مقالات سياسية

ماذا يُريد الكيزان والعساكِر من السودان ..‎

نضال عبدالوهاب

كل العالم يتفق علي أن السودان واحد من أهم أقطار العالم تاريخاً و جغرافيا وموارد و شعب .. كل الدول من حولنا ( تحسدنا ) علي خيرات هذا البلد ( القارة ) المتنوع والغني .. والذي اتفق كل الناس علي أنه ينقصه فقط ( حُسن الإدارة ) والإستقرار كي ينهض ويصبح قوي عظمي حقيقية ..

وحُسن الإدارة هذه مرتبطة إرتباط كلي بالحُكم وكيفيته نظاماً ثم حاكمين مختارين بعناية يديرونه وينهضون به ..
بعد سنوات عجافاً فاقت الستون عاماً أنجز جيل المستقبل ثورة علي كل الماضي شكلاً ومضموناً نحو التغيير .. رفض فيها وبشكل قاطع ونهائي حُكم المستبدين وتجار الدين ( العساكر والكيزان ) .. قالوا كلمتهم برغم كل ترسانة العنف والقتل التي مارسها ( العساكر والكيزان ) عليهم .. إنتصروا لإرادة شعبهم لتنتقل البلد إلي حقبة جديدة نحو الحرية والعدالة و الديمقراطية ..
وبرغم كل دروس الثورة وخطابها الواضح في رفض ( الكيزان والعساكِر ) إلا أنهم لا يزالون يمنون النفس ويحدثونها بالعودة للتسلط علي الرقاب وإشاعة البؤس والقُبح والقهر والفساد ! ..

السؤال ماذا يُريد الكيزان والعساكِر من السودان وشعبه ؟ ..

متي يقتنع الكيزان أنهم قد أخذوا فرصتهم كاملة وأنها سوف لن تتكرر .. ليس لأنهم فاشلون فحسب ، بل لأنهم ليس لديهم ما يقدمونه وأن كل بضاعتهم قد أضحت منتهية الصلاحية وغير مستساقة وغير قابلة للإصلاح ! .. وليحمد الكيزان الخالق أن الشعب لايزال يعطيهم فرصة العيش بينهم ! .. وأنه لم يأكلهم بأسنانه أو يرمي بهم إلي البحر بمثل مافعلوا بشباب الثورة فجر اليوم الذي غدروا فيه بابناء وبنات الثورة والشعب وهم صيام ونيام في حراسة جيش البلد الهُمام في أرض الإعتصام وأمام القيادة العامة له بعد أن ناموا هنالك أرضاً مطمئنين ! ..

ماذا يُريد الكيزان ، هل لا زالوا يعتقدون أنهم يمكن ان يعودوا علي ظهور الدبابات أو بسيول المؤامرات كي يحكمونا من جديد ! .. هل لا زال خيالهم المريض يصور لهم أن فزاعة إقامة الدين وتخليص البلاد من دنس المُلحدين والعلمانيون وبسط دولة الطُهر والنقاء مثل هذا الخطاب البائس والردئ يمكن أن يكون ممراً لهم للقصر مرة أخري ليتقيوأ قبحهم علي الشعب السوداني من جديد ! ..
هل أن تقوم فلولهم وبقاياهم في نسج المؤامرات و وضع العراقيل امام حكومة الثورة الإنتقالية لخنق الشعب والتضييق عليه في قوته ومعاشه وحياته يمكن لها تجعل لهم عند الشعب وداً وتعطيهم ( باسورد ) الدخول إلي مفاصل السُلطة مجدداً وأن توقف مد إزالة التمكين التي أرعبتهم ! ..

فليعلم الكيزان أن الشعب السوداني وإن أُضطر لأكل صفق الشجر وشُرب ماء الحفائر الراكد والملوث أو مات جوعاً وعطشاً فهذا عنده أهون من أن يمكنكم منه ثانيةً ! .. فأفيقوا قبل أن تحِل عليكم غضبته ويذهب حُلمه تجاهكم وعندها لا تلومون إلا أنفسكم المريضة ! ..

إنتهزوا فرصة السماح الذي لا يزال يقابلكم به ، والصبر الذي يمده تجاهككم ولكن تذكروا أن للصبر حدود ! ..
أما (بعض ) العساكر الذين يعتقدون أنهم والسلطة صنوان وأنهم خُلقوا كي يحكموا ومن أجل هذا يلتحقون ( بالكلية الحربية ) كي يمارسوا التسلط علي بعضهم الأقوي فالأضعف ثم يتآمر بعضهم ليلاً ليسطو علي السلطة كما اللصوص علي ظهور الدبابات ويخرجون ببيانات الإنقلابات العسكرية ( الفطيرة والمشروخة ) ثم يمارسوا علي الشعب القهر والعته ويشيعوا الفساد والإستبداد فليعلم هؤلاء أن مهامهم التي يدفع لهم الشعب رواتبهم ومخصصاتهم عليها ليس من بينها ممارسة الحُكم ..
العسكرية هي مهنة طوعية ، أما في حالة دخول الأعداء تستنفر الدولة حتي المدنين للدفاع عن الوطن وبلا مقابل مادي ! .. فليسأل الجيش الحالي للبلد وكل الجنرالات فيه أنفسهم ماهو الذي يميزهم عن المزارع و المعلم والطبيب وعامل البناء فكلها مهن شريفة تؤدي خدمات للدولة والمواطن والمجتمع .. فكلنا نشاهد المعلمين وجهدهم وظروف عملهم وكذلك الطبيب الذي هو الآن لا يكتفي بعلاجنا بل ويموت من أجلنا وبرغم هذا يُعامل من (بعض ) القوات المسمي نظامية أسوا معاملة ، وكذلك المزارع المنتج المجتهد والعامل وكل المهن الشريفة والمحترمة ..

