مقالات وآراء

هل كانت مسرحيّة؟؟

علي يس

(1)
• قال (بَيْدَبا الإفريقي):
• في غابةٍ أفريقيَّة غنيَّة ، مضى “شيخُ الحمير” إلى الملك شاكياً .. قال :
– مولاي، لقد أفسد صراعُ الأفيالِ في غابتنا هذه الحشائش و أهلكها ، و الحشائش كما تعلم سيدي الأسد هي طعامنا الذي إن فقدناهُ مُتنا جوعاً، لقد أرسلتني إليك أمّة الحمير حتى تجد لنا حلا عاجلاً قبل أن يهلكنا الجوع ..
• تأمّل الأسد كلام الحمار قليلاً ، ثم قال ، و قد استشعر مسؤوليته، كحاكم للغابة ، عن راحة سكّانها و رفاهيتهم ، ناهيك عن طعامهم الضروري:
– سآمُر أشبالي الآن كي يصطادُوا لكم عدداً من الغزلان لتأكلوها ، ثم ننظُر في حلٍّ جذريٍّ لمشكلتكم..
• قال الحمار :
– تعلمون يا مولاي، أنّنا معشر الحمير لا نأكل اللحوم ..
– إذاً ، سآمُر كل الحيوانات غداً بأن تحرث الأرض المجاورة للغابة ، ثم تزرع لكم “برسيماً” ..
• رجَع الحمار إلى قومه، فخاطبهم بمسكنةٍ قائلاً :
– وعد جلالة الملك بأن يزرع لنا برسيماً ..
• تساءلت الحمير في حيرة ما إذا كان هذا حلَّاً؟ هل سيبقون أحياء حتى ينبت البرسيم؟؟
• قال لهم شيخ الحمير، بوقار و تسامُح :
– جلالة الملك لا يملك حلَّاً غير هذا ، و هو ، كما ترون ، حلٌّ “استراتيجي” و لكنّه غير مُجدٍ في حالتنا .. أنصحكم بالرحيل فوراً عن هذه الغابة ، و البحث عن غابةٍ ليس فيها أفيالٌ تتصارع .. فلن نستطيع العيش حتى ينبت برسيم الملك..
• وافقت جميع الحمير على الرحيل ، إلاّ حماراً واحداً ، قال إنّه سيبقى في الغابة ، و سينتظر البرسيم حتّى ينبت..
• قال “بيدبا”:
– حدّثني من لا أشك في صدقه ، أنّ الحمار الذي فضَّل احتمال الجوع حتّى ينبت البرسيم كان حماراً سودانيّاً .. والله أعلم.

(2)
• و لكن السيد رئيس الوزراء و حكومته، هُم بلا شك أكثر وعياً من (أسد بيدبا الأفريقي) ، بحُكم كونهم بشراً اختصّهم الله بالعقل، ثمّ بحكم كونهم “حكومة” جاءت بإرادة شعبٍ ثائرٍ على ظُلمٍ تطاول، و إذلالٍ تراكم، و يعلمون أنّ واجبهم الأوّل و الأهم ، قبل إصلاح ما أفسده النظام البائد ، و قبل أن يتناولوا القضايا الاستراتيجية ، أن يعالجوا الفجوات المرحليّة التي لا تحتمل تأجيلاً إلى الغد ، و إن بالحدِّ الأدنى الذي يتمثل في توفير (الخبز و الدقيق) و الدواء و المواصلات، و هي أشياء لم تكن منعدمة بالكامل – كحالها الآن – حتّى على عهدِ النظام الفاسد البائد ..
• إن ما يتأكّد لنا يومياً، مع التفاقم المتواصل لحال الضيق الذي يتصاعد بمتوالية هندسيّة، بينما ينشغلُ التنفيذيون بالحديث عن “محاولات إصلاح القوانين” أو “وضع خطة اقتصادية” أو “إصلاح قوانين الاستثمار بعد رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية السوداء” هو أنّ كل هذا “اللغو” الذي يطالعنا به منسوبو الحكومة لا يعني إلا شيئاً واحداً : إفهام هذا الشعب أنّ ثورته على النظام الفاسد الهالك كانت خطأً فادحاً .. للأسف هذا هو ما تقوله لنا حكومة السيد حمدوك بلسان حالها المعوجّ ..
• وقائع كثيرة تؤكِّدُ هذا الانطباع، منها – و في الوقت الذي ينتظرُ فيه الناس أن تعمل الحكومة على اتخاذ إجراءاتٍ صارمة لخفض أسعار السلع الضروريّة ، أو على الأقل تثبيتها و إيقاف تصاعُدها اليومي – إعلانُ الحكومة رفع الدعم عن المحروقات ، الذي من شأنه أن يفاقم تصاعد الأسعار ، أسعار كل شيء، بغير حدود.. إنهُ عملٌ يثلج صدر البشير في سجنه !!..
• و في ذات الوقت الذي ينتظرُ فيه الناس إجراءً ثورياً لتوفير الخبز أو المواصلات أو الدواء ، تعلن وزارة التعليم فتح المدارس فتجد الأسر أنفسها في مواجهةِ همومٍ جديدة ، فأصغر تلميذ يحتاجُ إلى بضع مئات من الجنيهات يومياً “للمواصلات و وجبة الإفطار فقط” ، دع عنك الذين اضطرهم دمار التعليم الحكومي في العهد البائد إلى إلحاق أبنائهم بمدارس خاصة ، كانت رسومها في متناول دخولهم المتواضعة ، فإذا بهم يفاجئون برسوم المدارس الخاصة و قد تضاعفت عدة مرات، ليس بسبب طمع أصحاب المدارس الخاصة و لكن لأن الحكومة وضعت رسوماً فاحشة على المدارس الخاصة ، بدلاً عما كانت تزعمه من “توفيق أوضاع التعليم الخاص”!!..
• الموجع حقَّاً لشعب قدّم الآلاف من فلذات أكباده الذين توشحت الطرقات و الميادين بدمائهم ، أن يُصبح أُضحوكةً و هدفاً لسخرية رموز نظام البشير من القتلة و اللصوص الذين لا يزالون يمشون بين الناس مطمئنين مادِّين ألسنتهم و أقلامهم، ساخرين من شعبٍ استبدل الحقراء بأذيالهم .. لقد أسدت هذه الحكومة للصوص المؤتمر الوطني، و بالمجان ، خدماتٍ كان سيدفع المليارات من أموالنا المنهوبة في سبيل إنجازها..
• سيدي رئيس الوزراء .. من أنتم “بالضبط”؟؟

