بخت الرضا والعرض مستمر

أسماء محمد جمعة

مواصلة لمسلسل الرعب في الجامعات الذي لا ينقطع إلا بفواصل قصيرة، ولا ندري متى ستنتهي حلقاته، فبعد سلسلة من الأحداث التي شهدتها الجامعات خلال العام الدراسي 2016-2017 ها هي جامعة بخت الرضا تودع ذاك العام وتستقبل الجديد قبل أن يبدأ بحدث استثنائي هو استمرار لأحداث سابقة، الحدث يقوده أبناء دارفور، وما أدراك ما أبناء دارفور بالجامعات تلك حكاية تتحمل الحكومة وزرها كاملا.

معروف أنه بعد الأحداث التي شهدتها دارفور بعد العام 2003 وبعد التمرد الذي قادة خليل إبراهيم بعد المفاصلة، الحكومة اتخذت تجاه أبناء دارفور المقبولين بالجامعات سياسات خاصة، منها الإعفاء من الرسوم الدراسية للمقبولين في الجامعات الحكومية، ومنحتهم خصوصية في معاملات أخرى كثيرة، بعض من هذه السياسات أدرج في بعض الاتفاقيات، تلك الإجراءات أضرت بالجامعات وبطلاب دارفور أنفسهم لأنها تمت بطريقة فيها الكثير من عدم وضوح الرؤية، كما إن الجامعات لا تعالج المشاكل التي تطرأ بصورة جذرية بل (بالطبطبة)، هذا بالإضافة إلى الضعف الذي تعاني منه الجامعات وإدارتها وبيئتها، وضعف تطبيق اللوائح والقوانين وغيرها، ومع وجود سطوة المؤتمر الوطني والاتحادت التابعة له، كل هذا هيأ أرضا خصبة لنمو المشاكل، واستغلالها من قبل الطلاب في ظل وجود تعبئة سياسية عنيفة من قبل الحركات والأحزاب، كل هذا يحدث ووزارة التعليم العالي تتفرج إلى أن أصبحت الجامعات مرتعا للفوضى، ومن الطبيعي أن يستفيد طلاب دارفور وغيرهم من الوضع لتحل المشاكل على هواهم.

إن كانت الجامعات تمضي وفقا لسياسات قوية، ورؤى واضحة مضبوطة بالقوانين واللوائح بعيدا عن إملاءات الحزب الحاكم والمساومات السياسية لما حدث فيها خلل- أبدا- ولما تمكن أحد من استغلال الطلاب، ولعرف الطلاب كيف يلتزمون الحدود ولأقلقت الجامعات كل الأبواب التي تأتي بالعواصف، وما وصل إليه الحال في جامعة بخت الرضا هو نتيجة طبيعية لما يحدث في الجامعات ومستوى إدارتها التي لم يترك لها عقل حر وحكيم تفكر به.

الجامعات السودانية خاصة الحكومية فشلت رسميا في أن تقدم أنموذجا طبيعيا معافى يخدم البلد، الحكومة تريد طلابا بلا صوت وبلا رأي وبلا طموح، فهي لا توفر لهم أدنى المقومات التي تجعل الجامعة مكانا للتأهيل الأكاديمي والثقافي والاجتماعي، بل جعلتها مكانا للكبت وإنتاج الظروف المدمرة لعقلية الطلاب؛ لذلك تعلم الطلاب العنف وعدم القدرة على التعبير والتواصل بأدب ومرونة، وحين يسعون لحل مشاكلهم حسب تربية الجامعة تتهمهم بتجاوز القوانين واللوائح التي لم يتعلموا منها شيئا فتمارس معهم أسلوب التخويف بالفصل، فخلال الأعوام الماضية شهدت الكثير من الجامعات في مختلف أنحاء السودان إجراءات فصل لعدد كبير من الطلاب، السبب دائما في منتهى البساطة، ويمكن حله دون أي خسائر أو تضيع للزمن، لكن لأن الجامعات لم يبقَ لها طريق مستقيم ولا هادي تحصل (اللولة) التي تؤدي إلى الكوارث، وعليه لن تهدأ الجامعات وتتغير، ولن يتحسن سلوك الطلاب، ولن يخيفهم الفصل، بل هو مدعاة للتضامن والوقوف بصلابة مع بعضهم سواء أكانوا طلاب دارفور أو غيرهم.

