مقالات سياسية

ما معنى فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ

د. توفيق حميد

يستشهد كثير من المتطرفين والإرهابيين بآية {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} لتبرير جرائمهم البشعة في حق الإنسانية، وقد وصل ببعضهم الأمر أن يتلذذوا بفعل هذه الجرائم بل وحث الآخرين عليها.

والمسلم العادي يجد نفسه في معضلة ولا يدري كيف يرد عليهم، فهم يستخدمون القرآن والمعنى الظاهري والحرفي لهذه الآية كما يبدوا للبعض هو أن عليهم رفع السيف على غير المسلمين وذبحهم إذا قابلوهم!

وللأسف فإن معظم التفسيرات المعتمدة المتاحة لا تفسر الآية بصورة تمنع هذا المفهوم المتجرد من الضمير والرحمة والإنسانية إن لم تكن تدعمه.

وما حدث في الأيام الماضية في فرنسا من ذبح مواطنين أبرياء بدم بارد وسط صيحات “الله أكبر” يؤكد أن هناك خللا شديدا في المفاهيم الدينية يتضمن مفهوم هذه الآية ولا بد أن يتم علاجه حتى نمنع تكرار مثل هذه الأحداث والجرائم البشعة.

والآن دعوني أتطرق لبحث مفهوم آخر للآية الكريمة غير الذي ينشره دعاة التطرف والكراهية:

الآية تقول: “فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ”. وكما نرى فإن كلمة “كفروا” مشار إليها بكلمة “الذين” لتخصص المعنى فقط في كفار مكة الذين بدأوا بالعدوان “وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ” (سورة التوبة 13).

ولو كان الأمر بالقتال أمرا عاما لاستخدم القرآن تعبير “من كفر” بدون استخدام أداة التخصيص “الذين”، فهناك فارق كبير بين معنى “قاتلوا من كفر” و “قاتلوا الذين كفروا”، فالأولى تعمم المعنى والثانية تخصصه فقط في مجموعة بعينها يتكلم عنها القرآن ويشير إليها بأداة التخصيص “الذين”.

وذلك المعنى يتفق تماما مع المبدأ القرآني في عدم العدوان إلا على المعتدين “وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ” (البقرة 190) ومع مبدأ التعايش في سلام مع الآخرين “ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ” (سورة البقرة 208).

أما آية {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} وهي محور المناقشة فمن معانى الضرب في اللغة الفصل بين شيئين {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} (سورة طه آية 77)، (و استخدم القرآن هنا تعبير “اضرب” لأن الفعل يؤدى إلى الفصل بين كتلتين من المياه)، أما كلمة “الرقاب” فهي تأتى عامة في القرآن وفي أغلب الأحيان بمعنى الأسرى الذين كان يتم أخذهم كرقيق (أي عبيد)، فمن مخارج الزكاة على سبيل المثال {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (سورة التوبة آية 60) أي دفع جزء من الزكاة لتحرير الأسرى ومنع العبودية.

وجميع الآيات القرآنية الأخرى التي وردت فيها كلمة “الرقاب” في كتاب الله جاءت بمعنى الأسرى الذين كان يتم أخذهم كعبيد بعد الحروب وهي ما يلي: “لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ” (سورة البقرة ـ آية 177)

وآية “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” (سورة التوبة ـ آية 60).

والمعنى كما يتضح الآن في آية “فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ” أي أنه في هذه الحالة وفي وقت الحرب (لدفع العدوان) لا بد من فصل الأسرى (أو الرقاب) فلا يتم استخدامهم أثناء القتال كدروع بشرية.

ولا يعنى ضرب الرقاب في الآية قتل الأسرى على الإطلاق، لأنه لا معنى لشد الوثاق بعد قتل الإنسان كما يتضح من الآية {حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} فشد الوثاق لا يكون إلا للحى حتى لا يهرب.

* ومعنى {أَثْخَنتُمُوهُمْ} في هذا السياق قد يعني أنهم أصبحوا غير قادرين على مواصلة العدوان والقتال وقد يعني في اللغة العربية “إقامة الحجة” عليهم في المناقشة (أو كما نسميه اليوم بالمباحثات الدبلوماسية!).

فكما جاء في معجم “لسان العرب” فإن الاثخان يعني أيضا إقامة الحجة الدامغة على الطرف الآخر فكما ذكر “لسان العرب” (وفي حديث عائشة وزينب لم أَنْشَبْها (أي لم أتركها) حتى أَثْخَنْتُ عليها أَي بالَغْتُ في جَوابِها وأَفْحَمْتها).

