
طوال مدة المفاوضات بين الحكومة والحركات وكل برامج الفضائيات التي خصصت لوفد المقدمة وغيرها ، آثرنا أن نصدق كل الإفادات التي يقولها المتفاوضون والموقعون . مترفعين عن اعتماد الاتهامات ليس استبعاداً لها ، ولكن لفهمنا لطبيعة الثورة السودانية التي أحدثت التغيير ، لكنها تحتاج لمراحل متعددة ، ليس بالضرورة أن تحمل أي مرحلة كل الحلول . وما المفاوضات والاتفاق إلا مرحلة مهمة منها. لكن احتفال ساحة الحرية ، أسفر عن حقائق مثلت أداء المتفاوضين للإختبار الذي وضعوا فيه أنفسهم. والذي يتطلب الإجابة على جملة من الأسئلة لقياس الأداء.
نبدأ بالحشد للإحتفال والذي تناوله الكثيرون غيري . فهل كان في هذا الحشد وكلفته أن صانعيه لديهم أدنى إحساس بالضيق الذي فيه المواطن ومعاناته ؟ أولم يكن من الأجدى تحويل ما أنفق إلى أولويات أكثر حيوية ؟ لنصل إلى السؤال الأصعب : إذا كانت هذه هي البداية ، فهل نتوقع من هؤلاء أن يشعروا بمعاناة المواطن وأولويات الصرف ؟ أم الجواب باين من عنوانه ؟ وأن كل التصريحات والوعود بجودة الأداء ، ما هي إلا من قبيل ما تعودنا عليه بدون أي سند تتكئ عليه ؟ أما السؤال الآخر فهو ، من سيُحمل وزير الصحة القادم مسئولية تفشي جائحة الكرونا في موجتها الثانية ؟
أما سؤال المليون الذي رسب فيه جمهور الحركات وهم منهم ويمثلونهم ، فقد طرحه الاستقبال القمئ لممثل قوى الحرية والتغيير .ولا يجب أن يؤخذ من جانب الإساءة لشخص أو جهة ، بل من جانب مغزاه . شاء من شاء وأبى من أبى ، فإنه لولا إعلان قوى الحرية والتغيير ، وبياناته التي التف حولها الشباب الثائر وضحى الشهداء بأرواحهم ، ما كان للثورة أن تنجز مرحلتها الأولى وهي إسقاط الديكتاتور. لكن ما تلى ذلك من حوار ، يعبر عن نهج قوى الهبوط الناعم التي كانت الحركات جزءاً منه حتى إطلاق الشباب لشرارة الثورة. فقد ابتعدت الحركات عن بقية قوى الحرية والتغيير بحجج أثبت هذا التطور تحديداً أنها ليست السبب مهما بدت موضوعية . وقد ذهب البعض لاتهامها بأنها آثرت التوكؤ على سلاحها لتحقيق مراميها مستغلين حاجة المرحلة الملحة للسلام .ورغم أن الحركات كانت تنفي ذلك دوماً ، إلا أن ياسر عرمان أقر بذلك عند استضافته في برنامج حوار البناء الوطني الذي يقدمه الاستاذ لقمان برفقة مندوبة الحزب الشيوعي التي وجهت السؤال مباشرة . فرد عرمان أن الحركات إنما تتوكأ على سلاحها .وهذا هو المهم مهما ساق من مبررات .والهتاف ذاك ، يعني أن هنالك فهماً يضمر للحرية والتغيير إقصاءً رغم ما ورد من وثائق وتكوين مجالس وغيرها.وهو فهم قاصر كما أسلفت عن طبيعة مراحل الثورة وقواها. وستبدي الأيام ، أن لا اختلاف في التعامل مع قضايا المواطن بدخول الحركات. والأيام بيننا.
نختم بالتأكيد أن القوى الموجودة على الأرض ، قد تتبدل أو تختلف تأثيراتها من مرحلة إلى أخرى . وعلى الحركات أن لا تفهم أنها قد أمسكت الوطن من زمامه وأن الأمور قد أضحت طوع بنانها .أو أنها قد كتبت نهاية التاريخ السوداني . فحتى من قوى الكفاح المسلح ، يوجد من يعترضها . ومن منشقيها ما رفض الاتفاق .وما صبر الناس إلا للحاجة للسلام . لكن لن تسكت بقية القوى الصامتة على طول الخط. فلها ما تقوله وتفعله.
معمر حسن محمد نور
[email protected]
طرحكم غير واضح وأفكاركم غير مرتبة