السودان .. قصة الحروب ومحاولات صناعة السلام

الخرطوم ” الزين عثمان
هنا الخرطوم تفعل ما اعتادته على الدوام تفتح حضنها للقادمين إليها تغني سلامها المنتظر، تشبه من يسكنون بين جنبات وجعها تطارد معهم حلم البلاد الممكن المستحيل. هنا هم يمسحون عن ذواتهم المرهقة وعثاء السفر يهبطون أبطالاً في عاصمة كانوا قد تمردوا على حكومة تصنع موت شعوبها في وقت سابق يمسحون ساعة حضورهم من قاموس الوطن الخوف الحرب والشك ويكتبون في كراسة البلد الوطن هو أن تنسى خيبات الحرب القديمة وتبدأ سلامك من جديد.
يعودون بعد الغياب اليوم الأحد واضعين البنادق من خلفهم وهم من وقعوا على اتفاقية سلام في سودان ما بعد الثورة التي جعلت دماء شبابها كل صعب بالإمكان الوصول إليه وبسهولة وكان عبد العظيم ورفاقه الشهداء قد أكدوا على المعروف بالضرورة أن المستحيل ليس سودانياً وأن الحرب لا يمكن أن تكون هي رسول أهل البلاد بعد الثورة التي خرجت جحافلها تردد (سلام) وتتش بنارها عين ضلام سلطة المخلوع وهي تغني أن يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور. لن تكون دارفور اليوم وحدها سيأتي معها النيل الازرق وجبال النوبة لن يكون الشرق في حالته القديمة نسياً منسياً الشمال حاضر ومعه الوسط جبهة الثورة تحولت إلى جبهة السلام هكذا قالت مواثيق جوبا واتفاقياتها.
وأيادي القهر خلف الظهر مكتوفين وسودان الثورة التي هتف من أشعلوا ثقابها ألا حرية بلا سلام ولا عدالة يمكن تحصيلها في زمان الموت يضع قدمه مرة أخرى في بداية الطريق يعود الرفاق إلى خرطومهم على باخرة (السلام) تاركين دبابات الموت هناك في الأراضي المحررة من الواقع المحزون يأتي مناوي ومعه عقار الذي سبقه سلفاً عرمان يعود جبريل للتجول في شوارع الخرطوم وأم درمان ومعه الهادي رئيس الجبهة الثورية يأتي معهم الجنود يسبقهم شوق للأهل والأصدقاء تصطف الأمهات الأخوات الزوجات الأصدقاء والرفاق والجيران ليحتضنوا فقط السلام في صدر العائد من الحرب وما أجملها من لحظة وما أروع أن تنهي مجرد لحظة احتضان 65 عاماً من الموت ولو علي سبيل الحلم.
الخرطوم في وضع الاستعداد لكن هذه المرة لا يخبر الجنرالات الجنود أن موعدكم الموت في الأحراش وفي مناطق العمليات موعدنا لقاء جديد نضع فيه أيادينا في أيادي بعض ونعتذر لهذه الأرض التي مارسنا فيها عقوق الموت وجاء أوان أن نبر أهلها بضحكة سلام تنهي تعريف البلاد بأنها أرض لبراكين الحروب التي لا تتوقف نيرانها عن الاشتعال وتنهي تلك السلسلة من النزاعات المتطاولة وتجعله سودانا للحياة السلام الاستقرار والمحبة 15 نوفمبر 2020 الاحتفال بوصول وفد حركات الكفاح المسلح للخرطوم.
اليوم التالي