أهم الأخبار والمقالات

طموحات النخلة الحمقاء..!!.

خالد أبو أحمد

إن (الحركة) التي كانت (اسلامية) يوماً ما اتسمت في أحيان كثير بالغطرسة والاستبداد والتكّبر على الآخرين، كانت ترى بأنها مؤهلة ليس لحُكم السودان فحسب بل كل دول الجوار وكان بعض قادتها يعبرون صراحة عن احلامهم وطموحاتهم تلك، ويشيرون إلى أن (الانقاذ) ساعدت رؤساء كل من أرتيريا وأثيوبيا وتشاد في الحُكم، وأنها إذا أرادت تغيير النظام في مصر لفعلت ذلك، تماما مثل رئيسهم المعتقل عندما تأتيهم (الهاشمية) بعد التكبير والتهليل مع الشباب المندفع تشعر بالعظمة والكبرياء، هذه الهتافات الداوية كانت تحمل بين طياتها ومعانيها الكثير من العناصر المعنوية التي تجذب الشباب وتجعلهم يعتقدون بأن القوة التي تمتلكها الحركة (الاسلامية) قادرة على فعل كل شئ لذلك كان الحماس عالياً، ومن هذه المعاني بأن الحركة هي وحدها من تمتلك الحقيقة المُطلقة

إذا استغرقنا أنفسنا في التأمل والتفكر سنجد إن الحركة (الاسلامية) قد تحولت من جماعة دعوية صغيرة إلى حزب سياسي يطرح الشريعة الاسلامية منهجا في الحُكم، وما من شك بأن الحصول على السلطة هو هدف لكل حزب سياسي يطرح نفسه في ساحة التنافس، وأسلوب وطريقة لوضع أفكاره موضع التنفيذ على صعيد الدولة والمجتمع والأمة، رغم هذا فإن من أعظم الأخطار التي يمكن أن يتعرض لها أي حزب في العالم هو تحوله من حزب حامل للدعوة إلى حزب طالب للسلطة، بمعنى أن تصبح السلطة هاجس الحزب بمعزل عن دعوته وعن شعاراته والمعايير المبدئية التي تفرض عليه منهجاً معيناً للحصول على السلطة، وليس أية سلطة، إنما سلطة يتمكن الحزب بواسطتها تجسيد أفكاره ورؤيته في الحياة بحسب تصوراته عن الحياة نفسها، لكننا في التجربة السودانية لا نجد ثمة منهج دعوي ولا حتى انساني قامت الحركة (الاسلامية) بتطبيقه في الثلاثين عاما التي انصرمت من عمرنا، وإلا ما خرج ملايين السودانيين ضد نظامها واسقطته في ابريل من العام الماضي في أعظم ثورة شعبية في التريخ الحديث

أسئلة بطعم الحنظل..!!

بطبيعة الحال إن الانسان عندما ينصب نفسه زعيما على الناس، أو اماما يصلي بهم أو قائدا للمجتمع في أي من مجالاته، من الضروري بمكان أن يكون سلوكه قمة المصداقية والسلوك الحضاري والقويم، وتتمثل في تصرفاته كل معاني القدوة الحسنى التي تؤكد على أنه حقيق بهذه المكانة الرفيعة، لكن هل ترى أن الحركة (الاسلامية) كانت قدوة في بلادنا..؟!
وهل كان قادتها ورجالاتها أنموذجا يحتذى بهم في مجتمعاتنا..؟
وهل كانوا على قدر المسؤولية التي تجعلهم دعاة للخير والصلاح..؟
وهل رأينا منهم رجال خير وبر وإحسان يساعدون الناس ويقفون مع الفقراء ويتقاسمون معهم الوجبات..؟!
أم أننا عشنا نموذجا آخرا..؟!

أعتقد أن هؤلاء تمثل فيهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا أنبئكم بشراركم..؟!”، قالوا: بلى يا رسول الله، قال “إن شركم الذى ينزل وحده “أى الأنانى”، ويجلد عبده ويمنع رفده “أى عطاءه”، ثم أردف قائلاً: أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول الله قال: “من يبغض الناس ويبغضونه”، ثم أردف قائلاً “أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول الله
قال: “الذين لا يقيلون عثرة ولا يقبلون معذرة ولا يغتفرون ذنباً”، أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول الله. قال: “من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره”
صدق رسول الله صل الله عليه وسلم، فإن هذا الحديث يُصور بشكل بليغ قادة الحركة (الاسلامية) الذين حكمونا باسم الإسلام، ولم يراعوا فينا إلا ولا ذمة

مع الطيب (سيخة)

