مقالات وآراء2

هل كان مؤتمر البجا انفصالياً (3)

الثابت أن هناك عدم توافق بين الثروات الكبيرة التي توجد في الإقليم والمعاناة التي يعانيها أهل الشرق، حيث توجد أعلى معدلات للفقر رغم أن الإقليم يضم ميناء بورتسودان وجزء من خطوط أنابيب البترول وموانئ تصديره ، أيضاً عدد من المشاريع الزراعية الآلية والمروية والمطرية ومناطق التعدين، لذا فإن مشكلة الإقليم هي غياب التنمية .
هذا قاد إلى أن تكون المبادئ التي قام عليها مؤتمر البجا تتمثل في المطالبة بالتنمية والقضاء على الفقر والمرض ، فشرق السودان يعاني من مستويات عالية من الفقر والتخلف ، لذا يجب أن يختفي من المشهد الذين يريدون أن يشغلوا الناس بالقبلية، تحركهم في ذلك المصالح الشخصية والحزبية ،فهم يعملون على توظيف العنصرية القبلية لخدمة أهداف سياسية، وهم بهذا يريدون لنار الفتنة أن تشتعل،رغم أن منطقة شرق السودان كانت سودان مصغر، إلا أنها لم تشهد نزاعات وصراعات تذكر ، فمستوى الصراعات فيها كان لايتعدى المناوشات والاشتباكات الموسمية في الماء والمرعى والصدامات القبلية المتفرقة .
أسلفنا فيما سبق إلى أن مؤتمر البجا لم يكن يوماً انفصالياً ، بل نادى بحكم لامركزي لأقاليم السودان ، وإعطاء أهل الأقاليم الفرصة لإدارة شئونهم المحلية وكان مؤتمر البجا قد سبق كل الحركات الأُخرى في المناداة بذلك ، وإن كان أهل الشرق لم يحكموا أنفسهم إلا في فترات قصيرة ، مثل ماكان عندما أصبح حامد علي شاش حاكماً للإقليم في عام 1980م ، وأيضاً عندما أصبح محمد عثمان حامد كرار حاكماً للإقليم بعد انتفاضة ابريل( 1985 ـــ1989م).
لقد واجه الرعاة وصغار المزارعين في المنطقة مظالم تاريخية ، وهم السواد الأعظم من أهل الإقليم ، حيث عانوا من صعوبات من ثلاث اتجاهات الأولى هي توسع الزراعة الآلية خصماً على أراضي الرعاة وصغار المزارعين ،ولم يجدوا الاهتمام الكافي من قبل السلطات ، فلم تقدم لهم الحكومة المركزية أو الإقليمية المساعدات الكافية من تمويل أوتأهيل الأراضي الرعوية وتقديم المياه عن طريق نظام التجميع كما أن بعض مشروعات التنمية الريفية التي بادرت بها بعض المنظمات لم تجد الحماس اللازم من الحكومة .
كان نتيجة لعدم الاهتمام هذا أن أصبح بعض الرعاة عمال بالأجر مع الذين منحت لهم هذه الأراضي ، الثانية هي تدفق اللاجئين من أثيوبيا وارتريا مماشكل تدهوراً بيئياً نسبة للأعداد الضخمة لهم ، والثالثة هي هجمات المجموعات من قطاع الطرق لنهب الرعاة والمزارعين التي ظهرت نتيجة للحرب الإريترية الأثيوبية( الشفتة الأثيوبين ) .
وفقاً لتقرير أعده برنامج الغذاء العالمي أن النظم المعيشية التقليدية لسكان المناطق الريفية في كل من ولاية كسلا والبحر الأحمر تتعرض لتدهور مريع نتيجة لتضافر كثير من العوامل ، وقد قادت هذه العوامل إلى فجوات غذائية متكررة وإلى ارتفاع معدلات الفقر بصورة غير مسبوقة في المناطق الريفية ، كما أدت موجات الجفاف التي ضربت الإقليم إلى تدهور المراعي والقضاء على جزءاً كبيراً من الثروة الحيوانية ، وأثرت تأثيراً ظاهراً على حياة الرعاة ومعايشهم .
أن مشكلة القبلية ستقود الإقليم لمزيداً من التخلف ، وستهدد السلم الاجتماعي والتعايش السلمي بين المكونات السكانية للإقليم ، خاصة أن مجموعات كبيرة من الشباب تعاني من العطالة في الإقليم ،وستقف كذلك القبلية عائقاً للتنمية التي يتطلع ويرنو لها إنسان الشرق ، نسبة للفقر المدقع وانعدام الخدمات الضرورية في كثير من المناطق، زاد أيضا من معاناة إنسان الشرق الأعداد الكبيرة للأجئين الارتريين والأثيوبيين التي بدأت منذ سنوات طويلة مما شكل ضغطاً متزايداً على كل مدن الإقليم جميعها

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..