أخبار السودان

بموافقته على الميثاق الأفريقي.. هل ينجح السودان في منع زواج القاصرات؟

الزواج هو حلم كل فتاة من أجل تكوين مملكتها الأسرية، لكن في بعض المجتمعات العربية والقبلية لا تكون هناك فرصة للفتاة لكي تحلم، فقبل أن تبلع الثامنة عشر تجدا نفسها أمًّا لعدد من الأطفال، وتستمر في تلك المعاناة إلى النهاية أو تتمرد عليها والمصير معروف.

الحديث ليس قاصرا على السودان، بل هو نموذجا لما يحدث في أغلب الدول العربية وبعض البلدان غير العربية التي لها موروثات ثقافية في هذا الأمر، فالمرأة بطبيعتها حالمة ورومانسية وعنيدة، وفي نفس الوقت بركان من الغضب قد تجبر على أشياء أو تدفع نحوها كطفلة وعندما تكبر وتمتلك إرادتها قد تتمرد عليها وتقلب الأعراف والتقاليد وتهدم المجتمع الذي لم يرحم طفولتها.

فما هي قصة زواج القاصرات، وهل يستطيع قانون حكومي القضاء عليها؟

الصدام مع القبلية

أعربت الباحثة في التراث السوداني الدكتورة نوارة بافلي عن تأييدها سحب الحكومة السودانية تحفظاتها على الميثاق الأفريقي المتعلق بالطفل ورفاهيته، لأن تزويج الفتيات قبل الثامنة عشر يترتب عليه الكثير من المخاطر والتي من بينها التعدي على الطفولة وعدم منحها الفرصة لاكتمال نضجها العقلي والجسدي.

وأضافت في اتصال هاتفي مع “سبوتنيك”، تلك الموافقة وإن كانت تتماشى مع المواثيق والأعراف الدولية المتعلقة بالطفل، إلا أن هذا الأمر سوف يواجه برفض عارم من المجتمع السوداني الذي تسيطر القبلية على نسبة كبيرة منه، حيث أن القبائل لا تعترف بهذا المنع ويرون في زواج الفتاة نوعا من الحفاظ عليها، كما أن عمليات الزواج للفتيات ترتبط بالعادات والتقاليد المتوارثة أكثر من خضوعها للقوانين الحكومية.

وأشارت الباحثة، إلى أن القبائل ترى أن الزواج المبكر للفتاة هو نوع من حمايتها، لكن الواقع يؤكد غير ذلك، فالكثير من عمليات الزواج المبكر للفتيات تكون نتائجها الفشل وعدم الاستقرار الأسرى، نظرا لأن الفتاة لم يكتمل نموها  وتتزوج وهي طفلة وفقا لتصنيف القوانين والمواثيق الدولية التي تتعامل معها على هذا الأساس، في الوقت نفسه يتعامل معها الأهل على أنها زوجة ويجب أن تكون كل حياتها مبنية على هذا الأساس، ما يعني أن تلك الزوجة الصغيرة انقطعت صلتها بالطفولة منذ اليوم الأول للزواج.

هيئة المجتمع

من جانبها قالت زينب كوشيب الناشطة في جمعيات المجتمع المدني السوداني، إن مثل تلك القرارات والقوانين لا يمكن تطبيقها في المناطق الريفية والقبلية إن: لم تكن هناك عقوبات رادعة، لأن تلك المجتمعات توارثت عادات وتقاليد منذ مئات السنين، وترى أن الخروج عنها مخالفة وخطأ لا يغتفر بحق التقاليد والأعراف، فالأمر يتطلب تهيئة المجتمع أولا وإقناعه بخطورة تلك العادات، أي أن الجانب الاجتماعي هو الأكبر في تلك القضية ويجب التعويل عليه.

وأضافت في اتصال هاتفي مع “سبوتنيك”، أن القوانين وحدها لا تغير المجتمعات يجب تهيئة الأرضية المجتمعية قبل تطبيق أي قانون، لأن المجتمع هو الذي تطبق عليه تلك القوانين، وإن لم تكن لديه قناعة بها فسوف يجد العشرات من الطرق للتحايل عليها وعدم تطبيقها فعليا، وكما قلنا مثل تلك القضية تحتاج إلى عمل مجتمعي كبير لكي تنجح، أما فرضها مباشرة والتهديد بالغرامات والعقوبات، قد يجعلها ناجحة إعلاميا وليس على أرض الواقع.

وأكدت كوشيب تأييدها لهذا التوجه قائلة: الكثير من الفتيات اللاتي يتزوجن قبل 18 عام يتعرضن للكثير من المشاكل النفسية والجسدية، علاوة على أن هذا الفعل يعد انتهاك لحقوق المرأة بشكل تام، وما لم تكن العقوبات التي بالقانون رادعة فسوف يلحق القانون بغيره من مئات القوانين غير المفعلة منذ عشرات السنين.

أما فاطمة موسى حمد التي تعمل بالمجال الإعلامي في السودان،  فأوضحت في اتصال مع “سبوتنيك”، أن إلغاء السودان تحفظاته على ميثاق الاتحاد الأفريقي الخاص بحقوق الطفل ورفاهيته وبشكل خاص المواد المتعلقة بزواج القاصرات دون سن الـ18 عاما، بالقطع هو قرار جيد لحماية حقوق الأطفال وعدم تعرضهم للانتهاكات النفسية والجسدية.

واعتبرت أن هذا الأمر يمكن أن يلقى قبولا أو هو مطبق بالفعل في المناطق الحضرية مثل العاصمة الخرطوم، لكن التطبيق في المناطق النائية والريف يحتاج إلى جهد مجتمعي كبير من قبل المنظمات والجهات الحكومية للتعريف بفوائده، لأن فرضه دون تعريف وإقناع سوف يفقده معناه والهدف منه، لأنه لن يطبق

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..