ثم كيف يأمر القرآن بأن يتم المن على هؤلاء الأسرى أو مبادلتهم مع أسرى آخرين {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} إذا كان ضرب الرقاب يعنى القتل! ويتضح من ذلك أن ضرب الرقاب تعنى فصل الأسرى لا ذبحهم.

ويبدو أن المشهد كله في السرد القرآني للآية هو في مرحلة ما بعد نهاية الحرب وكيف يتم التعامل مع الأسرى. فكما جاء في القرآن الكريم “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الْأَسْرَىٰ إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” (سورة الأنفال آية 70).

ويؤكد هذا المعنى للآية وسياقها قوله تعالى بعد ذلك {حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} فإن قتل الأسرى وذبحهم يزيد الحرب اشتعالا لا يطفئها، وعلى النقيض من ذلك فإن فصل الأسرى وعدم استخدامهم كدروع بشرية، والمن عليهم بعد ذلك هو ما يجعل الحرب تضع أوزارها لكي تطفأ نيران الحرب، وذلك يتفق مع إرادة الله للبشر أن يعيشوا في سلام مع بعضهم البعض:

{ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} ويتسق تماماً مع ما أمر به القرآن في معاملة الأسرى ” وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (سورة الإنسان آية 8-9).

وللحديث بقية!
الحرة

‫4 تعليقات

  1. لا حول ولا قوة إلا بالله … هذه تخريجات ما أخرج الله بها من سلطان ومحاولة مستميتة للي عنق اللغة
    ضرب الرقاب مهما حاولت تخريجه هو ضرب الرقاب والذين كفروا هم الذين كفروا في الماضي والذين سكفرون في المستقبل

  2. هذه الآية 4 من سورة محمد {{فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ)} صدق الله العظيم، يا أستاذ تفاسيرها التقليدية صحيحة من حيث المعاني اللغوية لألفاظها وبالتالي فإن مفهوم الدواعش لها صحيح لغوياً ولكن المفسرين غفلوا عن شيئين أولهما قيام حالة الحرب الفعلية التي يشتبك فيها المتحاربان، وثانيهما الوجهة الخاصة لخطاب القتال.
    فمن حيث معاني الألفاظ:
    فإذا لقيتم أي تقابلتم في الحرب بينكم وبين الكفار ، فضربٌ بالرقاب يعني اعملوا سيوفكم في رقابهم واقتلوهم تماماً مثلما هم سيفعلون برقابكم إن تمكنوا منها وهذا تفسير عادي ليس فيه تأويل فهو تقرير لقواعد الحرب وأحكامها في ذلك الزمان. ولا داعي لتأويل الرقاب وضرب الرقاب بغير ما تحتمله في سياق الحرب، حيث القتل بالسيف أو الرمح أو النبل أو الحجر أو الخنق مشروع أثناء حميان الوطيس ولا علاقة لهذا القتل بموضوع الأسرى فذاك موضوعه بعد انجلاء الحرب في حال الانتصار من عدمه والكلمة المفتاحية في الآية تمنع انصراف أي تأويل لمشروعية القتل أثناء الحرب هي كلمة (لَقِيتُمُ) وليست عبارة (الَّذِينَ كَفَرُوا)، فلقيتم تعني اللقاء أو الملاقاة أو المقابلة عند التقاء الجمعين في بداية المعركة وأثنائها إلى نهايتها حيث يأتي موضوع الأسرى. كذلك فإن عبارة (الَّذِينَ كَفَرُوا) ليس لها معنى خاص خلاف معنى الكفار فهي تعني الجمع الآخر من المعاركة المحارب للمسلمين فالذين كفروا هم الكفار والكفار هم الذين كفروا ومع ذلك نوافقك بأن الحطاب في هذه الآية بل في السورة وسور أخرى هو خطاب خاص أو مخصص ولكن ليس بدلالة كلمة (الَّذِينَ) في هذه الآية.
    السبب يا سيدي هو تخصيص الخطاب في معظم آيات القتال للمسلمين تحت اشراف الرسول النبي صلى الله عليه وسلم، قد جاء تخصيص الخطاب صريحاً في بعض الآيات والسور وفي بعضها كان مفهوماً ضمنياً من سبب النزول كما في هذه السورة: قال قتادة : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت يوم أُحُد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الشِّعب ، وقد فشت فيهم الجراحات والقتل ، وقد نادى المشركون : اعل هبل. ونادى المسلمون : الله أعلى وأجل. وقال المشركون : يوم بيوم بدر والحرب سجال. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : “قولوا لا سواء. قتلانا أحياء عند ربهم يرزقون وقتلاكم في النار يعذبون” ، فقال المشركون : إن لنا العزى ولا عزى لكم ، فقال المسلمون : الله مولانا ولا مولى لكم. وقال بذلك الطبري وابن عطية وخلافهم من المفسرين.
    فمشكلة تفسير آيات القتال في هذه السور كالأنفال والأحزاب إلخ أن التفسير التقليدي لها يجعل خطاب الحق سبحانه وتعالى لنبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم خطاباً للمسلمين من بعده وهذا خطأ فادح لم يفطن إليه التقليديون ثم جاء من سموا أنفسهم السلفيين فأكدوا على هذا المفهوم الخاطيء واستغل ذلك الدواعش فكانت النتيجة هذه الفظائع والجرائم الارهابية التي شوهت سمعة الاسلام بسبب جهالات هؤلاء والأغراض الدنيوية أو الأوهام الأخروية لأولئك. والدليل على فصل الخطاب أن قواعد الحرب التي أشرف عليها النبي الكريم أو المسلمون في معيته تحتلف في كثير منها بسبب أغراض مغازي النبي وفتوحاته التي كانت جهادية بحتة إما بغرض رد العدوان أو محاربة الدعوة إلى الرسالة الإلهية ومنعها وحيث كان الرسول النبي مشرفاً فإن غزواته كانت لا زالت تتم بتوجيهات الوحي مِن مَن أرسله وتتنزل أحكامها. وهذا فرق كبير بين غزوات النبي الكريم وفتوحات الخلفاء الراشدين من بعده والتي تحولت أعراضها إلى تبليغ الرسالة المحمدية ولا يهم بعد ذلك من آمن أو لم يؤمن من حيث القتال؛ إلا من آمن فتستوي ذمته مع المؤمنين ومن بقي على ملته فلا يجبر على إعلان اسلامه وانما يبقى في حماية المسلمين ويدفع الجزية مقابل ذلك. كذلك فإن جيوش الفتح من بعد النبي الكريم لا تطبق مثلاً آية (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها….) 4 سورة محمد وانما لا يدخل جيش الفتح مدنهم حتى يرسل إليهم رسول يفاوضهم على شروط المسلمين ومنها تخييرهم بالاسلام أو دفع الجزية وفي الحالين لا يولى عليهم شخص ليس منهم.

