أهم الأخبار والمقالات

كيف جعلت الحكومة الانتقالية من الحصول على المعلومة أمراً عسيراً!!

الخرطوم: ياسر جبارة

ما لم يكن بالحسبان لدى الصحفيين السودانيين هو استمرار وتفاقم أزمتهم في الحصول على المعلومة في ظل حكومة مرحلة الانتقال الديمقراطي التي شادت سياجا منيعا من العتمة يحجب عنهم المعلومة.

وتجلى ذلك بصورة سافرة في حدثين مهمين هما إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والتطبيع مع الكيان الإسرائيلي الأمر الذي أحالهم إلى وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية لاستقاء المعلومات إلى جانب اجتهاد بعضهم بالتواصل مع بعض المسؤولين الإسرائيليين.

وهذين الحدثين ليسا بدعة عن بقية الأحداث الأقل أهمية التي يشملها سطوة جدار العتمة.

مراسل العربي الجديد الصحفي عبد الحميد عوض يرى أن المشكلة مرحلة من النظام المباد بحيث أنها أثرت في طريقة عمل الصحفيين الذين تحولوا في كثير من الأحيان لمجرد رواة وناقلين الأمر الذي أثر على وجود التحقيقات الاستقصائية.

ويضيف أن هناك تعتيما شديدا يقيد حرية الحصول على المعلومة ويضرب مثلا بوزير العدل الذي بحوزته أهم الملفات ولديه موقف سلبي من الصحافة والإعلام ويبرئ عوض وزير الثقافة والإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل محمد صالح من تعمده إخفاء المعلومة في حدث التطبيع مع الكيان الإسرائيلي على وجه التحديد وذلك أن الوزير وغيره من عضوية مجلس الوزراء والمجلس السيادي (لم يكن لهم علم بما يدور باعتبار أن الملف كان يدار ضمن دائرة محدودة من عضوية المجلسين).

الصحفي بإدارة الأخبار بتلفزيون السودان محمد عبد الباسط الحاج يتفق مع زميله حول عدم إتاحة المعلومة ومتى أصبحت متاحة فإن المسؤول ليست لديه الشجاعة حيث يستتر وراء وقال مصدر.

إلا أن الحاج يرى أنهم في التلفزيون ليسوا معنيين كثيرا بمسألة حجب المعلومة حيث أن الوضع مختلف ويقول (التلفزيون لا يبحث عن معلومة تهم المواطن وإنما يبحث عن نشاط حكومي لتغطيته)

وحول ما إذا كان هناك تمييزا من قبل المسؤولين تجاه الصحفيين حول تمليك المعلومة على شحها ينفي عوض وجود مثل هذا الاتجاه وينسب التفاوت في الحصول على المعلومة إلى الفرق في المثابرة والاجتهاد بينما يخالفه الحاج ويذهب إلى أن هناك تمييزا واضحا في إتاحة المعلومة ينبني على عنوان المؤسسة الصحفية أو الإعلامية والعلاقة الشخصية بين الصحفي والمسؤول.

من واقع تخصصها في صحافة التحقيقات تجد الصحفية لبنى عبد الله من صحيفة المواكب أن الوضع بالنسبة لإتاحة المعلومة محبط إذ أن هناك تعتيما وأن من يتكرم من المسؤولين أو المؤسسات ويبذل معلومة يرغب في نشرها يطلب حجب اسمه مبررا ذلك بوجود الدولة العميقة.

كما تشير لبنى إلى أن بعض المسؤولين ينصحونها بعدم الاقتراب من مؤسسات بعينها مثل لجنة إزالة التمكين بقولهم إنها خط أحمر.

وتتفق لبنى مع زميلها الحاج في وجود تمييز ممارس من قبل بعض المسؤولين تجاه الصحفيين في تمليك المعلومة وتشير إلى نوع من التمييز تكون مقدمته سؤال عن هوية الصحفي مفاده (من هو هذا الصحفي هل هو ثورجي هل هي ثورجية)

وتفصِّل لبنى في معاناتها لكسر طوق السرية حول المعلومة حيث انتهى بها الأمر إلى المحكمة في مواجهاتها المهنية مع إحدى المؤسسات فيما تواصل ولمدى أسبوعين مضين محاولاتها للوصول إلى مدير الهئية القومية للإذاعة والتلفزيون بدون جدوى لأجل الحصول على معلومات متعلقة بأوضاع مهنية لبعض العاملين.

يتوسع الصحفي من صحيفة الوطن محمد حسيب في تحديد دائرة تعتيم المعلومة ويضيف إليها قيادة الائتلاف الحاكم ويبدي دهشته من سر التحول السريع بين اليوم والأمس القريب حينما كانت هذه القيادات في صف المعارضة للنظام المباد حيث كانوا يسارعون لتمليك الصحفيين المعلومات وأما الآن فهم يبذلون الوعود الكاذبة بمعاودة الاتصال ليجتهد الصحفيون في التواصل مع القادة الصاعدين والمحللين والأكاديميين لسد النقص في المعلومة.

ويضيف حسيب أن الحصول على المعلومة غاية في الصعوبة أما بالنسبة لمجلس الوزراء والمجلس السيادي فالوصول إليهم واستخلاص المعلومة منهم فيكاد يكون مستحيلا ويتفق حسيب مع الرأي القائل بوجود تمييز في تمليك المعلومة مبني على العلاقات الشخصية وغيرها من الاعتبارات التي لاتمت بصلة لتقدير المسؤولية.

مراسل الجزيرة نت الصحفي أحمد فضل اضطر للاعتذار عن تسليم تقريره في الوقت المحدد للموقع ضمن تقرير جمعي شمل زملائه من الدول العربية كافة حول كورونا بسبب غياب المعلومة والتعتيم عليها.

ويقول فضل إنه انجز مهمته لاحقا بعد أن نشط علاقاته الشخصية وحصل على المعلومات بفضل هذه العلاقات.

يؤيد فضل سالفيه في حقيقة التعتيم على المعلومة ويزيد أن بعض عضوية السيادي ومجلس الوزراء ليست لديهم حرية الوصول إلى المعلومة فما بالك بالصحفيين.

ويشير فضل أن مسؤولي إدارات الإعلام يشكلون عائقا حقيقا أمام الحصول على المعلومة.

حق الحصول على المعلومة كفلته الوثيقة الدستورية ضمن أحكامها العامة في باب طبيعة الدولة المادة (2) حيث نصت على كفالة الحريات الأساسية وكفله الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المادة (10) الحكومة ضمن سياساتها الإعلامية تعكف على مراجعة القوانين ومن ضمنها قانون حق الحصول على المعلومة ولكن يبقى السؤال من يعكف على مراجعة قناعات حراس الظلام.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..