مقالات وآراء

مفارقة الجهل المقدس

صديق النعمة الطيب

الأشياء التي نعتقد أننا نعرفها جيداً، هي تماماً تلك الأشياء التي لا نعرف عنها شيئاً!

كل مسلم يعلم يقيناً أن الحل في الدين! وأي شخص يقول غير ذلك يعرض “رأسه” للسقوط من على كتفيه.

ولكن لا يوجد مسلم يعلم “كيف” يكون الدين هو الحل! وإذا وُجد ذلك الشخص، فإنه يتذرع بالضعف وأنه لا يملك السلطة الكافية التي تمكنه من تطبيق رؤيته!

وعندما يقفز إلى السلطة ويتمكن منها، لتطبيق رؤيته، يتحول تلقائياً إلى “طاغوت”! ذلك لأنه يجهل أنه يجهل حقيقة الدين، وأن السلطة أداة إكراه، والدين خُلوٌ من جنس الإكراه (لا إكراه في الدين)، وبالتالي يستحيل منطقياً ودينياً تطبيق الدين عن طريق فرضه من أعلى على الناس، لأنه بذلك يتحول تلقائياً إلى قانون.

الدين ينبع من داخل الفرد ويتجه نحو المعبود تعالى، أما القانون فهو سلطة إكراه تفرض من الخارج!

لم يكن الرسول النبي الأمي صلى الله عليه وسلم في حاجة إلى سلطة “قاهرة” لفرض رسالته على الناس، فمنهجه لا يقبل ذلك (وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ مَاۤ أَشۡرَكُوا۟ۗ وَمَا جَعَلۡنَـٰكَ عَلَیۡهِمۡ حَفِیظࣰاۖ وَمَاۤ أَنتَ عَلَیۡهِم بِوَكِیل)، ولكنه خلق مجتمعاً مدنياً فاضلاً، قوامه الشورى والتعددية، فافرز هذا المجتمع الفاضل “أنماط حكم فاضلة”، وبالتالي كانت الدولة في عهده نتاج تطور اجتماعي طبيعي، ولم تكن مقصودة في ذاتها، لذلك مات النبي ولم يسمى له خليفة، لعلمه أن إدارة شؤن الناس أمر مجتمعي.

كيف يمكننا “تطبيق” الدين ليحل مشاكلنا؟

الخلاصة:  نحن لا نعرف طبيعة الدين “العملية” التي بموجبها يمكن أن تنبثق حياة كريمة، وإلا لطبقاناها! نحن نعرف فقط الشعائر التعبدية! ونظن جهلاً انها تصلح لإدارة شؤون الناس!

الدين لم يأت بحلول جاهزة، وإنما جاء ليحث الناس على البحث عن حلول من واقعهم! (إِذۡ قَالَ ٱلۡحَوَارِیُّونَ یَـٰعِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ هَلۡ یَسۡتَطِیعُ رَبُّكَ أَن یُنَزِّلَ عَلَیۡنَا مَاۤىِٕدَةࣰ مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِۖ قَالَ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ).

الاعتراف بالجهل فضيلة، نحن لا نقرأ ولا نرغب في التعلم، لأننا نظن أننا نعرف كل شيء، فأُشربنا في قلوبنا العجل بكفرنا!
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..