أخبار السودان

اختطاف الصحافيين……. من (محمد مكي) إلى (جادين)..!!

توقفت سيارة (تاتشر) خضراء مساء الخميس، أمام الصحافي محمد جادين الذي يقف بالقرب من وزارة الخارجية منتظراً وسيلة للمواصلات ، حيث تعرض بعدها لعملية اختطاف وضرب ونهب مسلح من قبل أفراد يرتدون ملابس عسكرية “كاكي” وروى جادين سيناريو الخطف حيث قال إنهم طلبوا منه أن يركب معهم لتوصيله في طريقهم ثم انطلقت العربة بسرعة كبيرة جداً ثم سرعان ما قاموا بضربه، وفي الطريق توقفوا لشاب آخر عرضوا عليه توصيله وقال حاولت ان أحذره من الصعود للعربة ولكنه صعد إليها حيث واصلت العربة سرعتها الجنونية حتى وصلت منطقة الغابة وقاموا بنهب هواتفهما النقالة الذكية الباهظة الثمن إضافة إلى مبلغ من المال حوالي ثلاثة آلاف جنيه ، وعلقت صحيفة ( الصيحة) التي يعمل فيها المحرر جادين على النبأ بقولها (لا شيء يبقى عندما ينفرط عقد الأمن، تسود الفوضى ويتسيد الخوف الأمكنة، فما عادت الخرطوم عاصمة آمنة كما عهدها، بل وصل التردي المريع أن تحدث حوادث النهب والسلب في قلب العاصمة، لا بل على بعد أمتار من القصر الجمهوري “المجلس السيادي” وبسيارات عسكرية بدون لوحات عليها أفراد يرتدون ملابس عسكرية تشابه لا بل تطابق التي ترتديها القوات المسلحة “الجيش”، فماذا تبقى بعد ذلك وإلى أين تمضي؟ وحتى إذا تأكد أن هؤلاء ينتحلون صفة القوات النظامية فكيف تصل الجرأة أن يتم اختطاف مواطنين من أمام وزارة الخارجية مباشرة وعلى بُعد أمتار من رمز سيادة البلاد “القصر”، ومن المسؤول عن تحرك عربات عسكرية “بدون لوحات” في مثل هذه الأماكن الحساسة؟، وكيف يتم السماح لعربات بدون لوحات بأن تُمشط الخرطوم طولاً وعرضاً قبيل منتصف الليل حتى؟!

نهب أم بعد سياسي للحدث؟
بالرغم من أن الحدث يبدو في تفاصيله الظاهرية نهب هواتف وأموال من الضحايا لكن من غير المستبعد أن للحدث ظلالاً سياسية، فالصحفي جادين من الناشطين الشباب إبان اعتصام القيادة العامة وظل مداوماً للحضور هناك بعد انتهاء دوامه بالعمل وناشطا في نقل الأخبار الثورية آنذاك ، وربما كان حمل الشاب الآخر في العربة تم بغرض التموية بأن الحدث مجرد نهب عادي .باعتبار أن عملية نهب بسيارة عسكرية وفي شارع عام مكتظ بحركة المرور مثل شارع الجامعة يبدو أمرا محيرا ويثير العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام الحائرة . وربما جهة ما عمدت على أن تكون السيارة وكأنها تابعة للقوات المسلحة من حيث اللون وماركة العربة التاتشر .

الإستخبارات العسكرية هل تفك اللغز ؟
بحسب سودان برس كشف مصدر عسكري عن بدء التحقيق حول الحادث الذي تعرض له الصحافي محمد جادين من قبل الاستخبارات العسكرية، مؤكدة أنها ستقوم بفحص الكاميرات في الطريق ولن يهدأ لها بال حتى يتم تقديم الجناة إلى العدالة.

