يرى الضغوط التي مورست على الطرف السوداني و أنهم يرون أن المفاوضات قد جرت بمحض الإرادة دون تأثير على إستقلالية القرار السوداني! و هنا يتبادر السؤال لماذا ذهب متخفيا رئيس المجلس السيادي السوداني للقاء نتنياهو في يوغندا و أخفى ذلك و لم يعترف به إلا بعد أن أعلنه الإعلام الإسرائيلي؟ و هناك الكثير من الشواهد التي تؤكد على ما ذهبنا إليه في وجود ضغوط كثيرة قد مورست على السودان للقبول بشروط لم يكشف عنها كلها حتى الآن. إذن هناك شيئ يراد إخفاؤه عن الشعب. غني عن القول إنه قد أصبح من المعلوم بأنه قد تمت عدة زيارات سرية تحدثت عنها الصحافة الإسرائيلية و أن المفاوضات بين الطرفين قد إستمرت لأكثر من عام.
لقد أضطر البرهان أن يعلن – حين أعلن – أن أمر التطبيع شأن يخص القوات المسلحة و لم يعترض على قوله ذاك حمدوك و إكتفى بالسكوت. حمدوك أيضا أضطر ليعلن بأن حكومته غير مفوضة للدخول في التطبيع مع إسرائيل. كان ذلك محاولة منه لإمتصاص ما قد يثيره إعلان قرار التطبيع من غير الرجوع للمؤسسات الدستورية من غضب في الشارع السوداني. لقد صدق الشارع السوداني حديث رئيس الوزراء ليتبين له فيما بعد عدم صدق الحديث. السيد وزير العدل أيضا لم تفته المناسبة حيث أدلى بتصريح للصحافة قال فيه أنه لم يكن هناك إرتباط بين مساري قضية رفع اسم السودان من قائمة الدول التي ترعى الإرهاب و التطبيع مع إسرائيل و أن الأمر كله كان مصادفة حين قرن الرئيس الأمريكي بينهما في مؤتمره التلفزيوني الذي ضم إلى جانب الرئيس الأمريكى كلا من البرهان و حمدوك و نتنياهو. لقد عزا السيد وزير العدل ظهور الإعلانين متزامنين إلى التأخر في تسليم المبلغ من جانب الحكومة السودانية مما جعل الأمر يبدو و كأنه تلازم بين المسارين. إنه لمن السهل على المتابعين تبين أن وزير العدل هو الآخر قد خاض في الكذب و ما كان ينبغي له أن يفعل ذلك و هو وزير العدل و ينظر له الكثيرون بوصفه ممثلا لشباب الثورة الذي لا يكذب أهله. كذلك دخل على الخط مجلس الوزراء ببيانه الأخير الذي لا يختلف عن سابقيه. لقد بدأت تكتمل الحلقة بإنضمام أعضاء مجلسي السيادة و الوزراء للدفاع عن باطل أشاعته دول أخرى بإستثناء أؤلئك الذين أصدروا بيانات توضح مواقفهم الشخصية.
لقد باتت محاولات إخفاء الحقائق ظاهرة تقتضي الوقوف عندها لدلالتها على أن هناك أمورا و مشاريعا تجري لا يراد لها أن تظهر للعلن. و لذلك تجري محاولات التمويه على الشعب عن طريق الخلط المتعمد الذي تحاول جهات عدة تسويقه. إن كانت القضية التي يجري تمويهها هي التطبيع و ليس غيره فما الذي تحاول أن تخفيه حكومتنا الرشيدة عن شعبها؟ و هل هذا التطبيع في حقيقته مطلب إماراتي سعودي تقف وراءه دولة الإمارات و السعودية؟ سنتوقف عن الإستغراب إذا علمنا أن التطبيع الإماراتي مع إسرائيل كان صفقة تجارية كما أعلن الإعلام الإسرائيلي. و بناء عليه سوف لن تكتمل هذه الصفقة التجارية إلا بهدية القرن التطبيع السوداني. لقد أعلن الإعلام الإسرائيلي بكل وضوح أن إسرائيل لا يهمها التطبيع مع الشعوب التي لا أهمية لها في المنطقة و لكن يهما التطبيع مع الحكومات. و هو عين ما يجري الآن مع السودان.
