مقالات سياسية

السودان مستعمرة للجباية

خليل محمد سليمان

الواضح هناك منهج نجح من وضعه في مسعاه ليصبح الشعب السوداني في حالة إنفصام تام، و إنفصال عن الواقع.
اغرب حالة تحتاج الي دراسة عندما يقبل المواطن بالامر الواقع في وطنه، و بلده، و تُفرض عليه تفاصيل حياته دون ان يكون طرف فيها، او يختار الكيفية التي تناسبه.
معرفة الحقوق هي المفتاح الحقيقي، و المدخل للوعي، و التغيير، و الإحساس بالمواطنة، و التفاعل مع القضايا بشكل مختلف.
السودان عبارة عن كشك للجبايات للشركات التركية، و العربية، و شركات النبت الشيطاني التي تسيطر علي مفاصل الإقتصاد السوداني.
سياسة بيع السودان، و تمليك موارده للاجانب بواسطة الحكومات، و سماسرة السياسة، و النخب السودانية علي إمتداد التاريخ،  للحصول علي إمتيازات رخيصة هي منهج، و سلوك، لليمين، و اليسار علي حد سواء، حيث لا إيمان بالقطرية إلا في حدود متدنية، و الجميع يستعدي المجتمعات بشكل ممنهج لطالما لا تؤمن، و تدين بما تؤمن به من ايديولوجيا، او ثقافة، او دين، او عرق.
آخر حلقات تسليم السودان، و موارده للشركات الاجنبية، و السمسرة في اساسيات الحياة من كهرباء، و إتصالات كانت جماعة الفريق الركابي آخر وزير مالية في نظام الماجن المخلوع.
إستمعت إلي لقاء لوالي شرق دارفور في تلفزيون السودان يشكو من غول الشركات التركية التي لها الحق الحصري في إنتاج الكهرباء في الولاية، حيث مثل هذا اللقاء صدمة، و ألم لم، و لن احسه قط في حياتي.
لا يختصر الامر علي ولاية واحدة بل بوابة السودان علي البحر الاحمر عبارة عن مستعمرة تركية في إنتاج الكهرباء، و ما ادراك ما الصراع للسيطرة علي المواني، و يعيش الناس في الوطن كالاجانب.
بالله عليكم في دولة محترمة تسلم اساس التنمية، و خدمات مواطنيها لشركات اجنبية تساهم بشكل اساسي في تدمير الإقتصاد الوطني؟
اما مجال الإتصالات فحدث ولا حرج.
صرفت في ثلاث اسابيع من المال في خدمة الإتصالات المعدومة اصلاً ما يكفيني لمدة ستة اشهر في الولايات المتحدة الامريكية معقل الرأسمالية، و ” الإمبريالية” كما يحلو للنُخب العاطلة، سماسرة العُهر، و الرذيلة.
ما يصرفه الشعب السوداني مقابل الخدمات يفوق الدول التي يتمتع المواطن فيها بمعدلات دخل عالية، و فيها دعم حكومي للعاطلين عن العمل، و الشرائح الضعيفة ليحصلوا علي ذات الخدمات إسوةً ببقية المواطنين.
في السودان اغلب الشعب يعيش تحت خطوط الفقر، و يكافح ليحصل علي خدمات رديئة برضا، و قبول يعني الإستسلام، و الخنوع، و الإنكسار في حده الاعلى.
تخيل عزيزي القارئ إنك تحصل علي خدمات بمبالغ مضاعفة لعشرات المرات مقارنة بدول يتنفس الناس فيها بخدمات الكهرباء، و الإتصالات في الثانية، و الدقيقة.
افقر شعوب الارض تشتري خدمات اساسية تُعتبر للغالبية العظمى رفاهية، و لا تدخل ضمن اساسيات حياتهم إلا لماماً، أللهم إلا خاصية المكالمات التي تمثل عصب الحياة، و التي تجاوزها العالم إلي ادوات أخرى ذات فعالية، و تُقدم شبه مجانية.
يجب تأميم كل الشركات العاملة في مجال الإتصالات، و الكهرباء، و كل ما له صلة بأساسيات التنمية، و طرد كل الشركات التركية، و العربية، حتي لو رجعنا إلي العصور الوسطى لنبني مؤسسات وطنية حقيقية تخدم المجتمع بشكل اساسي لا تستهدف الربح في حد ذاته كما تعمل كل الدول المحترمة لخدمة مواطنيها.
ادركوا هذا البلد الذي اصبح إنسانه الفقير آلة للتحصيل، و مصدر من مصادر غنى، و رفاهية شعوب أخرى.
اخي المواطن لا تقبل بالذل، و الهوان، و طالب بحقك، لتقتلعه عنوة، و إقتدار، في ارضك، و بلدك.
انت صاحب حق، و هذا الوطن ملكك لا تقبل ان تكون ضيف ليتفضل عليك الناس بحقك، و مالك.
من يهن يسهل الهوان عليه.

تعليق واحد

  1. مايقوله الكاتب بنهج الشركات العالمية يجانب الصواب و يخطىء كثيرا فى دورها الايجابى مقارنة مع دور الشركات الوطنية السلبى و الهدام.
    فالاسمنت كسلعة وطنية المنتج يبلغ سعره سبعة اضعاف السعر العالمى ،رغم ضرورته الملحة للتنمية ، وقس عليه كل خدمات الاصول الوطنية المبنية على التمكين و المحاصصة و التمويل القبلى و الجهوى و الطائفى وغيره.
    اما عن الشركات الاجنبية فلا تخضع بطبيعة الحال لكل هذه التجاذبات ، الا ان الفساد الوطنى بألامتيازات و الاحتكار لها و انعدام الرقابة الحكومية عليها وعدم وجود مواصفات و مقاييس لمنتجاتها هو السبب الرئيس لضعف أداءها و ترهله.
    اما عن الاسعار المرتفعة لخدماتها فذلك غير صحيح البتة نظرا للضرائب الباهظة و المنافية للمنطق و الغير معقولة التى تفرضها الحكومة السودانية ، ودون ذكر ما تقدمه للمسئول الوطنى الاغبش الاصيل و السمح.
    بمعنى ان الجبايات العربية و التركية الباهظة التى يصفها الكاتب ، هى جبايات حكومية وطنية اصيلة غبشاء و سمحة توازى اضعاف سعر المنتج الاجنبى.
    الا رحم الله الاستعمار !!.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..