علي يس
[email protected]
(المواكب)

تعليق واحد

  1. *******منقول بحذافيره********

    *سرى للغايه*
    *التقرير المختصر لل CIA عن السودان رقم { ١٢ }*

    تم تغيير اسلوب المواجهات العسكرية الى الحرب الاقتصادية واسقاط الانقاذ من الداخل منذ 2012 بعد ان راينا الالتفاف الشعبي عقب المعارك العسكرية (هجليج)

    تم في 2012 انشاء مجموعة نداء السودان وبدء الضغط الاقتصادي من خلال اغلاق كافة التحويلات البنكية حتى من الخليج

    تم زعزعة الحزب الحاكم والضغط على البشير لاستبدال الكوادر المتطرفة بعناصر ضعيفة قليلة الخبرة

    تابعنا التدهور الاداء للحزب الحاكم والضعف الشديد في انتخابات 2015

    2016-2017عززنا الضغط الاقتصادي بادخال عملائنا في منظومة الدولة لاشاعة الفساد وتخريب الاقتصاد من الداخل وافشال اى مشروع اقتصادي ناجح …

    مع نهاية 2017 بداية 2018 كثفنا الضغط العنيف على الاقتصاد وقمنا بسحب العملة الوطنية من الأسواق مما ادى الى انعدامها واخترنا سلع ضرورية للمواطن السودانى (الوقود والدقيق) وقمنا بخلق ندرة كبيرة فيها

    ساعدنا في ذلك نجاحنا في وصول عملائنا الى قمة *جهاز الامن والمخابرات* بتجنيد بعض كبار الضباط والرتب الوسيطه وعدد من المؤسسات الاقتصاديه
    وتحقيق الاختراق الكامل للحزب الحاكم
    بعد ان وجدنا ان الوضع يسير نحو سخط شعبي عارم اوعزنا الى وسائط الاعلام بعمل تغطية هائلة في وسائل التواصل الاجتماعي ونجحنا في غسل عقول غالبية الشعب السودانى (جعلناهم ببغاوات)

    نجحنا في صناعة ثورة كاملة الدسم بواسطة عملائنا ثم قمنا بتمكين عناصرنا في الحكومة الانتقالية

    نجحنا فى صدمة الشعب السودانى بعد الثورة وجعلناه يعيش في حالة فقر مدقع وذعر وهلع من انفراط الامن … جعلناه كالغريق الذي يبحث عن قشة نجاة

    لوحنا له برفع العقوبات الاقتصادية وازالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب بشروطنا ووافقت الحكومة على ذلك … والشعب لا حولا له ولاقوة وهو تحت الصدمة يعانى من الازمات المعيشية ويرحب بالتعامل مع اسرائيل او غيرها في سبيل النجاة

    تم توقيع اتفاق التطبيع وجاري التنفيذ

    التوصية
    الاستغناء عن كافة العملاء والغوغاء واصحاب الثارات مع النظام السابق الذين تم استخدام منذ 2018

    الاعتماد على كفاءات حقيقية في تعديل الحكومة لقيادة السودان في الفترة القادمة

    نؤكد على دعم البرهان وحميدتى على جهودهم في الفترة الماضية وتشمل توصية الازاحة رئيس الوزراء حمدوك وطاقمه الوزاري الذين تلطخوا بتعديلات القوانين والتطبيع وتغيير وجه السودان من دولة اسلامية الى دولة علمانية مع التشديد على ازالة عناصر اليسار والاسلاميين من كافة اجهزة قيادة الدولة …
    تشديد القبضة الامنية في الفترة القادمة ولا باس من تنفيذ اساليب باطشه لاسكات كافة المعارضين والتجهيز للانتخابات ..
    قبل الانتخابات بستة اشهر يعلن البرهان عن استقالته من الجيش وبالطيع لن يكون في رئاسة المجلس السيادي … ويتم تجهيزه للفوز برئاسة البلاد بالزي المدني ….

    انتهى

    *ستيفن وليامز*
    شمال وشرق افريقيا
    ….
    هشام الشفيع
    25/10/2020

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..