
رحل الحبيب الأمام السيد الصادق المهدي إمام الأنصار وزعيم حزب الأمة القومي أمس من دنيانا الفانية. اليوم نتقاسم حزننا في الوطن وفي الشتات. له الرحمة والمغفرة إلى جنات الخلد. إلى دار أفضل من دارنا . رحل حكيم الأمة المفكر الإنسان الذي تشكلت ذاته بكل صفات الإنسانية فكان نجمة بيضاء في سماء المحبة ورسولاً للتسامح والصبر على الأذى والاحترام . نعزي أنفسنا والوطن وتعزية خاصة لأسرة المهدي. التعازي الحارة لزوجته حفية مأمون وابنائه و بناته الدكتورة المنصورة مريم ، رباح ، أم سلمة ، زينب، طاهرة ، رندة، صديق، عبدالرحمن ، محمد أحمد، بشرى. تعازينا لأسرته بصلة الأنصارية التي أعتبرها الأمام محمد أحمد المهدي صلة قربى في أعلى مستوى للمحبة وعشق للفكرة المهدية التي توراثها الأنصار .العزاء لكل أهلنا الأنصار في بقاع السودان و الأحباب الحبيبات في كيان الأنصار وحزب الأمة القومي وأصدقائه وزملائه الساسة والمفكرين في داخل و خارج السودان.اليوم يوم الرحيل المرلحكيم نحتاجه كيما يتكأ الوطن على حكمته حينما تتجاذبنا خلافاتنا واختلافاتنا ونكاد أن نكون على شفا حفرة من النار. رحيل الإمام ترك في قلوبنا جروحاً لن تندمل، وأنهاراً من الدمع لا مرسى لها، وحزناً لن تطفئه دموع الأحباب والمريدين، دموع ما عاد يمنعها نداء الجلد والصبر ،ووجع في الأفئدة يغتال الكلمات حينما تأتينا أسوأ الأحزان بدون موعد وتجعلنا نعيش في ليلة حزن وحشيي تسحقنا اقدامه . محبتنا للإمام الإنسان كانت تطرح فكرة الموت من تفكيرنا وتجمع الأمل في الشفاء وعودته إلى الحياة الدنيا فكانت إرادة الله أقوى من أمنياتنا فاختاره ربه بجواره . قال الشاعر فاروق جويدة ” فلا البعد يعني غياب الوجوه ولا الشوق يعرف قيد الزمان”.نعم حضور الإمام في الساحة السودانية كان حضوراً سودانياً نوعياً ،اجتماعياً ،ثقافياً ،سياسياً عظيماً ومؤثراً ، رحل اليوم وهو حاضراً بفكرته ،كتاباته ،أرائه وأفكاره ومواقفه السياسية التي يتفق معه البعض فيها ويختلف معه آخرين وهذه سنة الحياة . السيد الصادق المهدي كان رجلاً حليماً صبوراً يدرك معنى أن يكون متسامحاً وكان يردد مقولة ” من فش غبينتو خرب مدينتو ” وفي القدرة على التحمل كان يردد ” نشيل فوق الدبر ونسير”.كان يتعامل مع الخصوم بطريقة ربما تجعلهم يشعرون بالحياء من عدواتهم، ليس هناك سياسياً في عمره ومكانته تعرض للأذى والعنف اللفظي عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثله كثيرون تجاوزوا حد الأدب والاحترام وهو في عمر أبائهم واجدادهم وظل صابراً صامداً متمساً بأفكاره اختلفنا أو اتفقنا معه، نتحترم إنسانيته التي كانت محل تقدير من الخصوم قبل الأصدقاء. قد لا يعرف مدى إنسانية وطيبة الإمام إلا من تعامل معه وتعامل معه الكثيرين لأن قلبه وبابه مفتوح ومحبته للأنصار وقواعد حزب الأمة جعلت داره مفتوحة لهم حتى في زم الكورونا فكان ثمن المحبة رحيله بسبب العدوى التي انتقلت إليه. كصحافيين وصحفيات نشهد له بأن داره كانت منبراً للصحافة والسياسة يجمع بين الساسة والصحافيين