
شهدت فرنسا في الأسبوعين المنصرمين هجمات إرهابية يقشعر لها البدن من هولها و بربريتها.. إستهدفت إحدي هذه الهجمات مدرس لمادة التأريخ، بينما إستهدفت الأخري بعض المصلين في كنيسة في مدينة نيس الوادعة بجنوب فرنسا.. لا يمكن تبرير أو قبول مثل هذا العمل مهما كانت الحجج و الدفوع…هذه الجرائم مسؤول عنها من قام بها فقط، و علي الدولة الفرنسية أن تطبق عليهم أقصي و أقسي عقوبات يسمح بها قانونها الجنائي.. و لن ينبري أحد للإحتحاج علي معاقبتهم مهما كانت قسوة العقاب..
يتفق الجميع علي أن الإرهاب لا دين له و لا جنس.. و قد مارس معتنقي كل الأديان السماوية و “الغير سماوية” الإرهاب علي مر العصور و الأزمان… كل له مبرراته و حججه، و دائمآ كان المدنيون هم من يدفعون الثمن و يتحملون عبئ هذه الأفعال العنيفة التي تخلو من الحس الإنساني و الفطرة السليمة..
إن الشر وجد يوم أن خلقت البشرية، و قد كان هابيل أول من مارسه… و رغم أن البشر عموما ينزعون الي الخير، إلا أن قلة منهم قد تجنح للشر لإعتلال في سلوكها و قيمها و ربما فهمها لقيمة و حرمة النفس البشرية.. و أيضآ لخلل و جهل بموجهات عقيدتها أي كانت.. فلا يوجد دين لا يعلي من شأن النفس البشرية، و لو وجد لكان دينآ فاسدآ.
كون أن من قاموا بجرائم القتل البشعة مؤخرا في فرنسا من المسلمين، أمر يخصهم وحدهم.. و عليهم مواجهة عواقب فعلهم… و لا ينبغي أن يحاكم الإسلام و لا بقية المسلمين بما قاموا به.. إن عدد المسلمين في فرنسا وحدها قد تجاوز الثمانية عشر مليونآ.. يعيشون في تناغم و إنسجام ” الي حد كبير” مع الدولة الفرنسية.. فمنهم الوزراء، و رؤساء البلديات، الاطباء، المحامين، سائقي قطارات الإنفاق و كل أطياف القوة العاملة.. بل و لاعبي كرة القدم الذين أحرزوا كأس العالم لفرنسا.
إن عدد المسلمين في العالم يفوق المليارين.. أي أنه الدين الأكثر إعتناقآ رغم بعض الإحصائيات التي تقول بغير ذلك.. و هو الدين الأسرع إنتشارا بين البشر… و يعيش السواد الأعظم من المسلمين بسلام في بلدانهم، كما يعيش غير المسلمين بأمن و طمأنينة في بلاد المسلمين دون خوف أو وجل.
إن الجرائم ” الإرهابية” التي تحدث بين الفينة و الأخري، لم يدعوا لها مرجع إسلامي يعتد به.. لا الأزهر نادي بها و لا أي هيئه إسلامية معترف بها.. بل علي العكس من ذلك تماما..فما إن يقع حادث من هذا النوع إلا و سارعت كل المرجعيات الإسلامية لإدانته بأشد العبارات و دون تردد.. كما أن ضحايا هذا الجنون من المسلمين يفوق عشرات الأضعاف الضحايا من أي ملة أخري..
إن الإسلام دين التسامح و المحبة و تقديس النفس البشرية، و رسوله الكريم صلي الله عليه وسلم، هو أعظم من أرسي دعائم العدل و المساواة بين الناس كافة، ليس قولآ فقط إنما بيانآ بالعمل و بالقدوة الصالحة… و هو محل تقدير و محبة لم و لن ينالها بشر قبله أو بعده.. و الإساءة إليه لا تنال منه و لا من مكانته الأعظم في قلوب المسلمين.. فالتجني عليه بدأته قريش، و لن يتوقف.. و نصرته عليه افضل الصلاة و السلام تكون بنشر سيرته و إتباع سنته.. لا بالعنف أو الإرهاب.
أنا مسلم أعتز بديني و بإنسانيتي، و يحزنني و يغضبني الي حد الألم أن أري إنسانا بريئآ يشاركني ” الإنسانية ” يقتل.. و لا يهمني دين القاتل او جنسه أو لونه.. و لن أعتذر لأحد نيابة عن مجرمي ” حوادث ” فرنسا الأخيرة، بل أقدم أحر و أصدق التعازي لأسر الضحايا، فالألم والفقد واحد.