لن يكون لدينا جامعات تحقق قيمتها ما لم يرفع المؤتمر الوطني يده عنها، وتصبح الاتحادات حرة تمثل الطلاب بحق، وما لم يتوفر فيها الحد الأدنى من الإمكانات التي تجعلها قادرة على القيام بدورها بصورة مناسبة، وما لم يكون لديها قوانين ولوائح واضحة تحسم كل المشاكل، وتملك للطلاب منذ دخولهم الجامعة.

مشكلة طلاب بخت الرضا ستحل، وسيعود الطلاب إلى جامعتهم، لكن غدا ستظهر غيرها وغيرها فإلى متى ستظل الجامعات تتصرف بجهل وتهور وهي مصنع العلم والحكمة.

التيار

تعليق واحد

  1. المقال جميل وعميق يطرح ببساطة ضرورة معرفة الطلاب بالمعايير السلوكية والاخلاقية داخل المؤسية الاكاديمية وحق الجامعات عليهم اذ ات تسيس الجامعات قد اضر بها كثيرا اذ اصبح كثير من الطلاب لايدرون حقوقهم وواجباتهم وبامانة شديدة جامعة من دون قوانين صارمة وحازمة لايمكن ان تؤدي مهامها الاكاديمية علي الوجه الاكمل اذكر اننا في السبعينات رفضنا نظام السمستر الذي هو نظام عالمي واضربنا عن الدراسة وساندتنا المعارضة واليوم نخجل من غباءنا في تلك المرحلة وبلادة من وقفوا معنا اكبر الاخطاء التي نقع فيها دوما اصرارنا علي صحة مواقفنا
    الاعلام ايضا يكتفي بالادانة دون بحث وتقصي فاكبر المشاكل التي تواجه مدراء الجامعات وعمداء الكليات حاليا هي المغازلة المستمرة للاساتذة لان الطلب عليهم كبير واموال الجامعات لاتقيم اودهم ولهذا اتمني من اهل الاعلام التقصي الحقيقي عن مشاكل الجامعات والاسهام في بلورة رؤي متميزة تؤمن للطلاب جرعات اكاديمية سليمة وتسهم في تخريج اجيال مهمومة وشايلة هم الوطن

  2. المقال جميل وعميق يطرح ببساطة ضرورة معرفة الطلاب بالمعايير السلوكية والاخلاقية داخل المؤسية الاكاديمية وحق الجامعات عليهم اذ ات تسيس الجامعات قد اضر بها كثيرا اذ اصبح كثير من الطلاب لايدرون حقوقهم وواجباتهم وبامانة شديدة جامعة من دون قوانين صارمة وحازمة لايمكن ان تؤدي مهامها الاكاديمية علي الوجه الاكمل اذكر اننا في السبعينات رفضنا نظام السمستر الذي هو نظام عالمي واضربنا عن الدراسة وساندتنا المعارضة واليوم نخجل من غباءنا في تلك المرحلة وبلادة من وقفوا معنا اكبر الاخطاء التي نقع فيها دوما اصرارنا علي صحة مواقفنا
    الاعلام ايضا يكتفي بالادانة دون بحث وتقصي فاكبر المشاكل التي تواجه مدراء الجامعات وعمداء الكليات حاليا هي المغازلة المستمرة للاساتذة لان الطلب عليهم كبير واموال الجامعات لاتقيم اودهم ولهذا اتمني من اهل الاعلام التقصي الحقيقي عن مشاكل الجامعات والاسهام في بلورة رؤي متميزة تؤمن للطلاب جرعات اكاديمية سليمة وتسهم في تخريج اجيال مهمومة وشايلة هم الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..