أخبار السياسة الدولية

هل ينجح صهر ترامب في رأب صدع العلاقات القطرية السعودية؟

يقوم جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، هذا الأسبوع بجولة في منطقة الخليج، ستقوده إلى كل من السعودية، حيث يلتقي ولي العهد محمد بن سلمان، وقطر التي سيقابل بها أمير البلاد تميم بن حمد آل ثاني. ويتوخى من هذه الزيارة في الدقائق الأخيرة من عمر ولاية ترامب رأب صدع العلاقات السعودية القطرية. وتحاول عبرها الإدارة الحالية تسجيل انتصارات دبلوماسية. فهل ينجح صهر ترامب في المهمة؟

هل تتجه أزمة العلاقات القطرية السعودية نحو الانفراج؟ ويدفع هذا الأمر تجاه تسوية الإشكالات العالقة بين الدوحة والرياض برغبة أكيدة من الطرفين في استئناف العلاقات الأخوية والدبلوماسية؟

زيارة صهر الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب ومستشاره، جاريد كوشنر، إلى المنطقة تحاول منح أفق جديد لهذه العلاقات المتأزمة منذ سنوات، حيث يلتقي لهذا الغرض ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد كل واحد على حدا.

ويعد كوشنر عراب إدارة ترامب في منطقة الخليج، خاصة في علاقة واشنطن بالرياض، وتربطه روابط متينة بولي العهد السعودي. وقد ساهم بشكل كبير في تطبيع العلاقات بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين ثم السودان.

ويعتقد مراقبون أن كوشنر سيعمل أيضا، خلال هذه الجولة، على دفع السعودية إلى الدخول في اتفاقات مع إسرائيل، وهذا من شأنه أن يدفع دولا عربية أخرى إلى السير على منوال الرياض. لكن لا يبدو أن المملكة مستعدة لذلك في الوقت الحاضر. وإن كانت إدارة ترامب نجحت في انتزاع موافقة سعودية لعبور الطائرات الإسرائيلية لأجواء أراضيها، حسب ما صرح به مسؤول أمريكي.

هل من مصلحة الرياض استئناف العلاقات مع الدوحة؟

لقد اندلع الخلاف بين قطر وثلاث دول خليجية أخرى هي السعودية والإمارات والبحرين، إضافة لمصر، منذ ثلاثة أعوام إذ قطعت هذه الدول في يونيو/حزيران 2017 علاقاتها مع الدوحة، متهمة إياها بـ “تمويل الإرهاب” ودعم إيران، وهي اتهامات طالما نفتها قطر.

وظلت الرياض ترفض تسوية العلاقات مع الدوحة إلا بشروط محددة، لخصها المندوب الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله المعلمي في “تراجع قطر عن مواقفها السابقة وعن دعمها للإرهابيين ومنحها المنصة الإعلامية للأحزاب المتطرفة وعن تدخلها في الشؤون الداخلية للدول العربية الأخرى”.
فرانس24

وقال المعلمي في مقابلة: “ليس بيننا وبين قطر خلاف مصيري أو وجودي، نحن شعب واحد وبلد واحد والإخوة القطريون امتداد للسعودية، والسعودية امتداد لهم، لا يوجد مبرر لقطيعة دائمة في هذا الشأن، ولكن سلوك القيادة القطرية والحكومة القطرية في الوقت الحاضر هو الذي يقف حجر عثرة أمام مثل هذه المصالحة”.

لكن المملكة تحاول اليوم أن تغير من مقاربتها في سياستها الخارجية حتى لا تفقد حليفا استراتيجيا ومهما كالولايات المتحدة مع وصول جو بايدن إلى الرئاسة. و”إنهاء الصراع مع قطر صفقة بأقل تكلفة” تصب في مصلحتها، حسب تصريح الباحث في “معهد دول الخليج” حسين إيبش لصحيفة “لوريون لو جور” اللبنانية، لا سيما وأن المملكة مطالبة، برأي مراقبين، بأن تظهر كفاعل إيجابي إزاء الملفات الساخنة في المنطقة.

“المملكة تجد مصلحتها في تسوية الأزمة الخليجية لإظهار حسن النية، وعلى أنه بإمكانها أن تتخذ إجراءات مهمة ضمن تحضير الأرضية للتعاطي مع إدارة بايدن المقبلة”، حسب صحافي فرانس24 المختص في الشؤون الدولية وسيم الأحمر، علما أن هذه الإدارة “سيكون لها مقاربة مختلفة للعلاقات مع السعودية، إذ سيكون ملف حقوق الإنسان في قلبها”.

إدارة ترامب تسابق الزمن لنيل مكاسب دبلوماسية

وتسابق إدارة ترامب الزمن قبل تسليمها السلطة في 20 يناير/كانون الثاني 2021، لأجل تسجيل انتصارات دبلوماسية في الدقائق الأخيرة من عمر الولاية. ويرى مراقبون، أن هذه الإدارة التي اعتمدت مقاربة لعزل إيران (رغم الاتفاق النووي المبرم في 2015) والفلسطينيين (بعقد صفقة القرن)، تحاول اليوم تعزيز مكاسب سياستها الخارجية بأسرع وقت قبل نقل السلطة لبايدن، لأن ترامب يدرك أن إعادة بناء التكتل الخليجي حلقة مهمة في ذلك.

وتأتي زيارة جاريد كوشنر إلى الخليج في أعقاب مقتل العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده الجمعة في طهران. ووضعت هذه العملية المنطقة مجددا على صفيح ساخن، سارعت السعودية للتبرؤ منها عبر التنديد. فيما يحاول الجانب الأمريكي استثمار هذا الحدث وممارسة المزيد من الضغط في تجاه “تشكيل جبهة خليجية” أمام أي تهديد من طهران، طبقا لقراءة وسيم الأحمر.

ويحاول ترامب في الأنفاس الأخيرة من عهدته تعزيز مكاسبه السياسية في الداخل والدبلوماسية في الخارج، للتحضير لعودة محتملة للسباق الرئاسي المقبل. فالكثير من المراقبين يرون أنه سيبقى في قلب الحياة السياسية الأمريكية بعد مغادرة البيت الأبيض، وأنه سيسعى للترشح في 2024. فخسارته في السباق الرئاسي لم يتجرعها حتى الآن، وبالنظر لطبيعة شخصيته، سيظل متمسكا بأمل الرجوع يوما إلى البيت الأبيض.

والتحام الأسرة الخليجية من جديد بفضل وساطة ترامب والمقربين منه تنظر له الإدارة الحالية انتصارا ثمينا، سيعزز رصيدها من المكاسب في السياسة الخارجية الأمريكية منذ تولي الثري الجمهوري الرئاسة. فهل سينجح كوشنر في هذه المهمة أم أن الضغط الأمريكي لوحده لا يكفي في تسوية الأزمة الخليجية؟ ومن المفروض أن تحل في إطار إقليمي وعربي كما دعت إليه ألمانيا، لا سيما وأن الكويت بادرت بالوساطة بين السعودية وقطر.

 

بوعلام غبشي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..