  3. الاخوة / توفيق / الكيك / الدنقلاوى
    تحية طيبة
    يقول الاستاذ محمود محمد طه ان بالقران مستويين من التشريع مستوى (أصيل) بدأت به الدعوة وهو مستوى (الاسماح) قال تعالى ( قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) وقال تعالى (لا اكراه فى الدين ) وظل الرسول الكريم يدعو لهذا المستوى ثلاثة عشر عاما ولم يستجيب المشركين رغم الحجة والمنطق ومعجزة القران فنسخ هذا المستوى الذى هو أحسن ما فى ديننا قال تعالى ( واتبعوا أحسن ما نزل اليكم من ربكم ) نسخ بمستوى أقل منه وهو مستوى (الاكراه) قال تعالى ( فأذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) وقال تعالى ( فأذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب ) وقال النبى الكريم ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله الا الله ) ولك أن تقول صودرت حرية المشركين بعد أساءوا التصرف فيها ولكن مصادرة الحرية ليست نهائية الى قيام الساعة بل هى مؤقتة وعندما يجىء من يحسن التصرف فيها تمنح له ولكن مشكلة المسلمين عامة والدواعش خاصة أنهم فهموا أن نسخ أيات الاسماح بأيات الاكراه هو الغاء لها والحق أنه (ارجاء) لايات الاسماح حتى يحين حينها وتأتى أمتها وهو وقت أظلنا اليوم بفضل الله وبفضل تطور المجتمع البشرى لان النسخ اذا كان الغاء يكون تغيير رأى تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ) قال تعالى ( ما ننسخ من أية أو ننسئها نأتى بخير منها أو مثلها ) ننسئها فى جميع التفاسير تعنى (نرجأها ) وخير منها ليس خيرا مطلقا انما خير منها للمخاطبين (أمة القرن السابع ) لان هذه الامة رفضت الاسماح ولذا أكرهوا على الدخول فى الاسلام وهو خير لهم قال تعالى( كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم واليوم يوم تطبيق أيات الاسماح وتطوير التشريع الذى يدعو له الاستاذ محمود ليس قفزة فى الهواء ولا اجتهاد فى ما فيه نص بل انتقال من أيات الاكراه التى خدمت غرضها واستنفذته الى أيات الاسماح التى كانت مدخرة لتستوعب الحياة المعاصرة ولن يعود الاسلام اليوم بالسيف وقطع روؤس الكفار بل يعود بالاسماح وبالحجة والمنطق وتقديم الغدوة الحسنة