إن المشروع الإماراتي السعودي الإسرائيلي (و مصر من وراء حجاب) تجري حيثياته على أرض السودان تحت الرعاية الأمريكية. لقد أدرك أصحاب المشروع بأنه سوف لن يكتب له النجاح في ظل وجود نظام وطني ديمقراطي تعددي مدني حقيقي في السودان. و لذلك فقد جرى “سيسية” الحكم في السودان منذ البداية أو هكذا يظن أعداء الحرية السلام العدالة و الحكم الرشيد. إن قدر لهذا المشروع الثلاثي النجاح فستكون الثورة السودانية هي أولى ضحايا هذا التطبيع الإسرائيلي الإماراتي السعودي طالما أتى في غياب و تغييب للمؤسسات الرقابية الوطنية. لقد جرى رسميا تعميد قادة السودان الجدد للعقود القادمة. إنهم قادة عسكرييون و جنجويد مطعمون بشيئ من المدنيين قليل لزوم الديكور و الإخراج.
الوصول للجائزة يقتضي تجهيز المسرح بالأدولات اللازمة. فقد جرى تجويع السودانيين و تضييق معيشتهم حتى جأروا بالشكوى ثم استسلموا تحت الضغط للأمر الواقع. ترى النساء، الرجال و الأطفال واقفين في اصفوف و من فاز منهم بكسرة خبز أو جالون بنزين يفرح و كأنما قد حيزت له الدنيا بحذافيرها. لقد نجح أصحاب المسروع في إعادة الشعب إلى الفرح الطفولي. إنه تطبيق مباشر للمثل القائل: جوع كلبك يتبعك. فهل يا ترى سيتبع الشعب السوداني أم سيكون له رأي فصل آخر؟
قد نرى بعض إنفراج في الأيام القليلة القادمة و ذلك لزوم بلع الطعم. فمن غير الممكن الصيد بدون طعم. لقد بدأ “الشيكل” و المساعدات تسري في أوصال الشعب منذ الآن و شرطها الإبقاء على الضحية دوما في الأسر.
لمن يعدون الشعب بمن و سلوى التطبيع نقول لا نستطيع أن نصدقكم و نكذب وقائع التاريخ و ندعوهم إلى أن يتماسكوا قليلا لأنه ليس من الحكمة الظن بأن الخير يأتي من خارجنا. فنحن و ليس غيرنا من يفرض وجوده بين الآخرين بجدارته و بإقتداره و علينا أن نتذكر بأن هناك أزمة موارد عالمية و بلادنا تذخر بالكثير منها فلم نستهين بمواردنا و قدراتنا؟
ملحوظة:
السيسية بفتح السين الأولى و الثانية و تسكين الياء الأولى و فتح الثانية. صفة من السيسي الأنموذج المصري المعروف.
التجاني محمد صالح
[email protected]
يا سيد نحن مع التطبيع سواء جاء بارادتنا او بارادت قوي دوليه يا عمي نحنا قادرين علي اسرائل دي كل القادرين عليهو نتلقي ضربات منها ونحنا ساكتين ولا نتكلم الا بعد ان يتكلم المعتدي شالوم عليكم
# تحليل عميق ودقيق…يصف الداء السياسي السوداني بكل علاته، ويستبين خطط الأعداء لاختطاف الوطن..وتجير موارده لمصالحهم!!!
# والملاحظة الجيدة تبين خبث الخطة ذات الأضلاع الثلاثة (١-المخطط…٢-المنفذ …٣-المستفيد)…ولكل منهم دور محدد يظهر كأنه دور منفرد ليس علاقة ببقية أدوار الأضلاع الاخري!!! وهنا تكمن الخدعة التي انطلقت علي الجميع!!!
# المخطط الكبير…اوهم الطراطير..بان الرفع من القائمة يتطب تنفيذ بعض الشروط…وسعي الطراطير بجد لتنفيذ الشروط بالاستعانة ب(المستفيد) الذي رسم الفخ جيدا لل(المنفذ)..من خلال اتفاق السلام المزعوم..وعملية التطبيع!!!
# المنفذ الطرطور..بلع الطعم ..وقام بتنفيذ الشروط…بنوع من الخبث والدهاء..والغتغتة لايهام الضحية(الشعب) بأن كل ما فعله كان لصالحه..وسوف يحدث الانفراج الكبير (طبعا من خلال شحنات الطحين..وبواخر الوقود المحجوز بالامر)…لتبتهج الضحية لهذا الانتصار والكبير…ليتم تجيره للطعم الكبير (حكم العسكر)!!!
# المستفيد الخطير….يسير المشهد حسب الأدوار….ونتائح الأفعال علي أرض الواقع..حتي يتم ترويض الضحية جيدا..ومن ثم تغيبها..للاجهاز النهائي عليها!!! وهكذا تؤاد الثورات..وتستنزف الشعوب!!!
# اصحي يا ترس…لم تسقط بعد..اليقظة…اليقظة..اليقظة من بني جلدتكم …غواصات المنفذين!!!