في إحدى زياراتي الصحفية لمدينة الفاشر أيام كان واليها الطيب ابراهيم محمد خير المعروف بـ(الطيب سيخة) الذي استمد لقبه هذا من الممارسة العنفية له في الصراع الطلابي بجامعة الخرطوم، فقد حكى لي قصة مفادها أنه كان قد إلتقى في مكتبه بعدد من مسؤولي المنظمات الدولية العاملة في دارفور وحكى لهم عن مشكلة النهب المسلح وأضراره على الجميع، فطلب منهم التبرع بسيارات دفع رباعي حتى تساعدهم في مهمتهم، لكن (الخواجات) تمنعوا ورفضوا رفضا باتا، وقالوا له بأن مهمة مكافحة النهب مسؤولية حكومية ليس لنا دخل بها، فغضب (الطيب سيخة) غضبا شديدا لكنه لم يبين لهم ذلك، فارسل رجاله ليتتبّعوا حركتهم في خارج المدينة ليلا، فوجدوا ان قافلة سيارات لهذه المنظمات تحركت ليلا من الفاشر في طريقها لخارج المدينة فقام رجاله بعمل كمين في منطقة ما، بعد أن أخفوا هوياتهم فأوقفوهم في الطريق وضربوهم ضربا شديدا، واستلموا سياراتهم، وتركوهم في الخلاء في مسافة تبعد قليلا عن مدينة الفاشر..!!

في اليوم التالي للواقعة والوقت صباحا جاء إليه (الخواجات) في مكتبه يشتكون وقالوا له بأن عصابات النهب المسلح قد هاجمت قافلتهم في الطريق ليلا واوسعوهم ضربا وأخذوا منهم سياراتهم بما فيها، ومثل الطيب سيخة وكأنه قد صدم بهذه الحادثة، وأن الأمر بالنسبة له مؤلما، وبصوت عال سألهم وقد بدأت عليهم آثار الضرب، “كيف تم ذلك..؟، ومتى والساعة كم وفي أي مكان، ولماذا لم تخبروني بذلك”، وبعد خروجهم ضحك عاليا لأنهم شربوا المقلب، وحقق ما أراد..!!
هذا الاسلوب في معالجة الأمور الذي اتبعه الطيب (سيخة) مع (الخواجات) هو منهج من مناهج النظام البائد نجده في تعامل حكومة النظام في كل الملفات وبشكل خاصة ملف الحريات الصحفية وحقوق الانسان، ومعالجة الازمات المعيشية، وفي اشعال الحروب وقتل الناس، ودفنهم أحياء، وفي كلا الحالات لا يرجى منهم خير ولا أحد يأمن شرهم

النخلة الحمقاء..!!

عندما ننظر ونتمعن في مخرجات الحركة (الاسلامية) –المؤتمر (الوطني) طيلة العقود المنصرمة فلا نجد إلا الدماء والدموع والاحزان والدمار وسرقة مقدرات الشعب، نتذكر قصيدة الشاعر الكبير أيليا أبو ماضي (النخلة الحمقاء) التي تقول فيها النخلة:
لاقصرنّ على نفسي عوارفها فلا يبين لها في غيرها أثر
إني مفصلة ظلي على جسدي فلا يكون به طول ولا قصر
ولست مثمرة إلا على ثقة أن ليس يأكلني طير ولا بشر
عاد الربيع إلى الدنيا بموكبه فازّينت واكتست بالسندس الشجر
وظلت النخلة الحمقاء عارية كأنها وتد في الأرض أو حجر
فلم يطق صاحب البستان رؤيتها فاجتثها فهوت في النار تستعر
من ليس يسخو بما تسخو الحياة به فإنه أحمق بالحرص ينتحر

لعمري هذه القصيدة تحكي قصة تعنت الحركة (الاسلامية) التي كان بامكانها أن تثمر ويأكل من ثمرها البشر، لكنها أصلا لم توضع على الأرض لكي تثمر، فلم يطق الشعب السوداني رؤيتها فاجتثها فهوت في النار تستعر، فانتحرت لأنها لم تقدم شيئا ينتفع به

[email protected]

‫5 تعليقات

  1. انت قدمت شهادة في جريمة خطيرة و مكانها النيابة اذا في السودان تشوف ليك محامي و تمشي علي النيابة و لوا انت برا السودان لماذا لن تتواصل مع المجني عليهم طيلة الزمن السابق دا وبقيت متستر علي جريمة خطيرة زي دي

    1. اصدق تماما انه الطيب سيخة خفيف العقل و غائب الحكمة بعمل كدا و اكتر و دونك سيرته في دارفور و ادارته لجهاز اللامن اللاوطني.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..