شهدت( قطيته ) التي ترمز للسودانوية لقاءات ونقاشات وحوارات ساخنة بشأن التغيير ، التحول الديمقراطي، الحرية الكثير من القضايا والقرارات تبلورت داخل من هذه (القطية) . داره كانت تضج بالكرم في ضيافة الحضور . كصحافيين وصحفيات نشهد له بأنه لم يكن سياسياً متعالياً لم يرفض لصحفي طلب موعداً للحوار الصحفي بم يميز بين صغار وكبار الصحافيين يتعامل مع الكل بلا تمييز عمري أو نوعي.. كصحافيين وصحفيات وقف معناً مسانداً مواقفنا تجاه النظام السابق في اعتقالتنا، في السجون. كان أول من يعزي في الأحزان ويهنئ في الافراح. النقد الصحفي لمواقفه وأرائه لم تكن محل قطيعة بينه وبين الصحفي أو الصحافية. لا شك أننا نعيش في أصعب اللحظات .لحظات الشدة والتحدى لتماسك حزب الأمة القومي وكيان الأنصار لأن الإمام كان صمام الامان داخل المؤسستين ، وهو الرجل الذي كان يصنع التوافق خاصة داخل حزب الأمة القومي الذي تتباين في الأراء الشخصية داخل منظومة الحزب. نعم هناك مخاوف تطاردنا وقلق يطوف حولنا وبينمها تسعى مشاعر الحزن والاحساس بفقدان البوصلة ولكن قناعتي بأن داخل مؤسسة حزب الأمة ساسة كثر يحملون الحكمة في اليد اليمنى مراعاة التباين الجهوي والنوعي في يدهم اليسرى أي يبتعدون ويطرحون فكرة أبناء البحر والغرب من تفكيرهم ويعملون بالمؤسسية التي تشكل صمام الامان للحزب في هذه اللحظة التاريخية الحرجة حتى لا يتفرع الطريق . حزب الأمة فكرة وبرنامج ومنهج يحتاج إلى من يفكرون ويقدرون ويعدلون كيما تمتد الأيادي وتتلاقى وتبقى بالمحبة الأنصارية والحزبية.. نعلم كل انصاري حزب أمة ، ليس كل حزب أمة أنصاري وبينما تحلق المحبة المتبادلة والاحترام والفكرة السياسية التي لا تغتالها الفكرة الدينية . نعم يحتاج الجميع إلى الجلوس فوق مقاعد الحكمة التي كان يعمل بها السيد الصادق المهدي. خلف الأبواب تحديات تطاردنا في هذه المرحلة من تاريخ السودان التي يتشكل فيها سياسياً وفكرياً وثقافياً واجتماعياً بعد سقوط النظام الفاسد البائد وحزب الأمة القومي الآن مهمته كبيرة في المساهمة في بناء الوطن قطعاً فقده للإمام لا شك أنه مؤثر على الحزب ولكن بإمكان قياداته من الصف الأول والثاني والثالث وقواعده أن تمتص التحديات لكي يساهم بمقدار وجوده وعطائه. ترك السيد الصادق المهدي خلفه أدبيات كثيرة وأفكار وكتب في موضوعات مختلفة وبعض منها انصف المرأة والشباب وتحدث عن حقوقها ، لم يبخل يوماً برأي ولم يتجاهل أسئلة الصحافيين والصحافيات. الصحافة السودانية عامرة بارائه التي نتفق فيها معه ونختلف معه في بعض الاحيان أي ترك لحزبة الأمة أرث فكري غني بالقيم الإنسانية ، وقابل للتطور والحوار والنقاش من أجل الوطن وحزب الأمة وكيان الأنصار. المؤسسية صمام الامان والديمقراطية تحمينا وهي راشدة. الإمام الصادق المهدي لم يكن فقداً لحزب الأمة القومي وكيان الأنصار بل فقد للسودان وكل المؤسسات التي تنادي بالديمقراطية والسلام وحقوق الإنسان فهو عضو مؤثر فيها يحضر مؤتمراتها مشاركاً بارائه ومواقفه. له الرحمة والمغفرة ولناالصبر الجميل.
|