  4. الأخ عصام الجزولي طبعاً أنت تفضلت بشرح وجهة النظر أو الفهم الجمهوري للرسالة المحمدية في مجملها وهو الفهم الذي انطلق منه الأستاذ محمود محمد طه في تفسير وتأويل القرآن. طبعاً نحن على علم بوجهة النظر الجمهورية ولكن لا نتفق معه مبدئياً أولاً في تقسيم الرسالة المحمدية إلى مستويين أو رسالتين، فهي رسالة واحدة وخالدة لآخر الزمان ولكن يفهم الناس ويأخذون منها بمقدار ما ينطبق على دنياهم وفهمهم لمحيطهم وظروف حياتهم السائدة. وبما أن القرآن حمال أوجه فقد استنبطوا منه كافة الأوجه التي مست حياتهم المعاصرة القريبة من عهود الجاهلية، وإن كانوا بسبب ذلك قد قصروا عن إدراك مغازي بعض الأحكام ومآلاتها النهائية كأحكام العبودية والأبوية. فالعبودية والنساء وهما مشكلتان قائمتان منذ الجاهلية قد تعامل القرآن معهما معاملة الأمر الواقع بأسلوب التدرج في الوصول إلى علاجهما النهائي في نهاية المطاف بعد إزالة مبررات بقاء تلك الممارسات ومنها وأولها الحروب ضد الكفار والمشركين ونواتجها من الأسرى والسبايا. ولو فطن الفقهاء لاستنبطوا الحكم النهائي بتحريم مسألة العبودية والسبي وإعلان عدم مشروعيته في حروب الفتوحات الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين فهي ليست لقتال مشركين يجوز أسرهم أو سبي نسائهم وإنما تغير غرض تلك الحروب أو الفتوحات لتكون ضد من يمنعون نشر الدعوة ويقفون في وجهها.
    كذلك وخلافنا المبدئي الثاني يتمثل في مسألة النسخ فأنا شخصياً لا أؤمن بالنسخ بمعنى الإبطال أو التغيير أو الإرجاء لتطبيق الأحكام بعد فرضها كما تقولون فكل ذلك يدل على البداءة وأنه تعالى يقرر ثم يبدو له لاحقاً خطأ ما قرره فيغيره، تعالى عن ذلك علوا كبيراً فهو العليم الخبير وكل أمر وما يتبعه من أثر انما تحدده مشيئته وحده ولا يعارضه في ذلك شيء. فلا يوجد إجماع واحد في أي من المسائل التي عدها بعضهم ناسخا ومنسوخا بل بالعكس كل زعمه البعض من الناسخ والمنسوخ ثبت بالدليل القاطع خطأه وتبين الأمر لا يخرج عن كونه إما تدرج في التشريع كما في تحريم الخمر أو مسألة رخص وعزائم كما في آيات تحريم التولي في الزحف وآيات رخصة الفطر أو عزيمة الصيام مع بقاء الحكم الأساسي في صيام شهر رمضان. كذلك في آيات الفاحشة حيث هناك آية واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم مخصوصة بحكم المثليات من النساء والآية التالية لها واللذان يأتيانها منكم خاصة بحكم عمل المثليين من الرجال وبالتالي لا معارضة بينهما وبين آية الزاني والزانية في سورة النور.
    عليه فإن العلة في تفسير الآية موضوع مقال الكاتب تكمن في قصور التفسير التقليدي أو التجزيئي أو الجزيئي الذي لا يحيط بعلل الأحكام وقواعد الخطاب القرآني ولا مدلولات أسباب النزول وفوق هذا وذاك عدم التمييز بين خطاب المولى لرسوله ونبيه بهاتين الصفتين وإن كان هذا خطاب له ومن اتبعه من المؤمنين فهم المعنيون بتنفيذ توجيهات النبي المنزلة عليه بشان قتال الكفار والمشركين مثل الآية موضوع المقال فهي قطعاً ليست حجة للدواعش كما فهموا من أقوال جهلاء السلفية بحيث يمكن لكل من يلتقي بمن يعتقد بأنه كافر أو مشرك أن يقتله أو يضطره إلى أضيق الطريق! فعبارة إذا لقيتم تعني لقاء المعركة في حرب معلنة ليس من قبل زعيم المجموعة الإرهابية وانما حرب رد عدوان دفاعية فلم يعد ممكناً شن حرب دينية أو عدوان على الشعوب داخل بلدانها وما كان يفعله الرسول الكريم كان توجيها له من ربه بوحي هذا القرآن فمن الذي يوحى إليه من بعده حتى يعتبر خطاب التكليف للنبي خطابا له!؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..