السؤال أين هو الجيش وأرضنا محتلة وهو واجبهم الاول ، أين هو الجيش الذي يدافع عن سيادتنا بدلاً أن يدافع عن سيادة دول أخري ويترك سيادة دولتنا تنتهك ! .. أين هم العساكر وشرف العسكرية الذي اقسموا به وبنات السودان تغتصب في دارفور و جبال النوبة وأرض الإعتصام بل وداخل مسجد ( الكيزان ) مكان الطهر والنقاء .. ومن منسوبي ذات المنظومة العسكرية ولابسي الزي العسكري وبأوامر جنرالاتهم ! هل بعد كل هذا يأتي جنرالات من الجيش وعساكر ليحدثونا عن الشرف ..

سقط شرفكم يوم هتف شعبنا ( معليش معليش ماعندنا جيش ) ، وعندما بكي (بعض ) عساكركم لعدم قدرتهم عن الدفاع عن الشعب السوداني وهو يُقتل وتنتهك حرماته ووقف مع رفقائهم في الشرطة يتفرجون ! ..
لا تحدثونا عن الشرف بعد أن سقطت قطرات دماء العذراءوات من شريفات الشعب السوداني في بساط مسجد جامعة الخرطوم فقبلها سقط شرف العسكرية والذين لايزالون طلقاء بلا محاكمة وجنرالاتهم يتسترون عليهم ! ..

الجيش السوداني المصنوع في زمن الكيزان والذي لايزال جُله موجود هو الذي قتل شعبنا في جبال النوبة ودارفور والشرق وكجبار والنيل الأزرق وجنوب كردفان وفي معسكر العيلفون وأعدم خيرة واشرف العسكريين من حركة رمضان وفي شوارع الخرطوم وكل هذا بأوامر ( الكيزان ) وتحت إشرافهم ، وعجز نفس هذا الجيش ( المصنوع ) في إعادة حلايب وذهب ليقتل أبناء اليمن مقابل المال ! ، هذا هو جيشنا الآن فلا تحدثونا عن شرف العسكرية ! ..

برغم كل هذه المرارات قبِل الشعب مُكرها وحقناً للدماء أن يُشارك نفس من مارسوا عليه القتل ومعهم عساكر المليشيات وبالاتفاق شركاء في الحكومة الإنتقالية وينالون من الشعب التقدير صباحاً ومساء أملاً في إنتقال آمن لكل البلد الذي عاني كل شعبه ما عاني وحتي يتم السلام ويعود النازحون لديارهم وحتي تنتهي الفترة الإنتقالية ليعود كل الحُكم للشعب ويعود الجنرالات لمواقع عملهم الحقيقي في حراسة أمن البلاد الخارجي وأداء دورهم في التنمية ككل المواطنين بذات الحقوق وعليهم نفس الواجبات دون تمييز أو حصانة ! ..

ولكن برغم كل هذا يأبي (بعض) أصحاب العقول الحالمة من الجنرالات والعساكر إلا أن يتوهموا أنهم خُلقوا فقط كي يحكموا فيتحينون السوانح ويتآمرون ويعملون لكي تفشل الفترة الإنتقالية أو أن تكون لهم الكلمة العُليا فيها أو ينقلبوا عليها للحكم مرة أخري ..
متناسين أكثر من 52 عاماً من الحكم العسكري الذي أفضي بالبلاد لما نحن فيه .. ودُمر فيه ما دُمر والنتيجة خراب كبير ! ..
الجيش الحالي ( المصنوع ) في زمن الكيزان ومنهم لا مجال كي يعود جيشاً مهنياً يؤدي واجبه في دستور الدولة المدنية الديمُقراطية إلا بإصلاحه وتغيير جلده وعقيدته العسكرية ! ..

ليعلم العساكر أن الشعب يرفض حكمهم بالكلية ودون ذلك فنائه بالكلية عدا ( كيزان البلد ) ..
المستقبل لجيل الثورة وللمدنية والحرية والديمقراطية ..

المستقبل لكل المهنين في تنمية السودان وقبل ذلك يجب أن يتم إصلاح كامل المنظومة العسكرية والشرطية والأمنية لتؤدي دورها مع بقية المهنين لرفعة هذا البلد ونهوضه والنصر والعزة والكرامة والتجِلة للشعب السوداني السيّد المُعلم العظيم ..

نضال عبدالوهاب
[email protected]

تعليق واحد

  1. السياسية في السودان تشبه تمامآ السياسية في القرون الوسطي الذي في السلطة هو الشعب و ظل الله في الارض ام الاخر فهو الشيطان و العميل و عملية المدورة و ما علي الشعب الا المشاهدة و الجوع و المرض.
    الجميع يتحدث باسم الشعب و بطولاته و صبره و قوته و جميع يرفض الانتخابات الحرة النزيهة من نفس الشعب البطل القوي اي نفاق و كذب و تناقضا.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..