اختطاف وقتل
بالطبع إن خطف الصحافيين وتعرضهم للتعذيب أو القتل ليس أمراً جديداً في السودان عبر الحقب المختلفة في عهد الرئيس السابق جعفر نميري ففي ديسمبر 1969 أي بعد سبعة أشهر من الانقلاب العسكري توقفت سيارة أمام مقهى في شارع الحمراء الشهير في مدينة بيروت هبط منها مسلحون فلسطينيون وقاموا بإجبار الصحافي السوداني محمد مكي في ديسمبر 1969 وعبروا به إلى الحدود السورية ثم إلى عدن وأخيراً إلى السودان سراً وكان الصحافي مكي ناشطاً مع المعارضة لنظام انقلاب مايو 1969 الذي يتزعمه الراحل الشريف الهندي .

ويقال إن الصحافي مكي تم اغتياله في إحدى المزارع بالخرطوم بعد أن تم تعذيبه ومن ثم تم تذويب جثته وظل حادثة إغتياله لغزاً لم تفك طلاسمه في خضم عدة روايات عن الحادث ، وكان مدير الأمن الخارجي في عهد مايو اللواء عثمان السيد أن من مجموعة بالقصر كانت وراء عملية تصفية الصحافي مكي بتصفية بعد اختطافه من بيروت.

وقال في برنامج تلفزيوني يقدمة الصحافي ضياء الدين بلال إنه بعد ان عكف على ملفات العمليات بالجهاز لم يجد أثراً لعملية الاغتيال، ورجح أن العملية تمت تحت إشراف مسؤول بالقصر له علاقات بالحركات الفلسطينية التي نفذت عملية التصفية ، بيد أن هناك رواية أخرى رواها عثمان خالد في برنامج ( أسماء في حياتنا) حيث قال إن الصحافي مكي محمد بعد ان تعرض للتعذيب والقهر مات في سجن دبك .

لكن تبقى الحقيقة الثابتة أن الصحافي مكي قد تم اغتياله بسبب نشاطه السياسي من قبل نظام قابض قدم الكثير من معارضي الرأي للمشانق أو غياهب المعتقلات والسجون .

خطف واغتيال محمد طه
وفي الخامس من سبتمبر 2006 اختطفت مجموعة من الأفراد الصحافي المعروف محمد طه محمد أحمد قبل سنوات ثم قامت باغتياله ووقتها روى نجل الراحل لصحيفة ( أخبار اليوم) قصة اقتياد الجناة لوالده من منزله ليلاً حيث قال (إن والده حضر مبكراً للمنزل مساء أمس عند الساعة التاسعة مساء أمس الأول وأنهم عندما خلدوا للنوم سمعوا طرقا بالباب وأضاف بأن والده قال مستفسراً : من الطارق؟ وعندما لم يجب الشخص قام بفتح الباب ..

وأضاف «رماح محمد طه» إنه خرج لاستطلاع الأمر ووجد والده وقد اختطف بعربة «كورلا أو كرونا» مظللة قديمة وأنه عندما خرج من المنزل كانت قد ابتعدت العربة بحوالي خمسة أمتار فقط ولم يستطع اللحاق بها، وحاول أن يركب عربة «أمجاد» إلا أنه لم يستطع أن يتتبع العربة الخاطفة ) وتجدر الإشارة الى أن الصحافي محمد طه بالرغم من انه كان عضواً في الحركة الإسلامية ومن المنافحين عنها عبر الصحافة ومنابر المساجد إبان الفترة الانتقالية التي أعقبت انقلاب مايو ثم الحكومة الحزبية بزعامة الصادق المهدي ، وحتى في فترة الانقاذ كان كتاباته تنقد بعض سياسات الحكومة كما صوب نقده للشيخ الترابي .

أخيراً
يبقى خطف ونهب الصحافي محمد جادين قضية تستحق الوقوف ومن المتوقع أن تولي لجنة تسيير الصحافيين وشبكة الصحافيين هذا الملف العناية الفائقة لما للحدث من أهمية تتعلق بأمن المواطن عامة والسلامة الاجتماعية في وطن مازال يعاني من الجراح ومهددات القوى الظلامية .
الانتباهة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..