
مهما اختلفنا كسودانيين.
ومهما تفرقت قبائلنا واحزابنا.
ومهما استعرت بيننا الحروب والنعرات .
يبقي صفاء القلب ونقاء السريرة وحسن الخلق صفة ملازمة للإنسان السوداني خارج الوطن.
فكم يسعد المرء حين يسمع و يقرأ مدحا لاهله.
فهاهو صحفي سعودي وكأنه المتنبي حين مدح سيف الدولة وهو يمدح السودانيين حيث قال :
لو قيل لي أن عربياً فاز بجائزة الأمانة بين عشرين من مختلفي الجنسية فأرجح أن يكون سودانيا.
ولو قيل: إن عربياً قد فاز بجائزة التهذيب بين عشرين من العرب فالأرجح أن يكون سودانياً،
ولو قيل: إن عربياً قد فاز بجائزة نظافة اللسان بين عشرين من العرب فالأرجح أن يكون سودانياً،
ولو قيل: إن عربياً قد فاز بجائزة الوفاء بين عشرين من العرب فالأرجح أن يكون سودانياً.
انتهى.
فالإنسان السوداني تتوفر فيه الكثير من الصفات الأخلاقية الجميلة التي يجب أن تتوفر في الانسان المثالي والسوي.
ولعل أولى تلك الصفات هي الصدق والشهامة والتواضع وحسن الخلق واحترام الآخرين والصبر.
ويتصف السوداني كذلك بأنه ليس بحاقد ولا إناني ولا خائن ولا يسخر من الاخرين.
وهو ليس بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء كما في حديث رسولنا الكريم ص.
وقد قرأنا جميعا الكثير من القصص التي تكشف لنا تلك الملامح الرائعة التي يتصف بها الإنسان السوداني .
فلقد حكي احد الاخوة الكويتيين : انه وأسرته كانوا قادمين بالسيارة من الكويت في طريقهم لاداء العمرة فتعطل كفر السيارة فوقف الي جانب الطريق السريع لتغييره ولكن للأسف الشديد وجد ان الكفر الاسبير فارغا من الهواء .
وكان الحر شديدا والعرق يتصبب منه وهو يحاول ايقاف السيارات ولكن دون جدوي.
واستمر في هذا الوضع كذلك لمدة ثلاث ساعات مما اشعره بالحنق واليأس.
وفجأة وقفت سيارة فوجد ان احدهم يلوح له ويصيح من الجانب الاخر المعاكس فقطع الطريق رغم خطورته وذهب لمقابلته .
فوجده سودانيا ويعتذر لانه لا يستطيع الوصول اليه بسبب السياج المقامة .
فاخبره ان الناس لا يقفون له.
فخلع السوداني عمامته من رأسه وقال له اخلع عقالك من رأسك والبس هذه العمامة فسيقف لك الكثير من السودانيون.
وظل يعلمه كيف يلبسها.
قال فاخذت عمامة السوداني والقيتها علي ظهر سيارتي وواصلت الوقوف والتلويح لساعتين اخريين ولكن لا احد يكترث لي ومن يأسي قلت لماذا لا اجرب طريقة السوداني رغم عدم اقتناعي بها فلففت العمامه في رأسي وبعد عشر دقائق وقف بجانبي احد السودانيين ثم اخر ثم اخر حتي وصلوا الي خمسة وبعضهم ترافقهم اسرهم.
وكان كل واحد منهم يحضر اسبيره ويطابقه مع سيارتي فلا يتطابق ورغم هذا يظل واقفا ولا يذهب وفي الانتظار تبادلوا العصائر والمياه مع اولادي ومع بعضهم البعض كانهم متعارفين منذ سنوات وحتي زوجتي اخذتها واحدة من النساء السودانيات الي سيارتهم.
وعندما وصلت السيارة السادسة تطابق الكفر مع سيارتي وبعدها رافقتني كل السيارات لاكثر من خمسين كلم حتي وجدنا احد محلات إصلاح الكفرات فاصلحنا الكفرات.
بعدها ودعوني وودعوا بعضهم البعض وذهبوا.
قال الكويتي يومها أوشكت ان ابكي وتمنيت لو كنت سودانيا.
وهذه قصة أخرى عن سائق حافلة سوداني بالسعودية عثر على مبلغ ١٣٠ الف دولار في حقيبة في احد مقاعد الحافلة التي يسوقها..
وفور عثوره على الحقيبة قام بتسليمها إلى النقابة العامة للسيارات بمكة المكرمة ..
والتي قامت بدورها بالاتصال بصاحبها وهو حاج أمريكي الجنسية ..
وأصر الأمريكي على منح السائق ١٠٪ مكافأة له على أمانته لكن السائق السوداني رفض المكافأة ..
هذا وقد قامت شركة النقل الجماعي (حافل) ونقابة السيارات العامة بتكريم الرجل على أمانته وحسن خلقه ..
وهناك العشرات من القصص الجميلة الاخري التي تحكي عن أمانة وشهامة ومروءة وصدق أهل السودان في الخارج.
و ليت مثل هذه الصفات الجميله تعم الداخل كذلك.
فهناك بعض من يحيدون في الداخل عن مثل هذه الصفات الجميلة.
وان كانت الشواهد تؤكد أن الأفعال القبيحة محدودة جدا في السودان وان نسبها متدنية مقارنة بدول أصبح فيها الإنسان مجردا من الكثير من الصفات الإنسانية الجميلة.
فلا تكاد ترى صدقا في التعامل ولا شهامة في المواقف ولا حسنا في الأخلاق واحيانا كثيرة تصيبك سهام البذاءة والسباب والاحتقار والإنانية والسخرية .
وحقا لو لم أكن سودانيا لوددت أن أكون سودانيا.
ورغم كل تلك الخصال الجميله فبعض الجهلاء يعيرون أهل السودان بالسواد ولعل آخرهم معتوه فلسطيني غاضب لتطبيع السودان مع إسرائيل.
وان كان السودان لا يعيب صاحبه.
فلا فرق بين ابيض واسود الا بالتقوى.
واليكم قصيدة أعجبتني وقد كتبها طفل افريقى و اعتبرتها الأمم المتحده قصيدة العام 2008 :
حين ولدت، أنا أسود
حين كبرت، أنا أسود
حين كبرت أنا في الشمس، أنا أسود
حين أخاف، أنا أسود …
حين أكون مريضا، أنا أسود
حين أموت، أنا أسود
و أنت أيها الأبيض … حين تولد، أنت زهري
حين تكبر، أنت أبيض
حين تتعرض للشمس، أنت أحمر حين تبرد
أنت أزرق حين تخاف
أنت أصفر حين تمرض،
أنت أخضر حين تموت،
أنت رمادي
كل هذا .. و أنت تصفني بأنني ملون …..
وهذا عنترة بن شداد العبسي يقول:
آئن أك أسودا فالمسك لوني وما لسواد جلدي من دواء
ولكن تبعد الفحشاء عني كبعد الأرض عن جو السماء
فلله درك يا ابن أرض السودان العزيزة.
حفظك الله من كل مكروه.
محمد حسن شوربجي
[email protected]